دمشق: تعيد قوات النظام السوري تموضعها بعد سيطرة جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وكتائب اسلامية اخرى على مدينة ادلب في شمال غرب سوريا، لتصبح بذلك مركز المحافظة الثاني الذي يخرج عن سيطرة دمشق بعد الرقة (شمال).
ويقول محللون ان السيطرة على ادلب تعد صفعة للنظام السوري، وتثير احتمال ان تصبح المدينة العاصمة الفعلية للمناطق الخاضعة لسيطرة جبهة النصرة. وشهدت المدينة القريبة من الحدود التركية هدوءا نسبيا الاحد بعد قصف جوي متقطع لقوات النظام ليلا، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
وعملت قوات النظام على اعادة تنظيم صفوفها في محيط المدينة. وقال مصدر امني سوري لوكالة فرانس برس "اعيد تموضع القوات في محيط مدينة ادلب بشكل مناسب من اجل مواجهة افواج الارهابيين المتدفقين عبر الحدود التركية الى المنطقة ليكون الوضع اكثر ملائمة لصد الهجوم".
ونقلت صحيفة "الوطن" القريبة من السلطات الاحد عن مصدر ميداني في ادلب قوله ان "الجيش نفذ عملية إعادة تجميع ناجحة لقواته في جنوب المدينة وضبط خرق المجموعات الاسلامية المتشددة في جيش الفتح بقيادة جبهة النصرة واوقف تقدمها من الجهتين الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية". واشارت الصحيفة الى "ارسال تعزيزات عسكرية للجيش لبدء عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق اخلاها سابقا بعد إجلاء السكان الى مناطق آمنة عبر طريق اريحا اللاذقية".
واعلن تحالف قوى اسلامية يضم جبهة النصرة وحركة احرار الشام وكتائب اسلامية اخرى السبت سيطرته بالكامل على مدينة ادلب، بعد خوضه معارك ضد قوات النظام استمرت خمسة ايام، واسفرت عن مقتل 170 عنصرا من الطرفين على الاقل، وفق حصيلة المرصد. ودعت حركة احرار الشام، التي خسرت اربعين من مقاتليها في المعركة بحسب المرصد السوري، في بيان، جميع القوى، الى "التخلي عن مصالحها الفصائلية" و"جعل مصلحة الاسلام مقدمة على كل مصلحة (...) في ادارة المدينة وشؤونها".
وغالبا ما يعقب سيطرة مجموعات من المعارضة على مدن او قرى اعمال عنف لاحتكار السلطة، كما حصل في مدينة بصرى الشام (جنوب) التي سيطرت عليها اخيرا فصائل مختلفة من المعارضة. وباتت ادلب مركز المحافظة الثاني الذي يخرج عن سيطرة قوات النظام، بعد مدينة الرقة، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة في اذار/مارس 2013. وتمكن تنظيم الدولة الاسلامية لاحقا من طرد مقاتلي المعارضة منها لتصبح ابرز معقل للتنظيم في سوريا.
وبدأت جبهة النصرة ومجموعة من الفصائل الاسلامية ابرزها جبهة احرار الشام هجومها على مدينة ادلب الثلاثاء في اطار تحالف اسمته "جيش الفتح". وروجت هذه الفصائل لانتصارها على مواقع التواصل الاجتماعي. ونشرت جبهة النصرة على حسابها على موقع تويتر صورا تظهر مقاتليها امام مبان ومقار حكومية. كما بثت الجبهة شريطا مصورا يظهر العثور على جثث معتقلين داخل سجن في ادلب.
وبحسب المرصد الاحد "عثر على جثامين 15 شخصا في معتقل تابع للمخابرات العسكرية في مدينة ادلب"، ناقلا عن مقاتلين قولهم ان "المخابرات العسكرية اعدمتهم قبل طردها من المدينة". واشاد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بالسيطرة على المدينة بعد اربع سنوات من النزاع الذي بدأ منتصف آذار/مارس بتظاهرات سلمية تحولت لاحقا الى نزاع دام.
وقال في بيان ان "تحرير مدينة ادلب يمثل انتصارا مهما على طريق تحرير كامل التراب السوري". ولم يسم الائتلاف الفصائل التي قال انها تمكنت من "تحرير كامل مدينة ادلب"، لكنه اكد "ثقته بقوى الثورة التي تدافع عن المدنيين (...) وتحترم العهود والمواثيق الدولية".
ورأى محللون ان دور النصرة في ادلب وضع الائتلاف والفصائل "المعتدلة" في موقف صعب. وقال الباحث الزائر في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر لفرانس برس ان "السيطرة على ادلب تشكل دفعا قويا للمعارضة السورية، لكنها تبرز مرة جديدة التقصير الفعلي للمعتدلين". وقال ليستر "انطلاقا من توسع جبهة النصرة في ادلب في الاشهر التسعة الاخيرة، من غير المنطقي الاستنتاج بان المدينة لن تصبح في نهاية المطاف عاصمة للنصرة ومعقلا لها".
وتسيطر جبهة النصرة على مناطق واسعة في محافظة ادلب بعد هجوم شنته في تشرين الثاني/نوفمبر وادى الى طرد عدد من الفصائل المعتدلة المدعومة من الغرب. ويقول محللون ان الجبهة تخطط لانشاء "امارة" يكون الهدف منها منافسة دولة "الخلافة" التي اعلن تنظيم الدولة الاسلامية في نهاية حزيران/يونيو، اقامتها في المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا. واسفر النزاع السوري خلال اربعة اعوام عن مقتل اكثر من 215 الف شخص، فيما نزح نصف السكان من جراء الحرب.
التعليقات