حصلت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل على الثناء في مختلف انحاء العالم بفضل سياستها إزاء اللاجئين، وأسمتها مجلة التايم وصحيفة فاينانشال تايمز شخصية العام، ولكن المستشارة اكدت اليوم بأن تعدد الثقافات ضرب من الوهم.
&
تحدثت ميركل اليوم امام حشد كبير من مؤيديها في اجتماع ضم اعضاء حزبها، الذين صفقوا لها طويلاً، حتى انها اضطرت الى التدخل بنفسها لجعلهم يتوقفون.&
&
ومع ذلك، فإن الكلمة التي ألقتها بعد هذه التحية الكبرى صدمت مؤيدي سياستها، إذ قالت إن "تعدد الثقافات&لا يزال ضربًا من الوهم"، قبل ان تضيف بالقول إن المانيا ربما وصلت حدها النهائي بالنسبة لاستقبال اللاجئين، ثم قالت "التحدي هائل ونريد ان نقلل من عدد اللاجئين بشكل كبير".
&
تناقض
&
قد تبدو هذه الملاحظات مناقضة لمواقف ميركل وشخصيتها، ولكن الامر ليس كذلك، فما قالته ميركل في هذا الاجتماع إنما هو تكرار لفكرة سبق أن عبّرت عنها قبل عدة سنوات (في عام 2010)، عندما قالت إن تعدد الثقافات في المانيا "فشل فشلاً ذريعًا".&
&
وما قصدته ميركل في ذلك الوقت هو ان وجود ثقافات متعددة تعيش إحداها الى جانب الأخرى في حالة من الود والارتياح أمر فاشل في نهاية الامر. &
&
كررت اقوالها
&
عندما اعادت ميركل تكرار هذه الافكار يوم الاثنين في اجتماع حزبها فإنها ارادت بذلك تهدئة مؤيديها الذين بدأوا يشعرون بالقلق من تدفق اللاجئين. وما ارادت ميركل قوله في الواقع وما عنته بعبارة "تعدد الثقافات ضرب من الوهم" هو أن على القادمين الجدد أن يندمجوا بشكل كامل في المجتمع وان يستوعبوا القيم والثقافة الالمانية، وأن يحتضنوها وان يحترموا قوانين الدولة التي يعيشون فيها.&
&
ما شرحته ميركل في الواقع هو مفهومها لتعبير "احتواء اللاجئين"، وهو ما يؤكد عليه كثيرون في المانيا ممن يتوقعون من المهاجرين تعلم اللغة الالمانية على وجه السرعة والمساهمة في المجتمع والاندماج في سوق العمل. &
&
فشل الاحتواء
&
وعادة ما يرمز تعبير تعدد الثقافات لمفهوم ايجابي بشكل عام لانه يعني التنوع والاختلاف، ولكن هذا التعبير يرمز بالنسبة لميركل، الى ظهور مجتمعات معزولة ولكنها تقيم داخل المانيا، الامر الذي يعني في النهاية فشل سياسة احتواء المهاجرين. &
&
يعني هذا ايضا ان ميركل ترفض نشوء ضواحي واحياء هامشية تحيط بالمدن الكبرى يعيش فيها مهاجرون شباب في عزلة تامة عن بقية المجتمع الالماني، وهو واقع الحال في باريس مثلاً.
&
ومع ذلك جاءت كلمة ميركل في وقت حساس لأن المانيا فتحت حدودها امام حوالى مليون لاجئ هذا العام، اغلبهم&لا يزالون يقيمون في منازل موقتة. وقد وقعت مشاكل ونزاعات في العديد من مراكز الاستقبال وهو ما خلق مخاوف من عجز البلد عن التعامل مع هذا التدفق الضخم، كما نشأت نزاعات اخرى اثارت توترات داخل الاوساط السياسية المحلية نفسها.&
&
وذكّرت صحيفة واشنطن بوست بأن حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي الالماني كان قد اقترح العام الماضي أن على كل شخص يقيم في المانيا التحدث بالالمانية "في الاماكن العامة وفي داخل منازلهم مع اسرهم" غير ان رد الفعل العام الرافض لهذا المقترح اجبر الحزب على سحبه.
&
رد فعل مختلف&
&
مقارنة بعام 2010، عندما عبرت ميركل للمرة الاولى&عن انتقادها تعدد الثقافات لم يصدر رد فعل كبير الاثنين ولم يعبر احد عن استيائه او رفضه، بل اجابها الحضور بتصفيق حاد تواصل لتسع دقائق متتالية، ومن جديد اضطرت ميركل الى التدخل لجعله يتوقف، وقالت "شكرًا لكم، ولكن لدينا مهام يجب انجازها".