مخيم الازرق: في مخيم الازرق للاجئين السوريين وسط الصحراء، شمال شرق الاردن بات بامكان اللاجئين خصوصا الاطفال قراءة الكتب ومشاهدة الافلام واستخدام الانترنت بفضل مكتبة فرنسية اعدت على عجل لمساعدتهم في الخروج من عزلتهم.

والمشروع الذي اطلق عليه اسم "آيديز بوكس" اعدته منظمة "مكتبات بلا حدود" الفرنسية بالتعاون مع منظمة "كير" العالمية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة.

واقيمت المكتبة على ارض تبلغ مساحتها 100 متر مربع في مخيم الازرق الذي يقع على بعد حوالى 100 كلم شرق عمان والذي يؤوي حوالى 18 الف لاجىء سوري، ويعد ثاني اكبر مخيم في المملكة بعد مخيم الزعتري بحيث تصل قدرته الاستيعابية الى اكثر من مئة الف لاجىء.

وتحتوي المكتبة على 250 كتاب اغلبها باللغة العربية وسينما تضم اكثر من 300 فيلم وبرامج تعليمية و25 جهازا لوحيا تعليميا واربعة كمبيوترات محمولة.

والكتب التي تم اختيارها بعناية من قبل اساتذة اردنيين وسوريين ولبنان تتضمن مسرحيات وقصصا عالمية وقصصا قصيرة للاطفال وكتبا عن تعليم المهن كالخياطة وقواميس عربية-انكليزية وكتبا عن كيفية تقديم الاسعافات الاولية وكتبا عن قواعد اللغة العربية والحساب وكتبا عديدة عن العاب الذكاء.

وفي وسط المكتبة وضعت اربعة صناديق كبيرة زرقاء وخضراء وبرتقالية اللون وضعت فوقها كتب مخصصة للاطفال، جلس حولها نحو عشرة اطفال. وفي كل من زوايا المكتبة وضع صندوق كبير، يحمل الاول اربعة حواسيب محمولة تغذيها بطاريات والثاني 25 جهازا لوحيا والثالث شاشة ال سي دي والرابع عشرات الكتب المتنوعة.

كما وضعت في قاعة المكتبة اربع طاولات تضم كل منها ستة كراس صغيرة. وحول احدى الطاولات جلست ست فتيات صغيرات يرسمن بالالوان مناظر طبيعية وهن يتبادلن اطراف الحديث بخجل.

وتقول مرام (12 عاما)، ذات الشعر الاسود الطويل والتي وصلت عائلتها المكونة من اب وام وثمانية اطفال الى هذا المخيم قبل ثمانية اشهر قادمة من حماة وسط سوريا، وقد علت شفتيها ابتسامة كبيرة انه "اسعد يوم في حياتي".

واضافت بينما كانت منهمكة برسم لوحة لطيور واشجار ونهر ازرق متموج مليء بالاسماك "انا متشوقة وسآتي كل يوم الى هنا، فأنا احب الرسم واحب كل هذه القصص".

من جهتها، قالت صديقتها اسلام (10 اعوام) الشقراء التي وصلت عائلتها المكونة من اب وام واربعة اطفال الى المخيم قبل اربعة اشهر، بعد ان قضوا اشهرا طويلة في مخيم الزعتري (85 كلم شمال عمان) "هنا المخيم اجمل وانظف حتى حماماته أنظف، وهذا المكان احببته وسارتاده كل يوم بعد انتهاء المدرسة".

واضافت اسلام، القادمة من مدينة درعا جنوب سوريا، ونظراتها لم تفارق قصص الاطفال حولها "لقد اخبرونا ان بأمكاننا ان نأتي كل يوم الى هذا المكان حتى انهم سيعلموننا الرقص والتمثيل".

ويؤكد محمد ابراهمي (28 عاما) الذي يعمل متطوعا في المكتبة ان "الجميع في هذا المخيم سيستفيد من هذا المشروع، الصغار والكبار، لن نضطر بعد اليوم لقطع مسافات من اجل البحث عن شيء يسلينا، هنا يمكننا تنزيل اي كتاب على الاجهزة اللوحية خلال دقائق".

واضاف "سنحصل على بطاقات ومن خلالها سنتمكن من دخول المكتبة والحصول على ما نريده، انا سعيد فالثقافة شيء عظيم ومهم نحن نفتقده في هذا المكان".

ويقول باتريك ويل مدير منظمة "مكتبات بلا حدود" لوكالة فرانس برس "هناك مرض يزعجهم في هذا المكان، اسمه الضجر، ففي المساء يتساءلون في ما بينهم ماذا علينا ان نفعل". واضاف "نحن جميعا لدينا جانب في حياتنا حيث نحن بحاجة للتفكير والقراءة وتثقيف انفسنا، وهذا الجزء هو ما يفتقده سكان هذا المخيم".

واوضح ان "الناس هنا لا يمكنهم الاكتفاء بأكل ثلاث وجبات طعام تقدم اليهم كل يوم، هم بحاجة الى للتواصل مع اقاربهم لمعرفة اخبارهم، هم بحاجة الى الاطلاع على ما يجري في العالم من حولهم".

من جانبها، اكدت سفيرة فرنسا في الاردن كارولين دوما لوكالة فرانس برس ان "فرنسا وقفت على الدوام الى جانب الشعب السوري الذي يعاني منذ اكثر من اربعة اعوام". واضاف انه "أمر مهم ان نبين لهم اننا معهم ولم ننسهم واننا نحاول ان نساعدهم في حياتهم اليومية بما في ذلك حياتهم اليومية كلاجئين".

واوضحت دوما ان "هذا المشروع المهم والاول من نوعه في بلد عربي سيسمح لاطفال المخيم بان يكونوا على تواصل مع العالم وان يحافظوا على الامل وان يعمقوا معرفتهم وادراكهم حول المستقبل". ورأت ان "المشروع سيساعد الاطفال على تجاوز الصدمات التي تعرضوا لها، واعداد انفسهم من اجل بناء مستقبل افضل"، مشيرة الى ان "نصف اللاجئين في الاردن هم تقريبا من الاطفال".

وكانت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) حذرت في 30 اذار/مارس الماضي من ان هناك 2,6 مليون طفل سوري بدون مدرسة وان هناك جيلا كاملا مهددا بالحرب التي دخلت عامها الخامس.

وتقدر الامم المتحدة عدد النازحين السوريين ب7,6 ملايين وعدد اللاجئين ب3,9 ملايين يقيمون بمعظهم في دول الجوار. ويستضيف الاردن نحو 680 الف لاجئ سوري فروا من الحرب الدائرة في بلدهم منذ اذار/مارس 2011، يضاف اليهم، بحسب الحكومة الاردنية، نحو 700 الف سوري دخلوا الاردن قبل اندلاع النزاع.

ويقدم الاردن خدمات تعليمية وصحية مجانا للسوريين في المملكة.