يقول خبراء إن علي عبدالله صالح يحاول استحضار النموذج السوري في التوريث السياسي، لذا كان يهيئ ابنه أحمد بشكل خفي ليكون رئيسًا، وعاد اليوم إلى هذه النغمة، مستفيدًا من حالة الارباك في البلاد.

الرياض: لا يغادر الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح فرصة إلا وينتهزها ليعود، بنفسه أو من خلال نجله أحمد علي صالح، إلى الساحة السياسية اليمنية، وذلك من خلال مواقف يطلقها متناولًا وضع اليمن اليوم والصراع المستعر على أكثر من جبهة سياسية، ما ينذر بعودة اليمن إلى دوامة العنف المذهبي، خصوصًا أنه مستمر في تحالفه مع الحوثيين، وفي مطابقة مواقفه مع مواقفهم، إن في جولات حوار جمال بن عمر، المبعوث الأممي، أو في الموقف من نقل الحوار إلى الرياض، إذ يتكامل الطرفان في رفض المشاركة في هذا الحوار، الذي يحتضنه مجلس التعاون الخليجي.

صالح الابن

وكان صالح في الآونة الأخيرة شن هجومًا عنيفًا على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي كان نائبه في الرئاسة اليمنية وفي رئاسة حزب المؤتمر الشعبي، مؤكدًا أن هادي سيلقى مصير قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، الذي شاركهم في قيام الوحدة اليمنية في 22 أيار (مايو) 1990، ثم خاصمهم في 27 نيسان (أبريل) 1994، وشن حربه عليهم متحالفًا مع حزب التجمع اليمني للإصلاح.

اليوم، صالح شريك في الحوار اليمني، حتى اللحظة، على تردد حتى تطابقت مواقفه مع مواقف الحوثيين بشأن مكان الحوار اليمني ومآله. ومن حيث لم يدر اليمنيون، والحوثيون أيضًا، أخرج صالح أنصاره في اليمن، يتظاهرون مطالبين بنجله للرئاسة، لأنه منقذ اليمن برأيهم، رغم أنه لم يلعب دورًا سياسيًا فاعلًا في الساحة اليمنية، إلا عضوية البرلمان.

تهيئة خفية

والعميد الركن أحمد علي عبد الله صالح مولود في 1972، وهو سفير اليمن لدى الإمارات حاليًا، والقائد السابق لقوات الحرس الجمهوري سابقًا، أي القوات الخاصة اليوم، بين آذار (مارس) 2004 وكانون الأول (ديسمبر) 2012، عندما جرت عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية في ضوء المبادرة الخليجية.

خلال فترة حكم صالح الأب، لم يقدّم الجهاز السياسي أو الإعلامي صالح الابن بصورة رسمية على أنه رئيس مستقبلي لليمن... حتى الثلاثاء الماضي. فالتوريث السياسي والرئاسي في اليمن كان دائمًا مثار رفض شعبي عارم. لكن "الشرق الأوسط" نسبت إلى مراقبين قولهم إن صالح "كان يمهد الطريق لنجله من خلال جملة من الإجراءات والملفات التي كان يمسك بها، كالتعيينات والإشراف شبه الكامل على الجيش وغير ذلك، وذلك المشروع سقط بالثورة الشعبية التي أطاحت بصالح في 2011، والتي اضطر على أثرها إلى تسليم السلطة لهادي، وفقًا للمبادرة الخليجية".

من حقه

وتنقل الصحيفة عن محللين سياسيين تأكيدهم أن الهدف من تظاهرات صالح "هو خلط الأوراق في الساحة اليمنية، التي تشهد ارتباكًا بعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، ومحاولة لتقديم أحمد علي كلاعب أساسي في المرحلة المقبلة ليؤخذ به في الاعتبار عند أي تسوية سياسية مقبلة تتفق عليها القوى اليمنية برعاية إقليمية ودولية، فصالح سبق له أن طرح عندما سئل عن التوريث أن نجله أحمد مواطن يمني ومن حقه أن يترشح".

علي الجرادي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، يقول للصحيفة: "نرحب بأي نشاط سلمي لكل القوى السياسية في البلد، لأنها تخفف دائرة العنف والاحتراب التي تسهم فيها القوى غير المدنية، وصندوق الانتخابات هو الخيار الآمن والمعيار الشعبي تجاه أي حزب أو شخص وللقبول به".

يضيف: "تظاهرة حزب المؤتمر الشعبي الأخيرة محاولة لعودة الحزب إلى العمل الجماهيري، بعد شبح التقسيم الذي يتجاذبه في هذه الفترة، ومحاولة لاستعادة بعض قيادات المؤتمر المتوسطة التي انخرطت في جماعة الحوثي، فالمؤتمر الشعبي يعاني حاليًا حالةً من الانقسام بين صالح وهادي، والجنوبيون من قيادات وأعضاء الحزب أعلنوا ولاءهم لهادي واعتبروه نائب رئيس الحزب تنظيميا وشرعيا، رغم إقالته من قبل صالح وقيادة الحزب".

شبه انقلاب

وبحسب "الشرق الأوسط"، أحمد صالح لا يمسك بأوراق سياسية خاصة به ليلعبها، وليكون اللاعب الأساسي في المشهد اليمني، كما يقول سياسيون يمنيون، ورقته الوحيدة هي أن يقوم بحركة شبه انقلابية في الجيش، فيعلن نفسه قائدًا عسكريًا لديه قوة عسكرية ضاربة كالحرس الجمهوري، فيكون حينها جزءًا من المعادلة اليمنية.

ويشير المراقبون إلى أن القوات الخاصة، التي كان يقودها أحمد علي صالح كانت تحظى بكل الإمكانيات وبأحدث التسليح والتدريبات، وما زالت تحافظ على مكانتها، وما زالت تأتمر بأمر صالح ونجله، أكثر من قادتها المعينين رسميًا.