&
لم تتحول النميمة سوءًا إلا في القرن الثامن عشر، بينما كانت تاريخيًا سبيل الناس إلى التواصل، من خلال سرد القصص والحكايات، وتناول الآخرين بالثرثرة من وراء ظهورهم. اليوم، يجد الباحثون أن النميمة هي ما يجعلنا بشرًا.
&
دبي: قد تبدو النميمة لكثير من الناس نشاطًا مخادعًا يثير الامتعاض المجتمعي، لكن النميمة نفسها هي التي تميز الانسان عن الحيوان، بحسب أكاديميين كما قالت صحيفة "تلغراف" البريطانية. فالنميمة، أو تناول الناس من وراء ظهورها، يسمح للانسان بمعرفة من هو موضع ثقة، ويساعد على توثيق الصلات الانسانية، كما قال روبن دنبار، أستاذ علم النفس التطوري في جامعة أكسفورد.
&
جزء من حياة الانسان
&
&ويضيف دنبار"بعيدًا عن الشعور بالذنب من فعل النميمة، ينبغي علينا قبولها على أنها جزء حيوي من حياة الإنسان، قد تساعده في الواقع على أن يعيش حياة أطول".
وقال دنبار متوجها إلى جمع في مهرجان شيلتنهام العلمي: "الشيء الأكثر أهمية الذي يمنع الموت هو اتساع الشبكة الاجتماعية، ولهذا الاتساع أكبر الأثر، بعد اثر الامتناع عن التدخين، لكن المشكلة تكمن في كيفية الحفاظ على الشبكة الاجتماعية. فاللغة تطورت، ما يسمح لنا بالحفاظ على الدم يجري في شريان الشبكة الاجتماعية، لنبقى على اطلاع على أحدث المعلومات، ولكي نستطيع الاستمرار في سرد القصص، لأن هذا مهم حقا لتماسك المجتمع".
وتابع: "النميمة مجرد دردشة مع الناس لتحديث معلومات الشبكة الاجتماعية التي نعيش فيها، لذلك النميمة هي ما يجعلنا بشرًا. ولم تتحول النميمة إلى مصطلح سلبي حتى القرن الثامن عشر".
ونفذت الدكتورة جنيفر كول، المحاضرة في قسم علم النفس بجامعة مانشستر، سلسلة تجارب لمعرفة ما يعتقده الناس عن النميمة والثرثرة، فاكتشفت أن الناس بمن فيهم من ينمّ كثيرًا، لا يرتاحون إلى من ينمون قليلًا، وقالت: "الاتصال الاجتماعي مهم جدًا، ولهذا السبب النميمة مهمة جدًا، فنحن نعرف أننا ننتهك خصوصية الآخر، ونكسر القواعد الاجتماعية ونبتعد عن الأدب، لكن إذا كان الناس لا ينمّون فهم يثيرون الشبهة، لذا نفضل الناس الذين ينمون باعتدال".
&
نتائج إيجابية
&
وبحسب "تلغراف"، قال المؤرخ يوفال نوح هراري، الأستاذ في الجامعة العبرية بالقدس، ومؤلف كتاب "العاقل: لمحة تاريخية عن الجنس البشري"، إنه كان مهمًا جدًا فصل الإنسان الحديث عن الأشكال الأخرى من الكائنات الشبيهة بالإنسان. وأضاف" المهارات اللغوية الجديدة التي حصّلها البشر المعاصرون قبل حوالي سبعين آلف سنة مكنتهم من إتقان النميمة، والمعلومات التي تبين من يمكن الوثوق به تمكّن المجموعات الصغيرة من التوسع لتصبح مجموعات كبيرة، وحتى اليوم، غالبية التواصل الإنساني، من بريد إلكتروني ومكالمات هاتفية وأعمدة صحف، نميمة ليس إلا، وقد تطور الثرثرة لدرجة تظهر اللغة أنها تطورت لهذا الغرض بالذات".
وفي هذا الاطار، وجدت دراسة سابقة أجرتها جامعة كاليفورنيا أن للنميمة نتائج إيجابية ممكنة، كمساعدة المجتمع على قمع السلوك السيئ وخفض وتيرة الارهاق، ووجد الباحثون أن معدل ضربات قلوب المتطوعين تزداد عندما يلمسون شخصًا يسيىء التصرف، لكن هذه الزيادة تتراجع إذا تمكن المتطوع من تنبيه الآخرين.
كذلك وجدت جامعة ميشيغان أن النميمة ترفع مستويات هرمون بروجسترون في النساء، وهو هرمون يقلل من مستويات القلق والتوتر.
&