أذهلت الصور، التي نشرها تنظيم داعش عن إعدام جندي عراقي وتعليق جثته تحت أحد الجسور، المواطنين العراقيين، الذين أنابهم غضب عارم، وباتت هذه الواقعة البشعة حديثهم الأهم.
&
بغداد: ما إن تناقلت مواقع التواصل الإجتماعي صوراً لعملية إعدام الجندي العراقي، مصطفى ناصر هاني العذاري، من قبل ملثمي تنظيم داعش، حتى توالت واتسعت ردود الافعال الغاضبة التي أبدت ذهولها من وقائع الحادثة، حيث يظهر الجندي مصطفى وهو من مدينة الصدر في بغداد، مصاباً في قدمه الملفوفة بضماد طبي، وبدت عليه آثار التعذيب والتعب الشديد، ويظهر في الصور أيضًا عدد من أهالي الفلوجة وهم يلوحون لعناصر التنظيم كأنهم يؤيدون ذلك. وقد طالب مواطنون بإثارة واقعة إعدام الجندي محليًا ودوليًا على اوسع نطاق، كما حدث لدى إعدام داعش للطيار الأردني الكساسبة &قبل أشهر.
لا انسانية
بدأ رجل الدين حسن عبد الكريم &كلامه بالتنويه: قال رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم، يوصي الجيش في غزوة مؤته: «أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيراً، إغزوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً».
وأضاف: للأسف إن هذا الجندي الشاب يعدم، ويمثل به، ويتعرض لأبشع انتهاك لكرامته وسط هتافات البعض من الفرحين، وهذا امر مفجع كما أراه انا، لذلك أشعر بالحزن والـلم ان هؤلاء الدواعش يؤكدون يومًا بعد يوم انهم لا انسانيون ولا ادميون، وانهم فارغون من أي ضمير، ولا اقول سوى رحم الله الجندي القتيل ورحم الله اهله.
&
الإعدام
أما سارة جمال، طالبة اعدادية، فقالت: حين شاهدت الصور اقشعر جلدي وانسابت الدموع من عيني، ما ذنبه ليقتل بهذه الطريقة الوحشية، أو يجولون به مدينة الفلوجة حيث هللت النساء وكبار الشيوخ وتعالت صيحات "حي على الجهاد" بوجهه وكأنه ليس عراقياً يدافع عن بلده .
واضافت: انا حزينة أيضًا لانني لم أجد من يبكيه من السياسيين، ولم يذكر اسمه أو يطالب بدمه أحد، على العكس من الطيار الأردني الذي انقلبت الدنيا عليه.
ومن جانبه، قال كريم شامخ، موظف حكومي: الجندي المغدور ليس داعشيًا، ولا ارهابيًا، ولا مجرمًا، يأخذ الاتاوة باسم الجزية، ويغتصب النساء باسم الجواري، ولا يقتل على الهوية، إنه الجندي العراقي بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
اما مهدي صالح، موظف في وزارة الثقافة، فقال: عندما ارتدى بدلته العسكرية وحمل البندقية اما كان يعرف انه ذاهب إلى ارض بها معركة؟ ودّع أهله واصدقاءه وزوجته وأطفاله، ونظر نظرة اخيرة على بيتهم، وعندما اشتد الوطيس كان يستطيع أن يهرب، ولكنه ابى واصبح بطلاً عراقيًا كان يخطط لكل شيء.&
واضاف: انها صورة توجع القلب وتهز الوجدان، هو جندي ومستعد للموت، ولكن ليس بهذه الطريقة الوحشية، لعنة الله على قاتليه من الدواعش المجرمين.
لعنة الصورة
وقالت الكاتبة نهى الصفار: كلما ابتعدت بمسافة أمان كافية... تلاحقني الصورة وتصفعني... بكل التفاصيل الموجعة والزوايا اللعينة.. وكأنني عين كاميرا أصيبت باللعنة المؤبدة ولم تعد تعرف كيف تغفو على مشهد أخير.&
واضافت: انتهت مهمة المصور الذي أهدانا فزع اللحظة الهاربة، انتهت مهمته حيث أفرغ حمم الأحزان فوق رؤوسنا ورحل، لكن اللحظة الهاربة تلك، ما زالت تحدق فينا، وتتناسل لحظات صغيرة قطعتها روح الشهيد، لا متناهية وهي في طريقها إلى الأبدية.&
وتساءلت كأنها تخاطب الجندي المغدور: إلى أين كنت تتجه بنظراتك؟ وكم من الوجوه العذبة مرّت في خاطرك المكلوم، وأنت تقطع هذه المسافة بين جموع غاضبة لا تعرفك ولا تعرفها؟ كيف كانت كلماتك الأخيرة ومن أهديته لحظة وداع على أمل الفراق؟ أيها الشهيد الجميل.. هل تعرف لماذا نكره أنفسنا في هذه اللحظة؟
&
أجمل وقفة عسكرية&
أما الإعلامي أحمد عبد الحسين، فقد اكتفى بوصف المشهد في الصورة قائلاً: لا أفهم بالعسكرية، لكن &هذه أجمل وقفة عسكرية أراها في حياتي، لقاتليك والراضين بقتلك خزي وعار ابديان ولك الرحمة.&
الاعلامي عباس عبود، من شبكة الاعلام العراقي، فقد أبدى حزنه للواقعة البشعة، وقال مخطابًا الجندي المقتول: ذبيح الفلوجة، قادك القدر إلى ديار ليست عراقية كما يبدو قطعها أهلها وباعوها للاجانب الغرباء، ارتضوها موطىء قدم للتكفير والكفر للتعصب والعنجهية للقتل للفساد في الارض.
واضاف: ما اطهرك يا مصطفى وما ابشعها من جريمة..لعن الله من نظر اليك ولم تتحرك فيه عراقيته المكبوتة، لعن الله من اعمته الطائفية عن نصرتك، عن نصرة بني وطنه، يا مصطفى لماذا تتطلع اليهم؟ فلم يكن لهم دين، ولن يكونوا احرارًا في دنياهم، وانت يا بن الحسين ياغريب الفلوجة، يا ذبيح الفلوجة ستنتصر دماؤك على سيوف غدرهم وخستهم، طوبًا لك وبئسًا لهم.
&
النصر للإنسانية&
أما الإعلامي هادي جلو مرعي، مدير المرصد العراقي للحريات الصحافية، فقد بدأ كلامه بالقول كلا للمذهبية والطائفية نعم للإنسانية، ثم قال: هذا المقاتل "مصطفى ناصر هاني" قام تنظيم داعش بمحاصرته وهو يقاتل بشراسة في أحد المواقع قرب منطقة الكرمة، وتم أسره والإستعراض به وسط مدينة الفلوجة، بينما كانت الجماهير تصفق على جانبي طريق الإستعراض.
وتابع: مصطفى لم يكن يستهدف الناس، لكنه كان يقاتل أعضاء التنظيم المتطرف بزيه النظامي، وهو عراقي الجنسية، بينما كان خصومه من الغرباء، عائلته بسيطة تسكن في حي فقير شمال العاصمة بغداد أعدم شنقاً عند أحد الجسور في الفلوجة.
وطالب بالكشف عن ملابسات تركه وحيدًا ومحاسبة القادة الأمنيين الميدانيين، ومعرفة الإجابة من وزارة الدفاع العراقية، وربما التمكن من الوصول إلى جثته التي وبحسب عائلته قد تكون أحرقت بعد الإعدام،&
وختم بالقول: النصر للإنسانية.
&
&
التعليقات