كارلسروهه: وعدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاثنين امام مندوبي حزبها بخفض تدفق اللاجئين "بشكل ملموس"، من دون اقفال الباب امام الفئات الاضعف من المهاجرين في العالم.

وبعد اسابيع من الخلافات الداخلية بسبب وصول ما يقدر بنحو مليون طالب لجوء الى المانيا هذا العام، يبدو ان ميركل تمكنت من الحصول على تأييد مندوبي حزبها، حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، لخطها الوسطي، الذي يدعو الى فتح الابواب امام اللاجئين، ولكن بحدود واضحة.

وقوبلت ميركل بالتصفيق الحاد عندما كررت القول "سنتمكن من ذلك" خلال خطابها الحماسي، الذي استمر لمدة ساعة، توج بوقوف المشاركين في مؤتمر الحزب، وعددهم الف للتصفيق لها. وخاطبت ميركل الحس التاريخي للحزب، وقالت ان القوة التي مكنت البلاد "من اعادة البناء من انقاض الحرب لخلق معجزة اقتصادية، والانتقال من حالة الانقسام الى الوحدة" ستمكن المانيا من اجتياز ازمة اللاجئين.&

وحتى في مواجهة مطالب التيار اليميني في الحزب لوضع سقف عال للقادمين الى المانيا، اكدت ميركل ان بلادها لن تغلق حدودها مطلقا. وقالت "نريد ان نخفض اعداد اللاجئين الواصلين بشكل ملموس". وقالت "من خلال تبني نهج يركز على المستوى الالماني والاوروبي والعالمي، سننجح في تنظيم الهجرة والحد منها".

الا انها قالت ان على المانيا "واجبا اخلاقيا وسياسيا" بوصفها القوة الاقتصادية الاكبر في اوروبا لمواصلة مساعدة اليائسين في العالم، خاصة القادمين من سوريا التي تمزقها الحرب. واضافت "سنتحمل مسؤولياتنا الانسانية". واعتبر مؤتمر الحزب الذي انعقد في مدينة كارلسروهه (جنوب غرب) كاحد اهم المحطات في ولاية ميركل.

وبعد اسابيع من الجدل الداخلي، سعى الاتحاد المسيحي الديموقراطي الى اظهار وحدته قبل انتخابات المقاطعات الثلاث الرئيسية في البلاد، والتي ستجري في اذار/مارس، والقرار الذي سيتخذ في العام المقبل حول ما اذا كانت ميركل ستترشح لفترة رابعة في الانتخابات العامة في 2017.

قلب كبير ولا استراتيجية
وقبل انعقاد قمة الاتحاد الاوروبي هذا الاسبوع، قالت ميركل انها تراهن على مقاربة متعددة لخفض اعداد اللاجئين، ودعت الى تعزيز حماية الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي ودعم تركيا ومساعدتها على ايواء اللاجئين على المدى الطويل، ومحاولة تطبيق برنامج توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الاوروبي.

كما كانت وراء مجموعة من الاجراءات، التي تطبق حاليا في المانيا، ومن بينها توسيع قائمة الدول الامنة وتسريع ترحيل طالبي اللجوء، الذين ترفض طلباتهم، وزيادة اعداد الموظفين المسؤولين عن معالجة طلبات اللجوء. وتعتبر ميركل اكثر زعماء اوروبا نفوذا، واختارتها مجلة "تايم" شخصية العام 2015 في الاسبوع الماضي، وصحيفة فاينانشال تايمز الاثنين.

الا ان سياسة الباب المفتوح التي تتبعها امام اللاجئين عرّضتها لانتقادات داخل بلادها وفي العديد من الدول الاوروبية، حيث اتهمها المنتقدون بأن لها قلبًا كبيرًا، ولكن ليست لديها استراتيجية واضحة. وكسبت المستشارة معركة مع التيار اليميني في حزبها قبل المؤتمر بنسف محاولته لوضع سقف لعدد طالبي اللجوء الذين يمكن لالمانيا ان تقبلهم.

ووصفت ميركل هذا الاقتراح بانه غير اخلاقي وغير دستوري. وبدلا من ذلك يدعو النص، الذي تم التوصل اليه عبر تسوية، والمقرر ان تتم المصادقة عليه الاثنين، الى "خفض ملموس في اعداد طالبي اللجوء". واقر المؤتمر في ختام اعماله مساء الاثنين مذكرة بغالبية ساحقة تدعو الى عمل اوروبي مشترك، خصوصًا على الحدود بين تركيا واليونان، حيث المدخل الرئيس للاجئين الى اوروبا. ولم تحدد المذكرة اي عدد للاجئين يعتبر كحد اقصى يمكن استقباله.

والمانيا مقسمة بشان مسالة اللاجئين، حيث اظهر استطلاع نشر الجمعة ان 49% من الالمان يعارضون موقف ميركل، بينما يؤيده 47%. وشاع القلق في صفوف الاتحاد المسيحي الديموقراطي بعدما تعزز موقف حزب "البديل لاجل المانيا" اليميني بسبب الاستياء من سياسة ميركل بشان اللاجئين، وحصل ذلك الحزب على نسبة 10% في بعض الاستطلاعات.

وكتبت مجلة دير شبيغل الاسبوعية في تقريرتحت عنوان "الشعب القلق" ان "العديد من الناخبين التقليديين يشعرون انهم مشردون".& الا ان الاتحاد المسيحي الديموقراطي استعاد مكانته في الاستطلاعات، بعد انخفاض كبير في الخريف، حيث حصل حاليا على قرابة 39% اي اقل بـ2.5 نقطة مقارنة مع الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات العامة في 2013.

اما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الذي خرج من الحكم منذ 2005، فهو يحصل على نسبة تقارب 24%. كما انه لا يوجد منافس واضح لميركل داخل حزبها، حتى ان منتقديها داخل الحزب يقرّون بانها اقوى عنصر في الحزب يكسبه التاييد في الاستطلاعات.

&