عبد الجبار العتابي من بغداد: توفي صباح يوم السبت في بغداد السياسي العراقي سعد صالح جبر عن عمر تجاوز 85 عاما، الذي يوصف بأنه عميد المعارضين لنظام صدام حسين.

فقد رحل سعد صالح جبر، نجل صالح جبر (1895 – 1957) رئيس وزراء العراق في العهد الملكي.

وسعد هو الإبن الوحيد من الذكور لوالده صالح جبر من أمه من آل العسّاف في الانبار مثلما لسعد ابن وحيد& هو صالح من زوجته الأميريكية التي انفصل عنها.

ويقول النائب فائق الشيخ علي عن الراحل ان سعد صالح جبر يعتبر من أوائل المعارضين لنظام بعث العراق مع الشهيد السيد مهدي الحكيم والشهيد الشيخ طالب السهيل في أواخر ستينات القرن العشرين.

وبسسب عداء سلطة البعث له وملاحقته اياه ومحاولاتها المتكررة للانتقام منه كونه ابن صالح جبر ولديه عمل تجاري كبير، بينما البعث جاء بالاشتراكية ودعاوى المساواة بين المواطنين.

وقد غادر سعد العراق أواخر ستينيات القرن الماضي ليتآمر على نظام البعث ويطيح به، وقد اتفق مع اللواء عبد الغني الراوي وعدد من الضباط للقيام بانقلاب عسكري ضد حكومة رئيس الجمهورية في نظام البعث احمد حسن البكر ولكنه فشل.

زار شاه ايران السابق طالبا دعمهم في تحركاتهم ضد نظام الحكم . كما زار الملك حسين ابن طلال ملك الأردن لهذا الغرض في زيارة طريفة من نوعها.

ذهب الثلاثي المعارض : مهدي الحكيم والشيخ طالب السهيل وسعد جبر الى القصر الملكي في عمّان، وبعد اللقاء بالملك وطلبهم المساعدة منه , سأل الملك حسين الله ( جلّ جلاله ) أن يوّفق المتآمرين في مؤامرتهم على حكومة أحمد حسن البكر، رافعا يديه بالدعاء لهم.

واضاف : استمرت محاولات سعد اليائسة لاسقاط النظام طوال العقد السبعيني& تارة يتحالف مع القوميين وأخرى مع الأكراد، وهكذا لكنها كلها باءت بالفشل.. ولم ييأس و حتى تسلّط صدام حسين على السلطة بالعراق وانفرد بها عام 1979، وما هي الاّ سنة وشهران واذا بصدام يخوض الحرب ضد ايران فغضب سعد واعتبر تلك الحرب مدمرة للعراق ولشعبه.

واخذ سعد يتحرك ضد نظام صدام، يزور الولايات المتحدة الأميركية باستمرار ويلتقي بالشخصيات السياسية والدولية المؤثرة، وكانت له علاقات وثيقة بالجمهوريين، فهو يميل اليهم أكثر من الديمقراطيين ويحرضهم على رفع اليد عن صدام وعدم تقديم الدعم له، لكن السياسة الأميركية والدولية حينها كانت تقتضي تدمير البلدين (العراق وايران) لهذا لم يستجيبوا لنداءاته فذهبت أدراج الرياح.

وفي العقد الثمانيني كان سعد تاجرا دوليا يتوسط للدول في ابرام الصفقات، وكانت له مشاريع كثيرة في دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية وايران وغيرها فدرّت عليه الملايين.

ثم أصدر جريدة ضد نظام صدام باسم (التيار) وأسس حزبا ليبراليا معارضا باسم (حزب الأمة الجديد) وصار يقارع نظام صدام اعلاميا من لندن، الي كانت في سنوات الثمانينات مغلقة على المعارضة العراقية المحسوبة على ايران ولكن لم يخرقه الا سعد ورفاقه فالمعارضة تتكون من مجاميع من الشباب الدارسين في بريطانيا،& الذين تأثروا بالثورة الايرانية وحسبوا في أنفسهم خطأ بأنها ستسقط نظام صدام حسين، فراحوا يتعاملون مع ايران، ويتظاهرون دفاعا عنها وتأييدا لها بالحرب مستخدمين أسماء مستعارة ووهمية.

وقد انفق سعد صالح جبر على المعارضة العراقية ملايين الدولارات في وقت كان باستطاعته أن يستملك العقارات والأراضي في الكثير من مدن العالم.

وبعد غزو الكويت وانتهاء الحرب مع الحلفاء عام 1991 م حاول سعد أن يحيي الأمل في المعارضة، فقام بجولة اقليمية ودولية وزار السعودية والولايات المتحدة، تحشيدا للاطاحة بصدام، وأسس المجلس العراقي الحر، وأصدر جريدته (العراق الحر) في لندن.

بيد ان مجيىء الديمقراطيين الى الحكم في الولايات المتحدة وتولي بيل كلنتون الرئاسة أبعد سعدا عن مركز القرار الأميركي وصار البديل أحمد الجلبي عنه.

ويؤكد فائق الشيخ علي ان سعد جبر يمتاز بالطيبة والكرم والاخلاق والأصالة العراقية، وقد عاد الى العراق بعد اكثر من 35 عاما من الغربة والمواجهات ضد نظام البعث في العراق لكن مرضه اعاق مشاركته في الحياة السياسية العراقية بشكل فاعل في حقبة ما بعد صدام حسين واقتصرت نشاطاته على اجتماعات ولقاءات ومناقشات حول الاوضاع الجديدة ومتطلباتها.