يُضرب أكثر من 500 صحفي مصري عن العمل يوم 10 حزيران (يونيو) المقبل، إحتجاجًا على الأوضاع المعيشية المتدنية، وبسبب زيادة معدلات الفصل التعسفي.

القاهرة: يدخل الصحفيون المصريون في إضراب عن العمل يوم 10حزيران (يونيو) المقبل، احتجاجًا على تدهور أوضاعهم الإقتصادية، وتأخر صرف رواتبهم، وتعرض نحو 600 صحفي وإعلامي للفصل التعسفي، في ظل تقاعس النقابة والمؤسسات المدافعة عن حقوق العمال في الوقوف إلى جوارهم ودعمهم، حسبما يقولون. ويتعرض الصحفيون إلى الكثير من الممارسات التي يعتبرونها ظالمة من جانب المؤسسات الصحافية والإعلامية.
&
حقوق منتهكة

قال الصحافي بـ"الأهرام" محمد العريان لـ"إيلاف" إن الإضراب المحتمل يعد أول تحرك حقيقي ضد انتهاك الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للصحافيين، متوقعًا ألا يحقق الإضراب النجاح بشكل كامل، "لكنه محاولة لتسليط الأضواء على المشكلات التي يعاني منها الصحفيون، كالفصل التعسفي، لاسيما بعد أن تعرض ما يزيد على 600 صحفي وإعلامي للفصل من مؤسساتهم، بالإضافة إلى تأخر صرف الرواتب".

وضرب العريان برنامج "العاشرة مساء"مثالًا، وهو الذي يقدمه الصحفي والإعلامي وائل الإبراشي على قناة "دريم"، وقال إن العاملين بالبرنامج الأول في القناة لم يحصلوا على رواتبهم منذ أربعة أشهر.

ووصف تعامل المؤسسات الإعلامية مع الصحفيين بـ"المهين جدًا"، وقال: "لا ينفع أن يدافع الصحفيون عن حقوق الآخرين، ويشكلون الرأي العام، في حين أن حقوقهم المعيشية منتهكة، ولا يستطعيون الدفاع عنها، ولا توجد جريدة أو برنامج تلفزيوني لا يؤخر صرف الراوتب، لا توجد مؤسسة لم تفصل زملاء لنا، فأوضاع الصحفيين مزرية".

ولفت إلى أن الإستجابة السريعة من مئات الصحافيين للمشاركة في الإضراب يؤشر على معاناتهم الحقيقية، منوهًا بأن الإضراب المحتمل مجرد بداية، لسلسلة من الإجراءات التصعيدية للدفاع عن حقوق الصحافيين الإقتصادية والإجتماعية.
&
أجور قليلة

رفض العريان تبريرات أصحاب المؤسسات الإعلامية والصحفية في فصل الصحفيين أو تأخير رواتبهم بوجود أزمات إقتصادية تضرب مصر كلها وندرة الإعلانات، وقال: "إن الصحافيين يقومون بمهامهم، ويبحثون عن المعلومة الموثقة والصحيحة، فإدارة المؤسسات أو جلب الإعلانات ليس مهمة الصحفي، بل مهمة الإدارة".
&
وقال إن أجور الصحفيين قليلة مقارنة ببقية أوجه الأنفاق في المؤسسات، التي يمتلكها رجال أعمال لديهم استثمارات ضخمة، فضلًا على أنهم يعلمون جيدًا أن الاستثمار في صناعة الإعلام يحتاج إلى ضخ أموال بإستمرار. ودعا نقابة الصحفيين إلى ضرورة التحرك، التكاتف مع أعضاء الجماعة الصحفية.

وقال الصحفي بموقع "مصر العربية" عبد الغني دياب لـ"إيلاف" إن الدعوة للإضراب جاءت بعد تفاقم الأزمات التي يعانيها الصحفيون في أماكن عملهم، وقال إن عدد الصحفيين الذين تعرضوا للفصل مؤخرًا إلى يزيد عن 600 صحفي وإعلامي.

أضاف: "الإضراب وسيلة للضغط على المؤسسات، من أجل إيقاف تيار الفصل التعسفي، وضعف الرواتب وتأخر صرفها"، ولفت إلى أنه لا يتوقع نجاح الإضراب بشكل كامل في تحقيق أهدافه، متوقعًا نجاحه في تخفيف حدة الانتهاكات الإقتصادية والإجتماعية.
&
صفحة على فايسبوك

أطلق رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين خالد البلشي الدعوة إلى الإضراب من خلال صفحة على موقع فايسبوك. وقال إن الدعوة للإضراب ليست هدفًا في حد ذاتها، "لكنها ستكون بداية حركة من أجل حقوق الصحفيين والإعلاميين في أجور عادلة وأوضاع اقتصادية أفضل، والدعوة تأتي لمواجهة انتهاك حقوق الصحفيين والإعلاميين وتفشي الفصل التعسفي وتأخر صرف الرواتب، وكذلك هي أيضا دعوة للتضامن مع الزملاء العاطلين عن العمل بسبب الفصل".

ولفت إلى أن الدعوة ستكون بداية لتكوين نواة داخل الجماعة الصحفية والإعلامية للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

بلغ عدد الموافقين على الدعوة إلى الإضراب أكثر من 500 صحفي وإعلامي، ودعا البلشي إلى اجتماع لتحديد كيفية إدارة الإضراب يوم 18 آيار( مايو) الجاري، بمقر نقابة الصحافيين، وقال: "هنجتمع عشان نجهز لتحركنا الأول والتأكيد على أن الإضراب بداية مش هدف". وأضاف: "مطالبنا واضحة، نطالب بأجر عادل، نطالب بصرف مرتباتنا في مواعيدها، وليس حسب مزاج أصحاب المؤسسات، نطالب بالتصدي للفصل التعسفي، نطالب بحل مشاكل الزملاء المفصولين والعاطلين".
&
انتهاكات السلطة

ويتعرض الصحفيون المصريون لإنتهاكات سياسية أيضًا من جانب السلطة، وقال تقرير صادر عن لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة: "إن أساليب انتهاك حقوق الصحافيين تنوعت خلال فترة الرصد، بين الحبس الاحتياطي واقتحام المنازل للقبض، وتلفيق التهم، وإصدار أحكام شديدة القسوة، مع تعسف واضح ضد كل محاولة لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها الزملاء في ميدان العمل".

وأضاف التقرير: "حول الحبس الاحتياطي وعدم تحديد مواعيد للجلسات إلى عقاب في مواجهة الصحفيين، وهو ما ظهر بشكل واضح في قضية الصحفيين أحمد جمال زيادة والذي تم الحكم ببراءته بعد 487 يومًا في السجن، ومحمود شوكان والذي لا يزال رهن الحبس الاحتياطي بعد أكثر من 600 يوم على القبض عليه".

عدّاد الانتهاك

وأوضح التقرير الذي رصد الإنتهاكات بحق الصحفيين في بداية العام 2015، أن "شهر كانون الثاني (يناير) 2015، أكثر شهور العام الحالي انتهاكًا ضد الزملاء، وذلك لارتباطه بذكرى الثورة"، مشيرًا إلى أن "كانون الثاني (يناير) وحده شهد 57 حالة انتهاك، منها 36 حالة موثقة، فيما وصل عدد الانتهاكات في شباط (فبراير) إلى 29 حالة انتهاك، من بينها 14 حالة موثقة بشكل كامل"، لافتًا إلى أن آذار (مارس) شهد وقوع 40 حالة انتهاك تم توثيق 21 منها، ليصبح العدد الاجمالي للانتهاكات 126 انتهاكًا خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام، بمعدل 1,4 انتهاكًا كل 72 ساعة تقريبًا".