بين كل فترة وأخرى يثير رجل الأعمال الأمريكي الذي يتنافس على مركز المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري الجدل من خلال تصريحات تسبب الصدمة للكثيرين.

وقد أثار تصريحه الأخير حول عدم السماح للمسلمين بدخول الولايات المتحدة "لحين اتضاح الوضع" استنكارا من شخصيات محافظة مثل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ومن أحزاب يمينية مثل "حزب استقلال المملكة المتحدة"، وحتى في أوساط الحزب الجمهوري الأمريكي نفسه.

وانتشرت أخبار في الأسابيع الأخيرة عن أن بعض كبار الشخصيات في الحزب الجمهوري تشعر بقلق متزايد حول "الضرر الذي يتسبب به ترمب لفرص الحزب على المدى البعيد".

ومع تصريحه الأخير حول حظر دخول المسلمين وصل القلق في الحزب درجة "الهلع"، وقد أدان تصريحاته كل المتنافسين على حق الترشح للرئاسة عن الحزب، بالإضافة لشخصيات مثل ديك تشيني نائب الرئيس السابق، وبول رايان رئيس مجلس النواب.

ولكن، وبالرغم من تصريحاته المثيرة للجدل بين الفترة والأخرى إلا أنه احتفظ بشعبيته ثابتة بينما اتسمت شعبية منافسيه بالتذبذب صعودا وهبوطا.

وكان ترمب قد أثار استياء في وقت سابق بتصريحات عن ترحيل المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين بشكل جماعي واتهامه المكسيك بإرسال "المغتصبين ومروجي المخدرات" عبر الحدود.

ويعود قلق الحزب الجمهوري من هذه التصريحات إلى أنه توصل من خلال دراسات وتحليل للفئات الأمريكية التي انتخبت الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عامي 2008 و 2012 أن أوباما حصد 80 في المئة من أصوات الأقليات.

وانطلاقا من هذه الحقيقة اصبح الحزب يفكر بأنه لا يستغني عن أصوات الأقليات إذا أراد وصول مرشحه إلى الرئاسة، ولذلك فإن إثارة غضبهم بين الفترة والأخرى بتصريحات من ترمب لن تكون في صالح الحزب.

"نزعة الاستعراض" في الأعمال والسياسة

ولد دونالد ترمب عام 1946 لرجل أعمال نيويوركي ينشط في مجال العقارات، والتحق بجامعة بنسلفانيا قسم الاقتصاد عام 1964، ثم التحق بشركة والده عام 1968 بعد تخرجه، ليصبح مديرها عام 1971.

وكان ترمب قد أبدى اهتماما بالترشح للرئاسة عام 2012 ثم عاد وغير رأيه.

وعرف عن ترمب في نشاطاته الاستثمارية أنه كان يستخدم إسم "ترمب" في الكثير منها، مما عزاه البعض إلى نزعة استعراضية، لكن البعض يربط الآن بينه وبين تصريحاته الحالية التي تعتمد على نفس التكتيك، وهو تركيز الأضواء على شخصيته واسمه.

ويرى البعض أنه حاز على حق الترشح للرئاسة عن حزبه وتفوق على منافسيه من خلال تصريحات كهذه، لكن تصريحه الأخير عن المسلمين يبدو مختلفا عن تصريحاته السابقة ، ويتضح هذا من ردود الافعال المستنكرة والمنتقدة من داخل حزبه.

لكن هل يا ترى ستكون تصريحات كهذه هي التي يعتمدها الناخب الأمريكي أساسا حين يقرر لمن يدلي بصوته ؟

هناك ظاهرة تسترعي الانتباه: ففي كل مرة رأى معلقون سياسيون أن ترمب ذهب بعيدا في تصريحاته السياسية، جاء الجواب من استطلاعات الرأي ليظهر صعود شعبيتة، كما تقول كاتي كاي، من بي بي سي.

حرية الرأي وخطاب الكراهية

يحق لترمب، وفقا للدستور الأمريكي الإدلاء بتصريحات قد يعتبرها البعض "غير مقبولة" أو "تحريضية"، وهو لم يخالف الدستور في أي من تصريحاته السابقة التي أثارت جدلا، وإن كان أي سياسي أوروبي لن يستطيع الإدلاء بمثلها دون الخوف من انتهاك أحد القوانين المتعلقة "بالتحريض على الكراهية".

ويمكن رصد هذا في ردود الفعل الأوروبية، والبريطانية على وجه الخصوص، حيث انطلقت حملة لجمع التوقيعات من أجل منع ترمب من دخول بريطانيا.

يختلف الحل الأمريكي في معالجة موضوع "بث الكراهية العنصرية" عن الحل الأوروبي، من حيث أن القوانين الأمريكية تتيح الحديث لكنها تشدد العقوبة في حال ارتكاب أي عمل عدواني قائم على الكراهية العنصرية.

ويعكس هذا الاختلاف في التعامل مع الظاهرة صعوبة تعريف الخط الفاصل بين حرية التعبير ونشر الكراهية.

وهذا يجعل تصنيف خطاب ترمب في الولايات المتحدة مختلفا عنه في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم.