تدور في أفق المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وخاصة في جولتها الأخيرة في سويسرا في الأسبوع الماضي، قضية أساسية وحسّاسة، وهي العقوبات، التي تفرضها الأمم المتحدة على طهران. ويبدي الغرب جاهزية لرفع جزء من هذه العقوبات فقط وبشكل تدريجي إذا وافقت طهران على تقليص برنامجها النووي.


إيلاف - متابعة: بحسب مفاوضين وخبراء، فإن عقوبات الأمم المتحدة تحوّلت عقبة أساسية في طريق سعي إيران ومجموعة 5+1 إلى التوصل إلى اتفاق سياسي بحلول 31 آذار/مارس الحالي. ولا يقتصر الأمر على خلافات بين إيران ومفاوضيها، بل يتعداه الى خلاف في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وفرنسا، التي طالما كانت قلقة من اتفاق سهل مع ايران. وقال مفاوض اوروبي إن المرشد الأعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامنئي يمارس "الكثير من الضغوط" على فريقه لرفع عقوبات الامم المتحدة "منذ اليوم الاول" في أي اتفاق.

وروى المفاوض أنه خلال جولة المباحثات، التي استمرت خمسة ايام في لوزان، وانتهت الجمعة، "قالوا (الايرانيون) إن المسألة تشكل نقطة فاصلة في التوصل الى اتفاق".
وبعد الثورة الاسلامية في ايران، بدأت الولايات المتحدة في الثمانينات بفرض عقوبات على ايران، بتهمة انتهاك حقوق الانسان ودعم "الإرهاب". اما الامم المتحدة فدخلت على الخط عينه، بعد ظهور مسألة احتمال سعي ايران الى حيازة السلاح النووي في 2002-2003، وبدأت بفرض العقوبات في العام 2006.

رفع مشروط
تركز العقوبات على منع ايران من الحصول على المواد والتقنيات الاساسية، التي من الممكن استخدامها في برامجها النووية وانظمتها الصاروخية. ومنذ العام 2010 بدأت العقوبات احادية الجانب من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول أخرى بالتضييق على صادرات الغاز في ايران وعزل مصارفها عن النظام المالي العالمي.

ويقول مسؤولون غربيون إنهم جاهزون فقط لتعليق، وليس رفع جزء من العقوبات الاوروبية والاميركية، وبشكل تدريجي، اذا وافقت ايران على تقليص برنامجها النووي. يشرح تحليل لمجموعة الازمات الدولية أنه "بالنظر الى إلمام طهران الطبيعي (بالقطاع النووي)، فإن المجموعة (5+1) تجادل بأنها (ايران) لن تفقد قوتها، وسيكون بامكانها استئناف برنامجها... وبسرعة".

وبالتالي، يعتقد مسؤولون اميركيون أن رفع العقوبات سيرتبط باجراءات بعضها وسيتطلب وقتًا لتنفيذه، والتأكد منه مثل تفكيك بعض المنشآت النووية. الى ذلك، فإن الضغوط التي يمارسها الجمهوريون ضد أي اتفاق مع ايران، تجعل من الصعب على الرئيس باراك اوباما الموافقة على تعليق الكثير من العقوبات. ويقول المسؤول الاوروبي إن تعليق العقوبات الاوروبية والاميركية سيمنح ايران خلال ستة اشهر أو سنة "انفراجاً كبيراً".

الكلمة للمراقبين
وبالرغم من أن عقوبات الامم المتحدة تؤثر بشكل اقل على الاقتصاد الايراني، الا أن طهران تصر على التخلص منها، وتصفها بأنها غير شرعية ومهينة. لكن تعليق عقوبات الامم المتحدة يبقى امرًا صعبًا، لكونها تعتمد على مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين يقولون إنهم لا يستطيعون ضمان سلمية البرنامج النووي الايراني بالكامل.

ويقول كيلسي دافنبورت من جمعية مراقبة الاسلحة لوكالة فرانس برس إن "رفع عقوبات الامم المتحدة في وقت مبكر يجازف بجعل برنامج ايران النووي شرعيًا، فيما لا تزال تدور شكوك بارزة حول (...) انشطتها السابقة".

وتظهر فرنسا على أنها المعارض الاكبر لرفع العقوبات عن ايران بعيدًا عن بعض الاجراءات ضيقة النطاق. وبحسب المسؤول الاوروبي، فإن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اتصل بفريقه المفاوض في لوزان ليطلب منه الاصرار على موقف باريس.

ويشير مسؤولون اميركيون الى انهم يدرسون احتمال رفع العقوبات على مراحل بشرط القدرة على اعادة فرضها وبسرعة ومن دون المرور بتصويت في مجلس الامن الدولي.
ويخلص دافينبورت الى أن "المفاوضين بحاجة الى ايجاد طريقة مبتكرة لحل المشكلة"، مشيرًا الى "قرار جديد (من الامم المتحدة) يصادق على الاتفاق، ولكن يحافظ على بعض القيود، قد يكون طريقة مناسبة لسد الفجوة.
&