يبدو أن العد التنازلي لعمليات تحرير مدينة الموصل العراقية الشمالية من سيطرة "داعش" قد بدأ فعلًا، حيث أعلن زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر اليوم إنهاء تجميد سراياه المسلحة ووضعها تحت تصرف الجيش للمشاركة في العمليات.. بينما دعا النجيفي سكان الموصل إلى التطوع لتحرير مدينتهم، رافضًا مشاركة ميليشيات وأمراء حرب فيها، وإنما قوات حكومية ترفع علم العراق وحده.
أسامة مهدي: أمر&زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الأحد إنهاء تجميد سرايا السلام القتالية التابعة له، والاستعداد للاشتراك في معارك تحرير مدينة الموصل. وقال الصدر إن اشتراك سرايا السلام سيكون بالتنسيق مع الجيش والحكومة والحشد الشعبي، وفقًا لما ترتضيه المرجعية والشعب.. مؤكدًا أن اشتراك السرايا في تحرير الموصل "سيقلل من التصاعد الطائفي والاحتقان ضد السنة غير الدواعش، خصوصًا بعد التصرفات الوقحة من بعض الميليشيات التي تسيء إلى سمعة الإسلام والمذهب& الشيعي"، بحسب قوله.
عودة الصدر
ويقضي قرار الصدر رفع التجميد عن سرايا السلام المسلحة، التي شاركت خلال الأشهر الماضية في عمليات مواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد)، لكنه قرر في السابع عشر من الشهر الماضي تجميد عمل هذه السرايا ولواء اليوم الموعود القتالية التابعة له إلى أجل غير مسمى بسبب الانتقادات الواسعة لممارسات عناصر في ميليشيات مسلحة وارتكابهم لجرائم قتل واختطاف طائفية.
وقال مقتدى الصدر في بيان، إطلعت على نصه "إيلاف"، إنه "صار لزامًا علينا بعد قرار الحكومة العراقية بالتحشيد لتحرير محافظة الموصل الحبيبة، وبعد تراخي أهاليها من تحريرها، والرضوخ النسبي لشذاذ الآفاق، صار لزامًا علينا إعطاء الأمر لمسؤول سرايا السلام بالعمل على التنسيق مع الجيش العراقي والحكومة العراقية على إنهاء التجميد والعمل على التحشيد الشعبي، وفقًا لما يرضي الله والمرجعية والشعب المظلوم".
وشدد الصدر على أن "اشتراك السرايا سيقلل من حدة التصاعد الطائفي وقلة الاحتقان ضد السنة غير الدواعش (لعنهم الله) وخاصة بعد التصرفات من بعض الميليشيات الوقحة التي تسيء إلى سمعة الإسلام والمذهب".. وزاد بالقول: "على الإخوة المجاهدين في السرايا البقاء على التجميد إلى حين الانتهاء من التحضيرات وعدم التدخل في الأمور السياسية والعمل المدني وعدم مسك الأرض، بل تحريرها فحسب".
وأكد الصدر مطالبته "بعدم التدخل الأميركي في الحرب" الجارية حاليًا في مناطق عراقية ضد تنظيم "داعش".. مشددًا بالقول: "نحن قادرون على إنهاء داعش بفضل الله وعونه". وتعتبر الموصل ثاني كبرى مدن العراق بعد العاصمة بغداد وعاصمة محافظة نينوى الشمالية، وتبعد 340 كلم عن العاصمة، وكان تعداد سكانها حوالى مليوني نسمة عندما سيطر عليها تنظيم "داعش" في حزيران (يونيو) عام 2014.
النجيفي يدعو الموصليين إلى التطوع لتحرير مدينتهم
من جانبه، دعا نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي سكان الموصل إلى التطوع لتحرير مدينتهم، مشددًا على رفض مشاركة أي ميليشيات أو أمراء حرب في العمليات، مطالبًا بقوات أمنية ترفع علم العراق وحده.
وخلال تفقده لمعسكر الحشد الوطني للمتطوعين التابع لمحافظة نينوى ومعسكر تحرير نينوى، أكد النجيفي في كلمه له أن النصر قادم لا محالة، وداعش منهزمة.. وقال: "علينا أن لا نغفل عن الاستعداد الكامل وتحشيد كل جهد كي نحرر أرض الموصل الطاهرة، ونطرد الإرهابيين المجرمين، الذين شرّدوا أهلنا، ودمروا مساجدنا، واعتدوا على إخواننا الأيزيديين والمسيحيين، وعاثوا فسادًا وتدميرًا لشواهدنا الدينية والحضارية وآثارنا، التي تختزن مسيرة الإنسان وتاريخه على المستوى العالمي".
ودعا أهالي محافظة نينوى وعاصمتها الموصل إلى الانضمام والتطوع في صفوف المقاتلين.. وقال: "لا عذر لأي متخاذل عن هذه المهمة الوطنية، لأن المقاتلين اليوم هم القدوة لشباب الموصل، وسنتقدم معًا لتحرير كل شبر من أراضينا، ولا بد من عقاب كل من امتدت يده لطاهرة عراقية، وكل من تسبب في النزوح والتهجير، والتاريخ سيكتب بحروف من ذهب وقفتكم وعزمكم على طرد الاٍرهاب".
أضاف قائلًا: "إننا نعيش أيامًا تختبر فيها الرجولة ويظهر معدن الرجال في صلابتهم وإحساسهم بالكرامة والرد على من اغتصب أرضنا وديارنا، وأساء إلى سماحة ديننا الحنيف، حيث سنعمل ساعة بساعة من أجل استكمال كل ما تحتاجه المعركة من تجهيزات وسلاح، والخطة تتكامل يومًا بعد آخر".
جوانب موازية
وخلال اجتماعه مع مجلس محافظة نينوى في مدينة دهوك، قال النجيفي "إن واجبنا اليوم أن نعمل من أجل استحضارات المعركة، ونحقق العزم على النصر القريب، ومعاقبة المجرمين من داعش ومن تعاون معهم". وشدد على أن الاستعداد للمعركة لا يعني جانبها العسكري على أهميته الكبيرة، بل الجوانب الأخرى الإدارية والتنظيمية والصحية وكل ما يتعلق بالبنية التحتية. ودعا الحاضرين إلى دعم معسكرات التحرير وتحشيد كل الطاقات... وأشار إلى أنه ينبغي أن تكون القوات المحررة تمثل جميع المكونات، وأن لا تكون من طيف واحد أو قومية واحدة.
وشدد النجيفي بالقول: "لا نريد أمراء حرب أو ميليشيات، بل قوات تنتظم تحت علم الدولة العراقية، ولا بد من حماية أهلنا، الذين هم أسرى لدى داعش".. وقال: "علينا الاستعداد لظروف الطوارئ والتهيؤ لحالات نزوح، وأن تكون لنا القدرة على إعادة بناء البنية التحية".
وتحظى الموصل كبرى مدن شمال العراق وأولى المناطق التي سقطت في يد تنظيم "داعش" في حزيران الماضي برمزية بالغة في قلب "الخلافة" التي أعلن التنظيم إقامتها في مناطق سيطرته في سوريا والعراق. وشهدت المدينة الظهور العلني الأول للخليفة إبراهيم زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وسقطت المدينة في يد التنظيم من دون قتال يذكر بعد انهيار قطعات الجيش وترك الضباط والجنود أسلحتهم الثقيلة ومواقعهم صيدًا سهلاً لمقاتلي التنظيم.
صيف حار
وفي الأسبوع الماضي، كشف مسؤول في القيادة الوسطى للجيش الأميركي عن رغبة بلاده في شن القوات العراقية هذه العملية في نيسان (إبريل) أو أيار (مايو) المقبلين. وعلل هذا المدى الزمني باستباق حلول شهر رمضان في حزيران (يونيو) المقبل، وبدء فصل الصيف الشديد الحرارة في العراق، معتبرًا أنه بعد ذلك ستكون هناك صعوبة في شن الهجوم.
ولاقت هذه التصريحات انتقادات وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، الذي شدد في مؤتمر صحافي الاثنين الماضي على أن معركة الموصل ستكون عراقية صرفة، توقيتًا وتخطيطًا وتنفيذًا.. وقال إن "المسؤول العسكري من المفترض ألا يكشف عن موعد الهجوم".. معتبرًا الأمر من أسرار العسكريين.
وفي حين يؤكد مسؤولون عراقيون رغبتهم في استعادة الموصل، يشددون على أن قواتهم ما زالت في حاجة إلى تدريب وتسليح قبل تنفيذ ذلك. ويقول عسكريون إن معركة الموصل تتطلب بين 20 و25 ألف جندي عراقي في مواجهة ما بين ألف وألفي عنصر من التنظيم، تقدر واشنطن أنهم يمسكون بالمدينة، لكن تقارير أشارت إلى أن "داعش" استقدم أخيرًا حوالى ثلاثة عناصر آخرين من تشكيلاته في سوريا.
ويتواجد حاليًا في العراق مئات الجنود الأميركيين، غالبيتهم يقدمون استشارات وتدريبًا للقوات العراقية والكردية، كما أرسلت دول أخرى من التحالف، بينها فرنسا وكندا وأستراليا، مدربين، إلا أن هذه الدول أكدت أكثر من مرة أن جنودها لن يشاركوا في أي مهمات قتالية.&&
&
التعليقات