كييف: من قاذفات القنابل الى سيارات الشرطة المتفحمة والقوميين المتشددين المسلحين في الجبال، تضعف المواجهات التي طالت مدينة اوكرانية صغيرة على حدود الاتحاد الاوروبي السلطات الموالية للغرب في كييف التي تواجه اصلا نزاعا داميا في الشرق.

وطلب الرئيس بترو بوروشنكو من قوات الامن نزع اسلحة "المجموعات المسلحة غير الشرعية" التي "تزعزع الوضع على بعد الف كيلومتر عن جبهة الشرق"، وذلك خلال اجتماع "لحكومة الحرب" التي يقودها ودعاها الى الاجتماع بعد يومين من تبادل اطلاق نار بين قوات النظام وناشطين قوميين مدججين بالسلاح من حركة برافي سكتور في موكاتشيفي على بعد خمسين كيلومترا عن الحدود السلوفاكية والمجرية.

وهذه الازمة التي صدمت الرأي العام في اوكرانيا لم تحل بعد.

ميدانيا، يطارد جنود وزارة الداخلية بآليات مدرعة القوميين المتشددين الذين تحصنوا في الجبال ويرفضون الاستسلام متجاهلين الامر الرئاسي، كما قال مصور من وكالة فرانس برس في المكان.

ونظمت عدة تظاهرات معادية للحكومة دعما لحركة برافي سكتور الاحد في عدد من المدن الاوكرانية الكبرى رافقها تهديد واضح باغلاق الطرق لمنع وصول تعزيزات من الشرطة الى موكاتشيفي.

وقال المحلل السياسي المستقل فولوديمير فيسينتكو انه "ابتزاز" معتبرا ان اعضاء هذه المنظمة شبه العسكرية القوية "قادرون على اطلاق نزاع مسلح داخل البلاد".

واكد مسؤول اوكراني كبير مكلف القضايا الامنية لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته "لدينا دولة بالغة الضعف يمكن ل15 شخصا تعطيل عملها".

وادى خلاف عادي مرتبط بتهريب السجائر بين شخصيتين سياسيتين في المنطقة الى اطلاق النار هذا، لكنه يكشف مع ذلك المشاكل التي تواجهها البلاد.

وقال اناتولي اوكتيسيوك المحلل في مركز الدراسات السياسية في كييف ان "المواجهات في موكاتشيفي تدل على ازمة في النظام: لا وجود لاصلاحات وفساد مستشر وتدفق للاسلحة لا يمكن ضبطه".

ويشكل اللجوء الى اسلحة حربية على تخوم الاتحاد الاوروبي لحل نزاع من هذا النوع نذير سوء لتقارب بين الاتحاد واوكرانيا ولتبني نظام بلا تأشيرات ارجىء عدة مرات.

تضاف الى ذلك مشكلة عودة المتطوعين الذين يقاتلون منذ اكثر من 15 شهرا الى جانب القوات الاوكرانية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في نزاع اسفر عن سقوط اكثر من 6500 قتيل.

وقال المصدر المكلف المسائل الامنية "هناك في اوكرانيا حاليا الكثير من المسلحين الذين يعتبرون ابطالا ويحاولون الاستيلاء على السلطة ببنادقهم".

ومنظمة برافي سكتور التي تقول انها تضم عشرة آلاف ناشط ومئات المقاتلين في الشرق، هي التنظيم شبه العسكري الوحيد في اوكرانيا غير المرتبط بوزارة الداخلية او وزارة الدفاع.

وقد انتخب زعيمها ديمترو ياروش نائبا في تشرين الاول/اكتوبر ثم عين في نيسان/ابريل رئيسا لاركان الجيش الاوكراني في محاولة من قبل السلطات لاحتواء مقاتليه.

وزار باروش موكاتشيفي الاثنين واكد انه "يعمل مع قوات الامن الاوكرانية لتسوية الوضع".

وبرافي سكتور تتبنى ارث القوميين الاوكرانيين الذين قاتلوا لبعض الوقت الى جانب النازيين "ضد الاحتلال السوفياتي" في الحرب العالمية الثانية، لذلك توصف "بالفاشية" من قبل وسائل الاعلام الروسية وسكان المناطق الموالية لروسيا في شرق اوكرانيا.

واكتسبت المنظمة شعبية كبيرة لدى المتظاهرين في ساحة الاستقلال في كييف عبر دفع حركة الاحتجاج الى التطرف لتنتهي بعد ثلاثة اشهر بحمام دم ادى الى سقوط النظام الموالي لروسيا بقيادة فكتور يانوكوفيتش.

وقال الخبير اناتولي اوكتيسيوك ان "برافي سكتور اصبحت اليوم خارجة عن السيطرة بالكامل. اذا لم يحل النزاع بطريقة دبلوماسية فهناك خطر على السلطة في كييف ونتائج لا يمكن توقعها".

وتذكر الحوادث الاخيرة بمواجهة اخرى جرت في آذار/مارس بين بوروشنكو وايغور كولومويسكي الثري الذي يتبع اساليب مثيرة للشبهات لكنه تمكن بصفته حاكما للمنطقة من وضع حد للنزعة الانفصالية لدنيبروبتروفسك المجاورة لمناطق الاضطراب شرقا، عبر تمويل كتائب متطوعين.

وقد اقيل بعد عملية لقوات خاصة طردت مسلحين مرتبطين به على ما يبدو من مراكز مجموعات نفطية حكومية في كييف كان يسيطر عليها.