رأت غالبية بسيطة من المشاركين في استفتاء إيلاف الأسبوعي أن الحل الأنسب للأزمة السياسية في إقليم كردستان العراق يكمن في إعادة انتخاب رئيس الإقليم مسعود بارزاني لولاية ثالثة فيما روّجت نسبة لا بأس بها ولكن أقل لخياري الاستقلال عن العراق وتحويل النظام من رئاسي إلى برلماني للخروج من هذه الأزمة.

لندن: شارك في استفتاء إيلاف الأسبوعي الذي طرح على القراء السؤال التالي: "ما الحل الانسب للأزمة السياسية في إقليم كردستان العراق؟" 4410 قارئين اختار كل مستفتٍ منهم أحد الخيارات التالية: إعلان الاستقلال.. تجديد ولاية بارزاني.. تحويل النظام الرئاسي إلى برلماني.

التجديد لولاية بارزاني

اختار حل التجديد لبارزاني في رئاسة الاقليم 1553 قارئا بلغت نسبتهم 38% من مجموع المستفتين، ويبدو أنّ دافعهم لاختيار هذا الحل عدم وجود منافس قوي له وللظروف الصعبة التي تتحدى الاقليم حاليا في مجالي مواجهة تنظيم الدول الاسلامية "داعش" الرابض على تخوم الاقليم ومحاولات إنهاء الأزمة الاقتصادية مع الحكومة المركزية في ما يتعلق بايقافها لمرتبات موظفي كردستان ورفضها تسويق الاقليم لنفطه منفردا.

وربما كان الدافع لهذا الخيار أيضا هو عدم إصرار بارزاني على التجديد لولايته وتعامله مع هذه القضية بروح المسؤولية حيث دعا اواخر الشهر الماضي إلى توافق وطني حول التمديد او التجديد لولايته من عدمه والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة ومراعاة المصالح الوطنية العليا والظرف الاستثنائي والحساس الذي يمر به الاقليم.

وقال "اننا نحتاج بهذه الفترة لوحدة الصف والاتفاق والتوافق اكثر من أي وقت مضى وقد قمت بدوري بما يمليه علي القانون ويقع على عاتق الجميع ان يتوصلوا لحل حول هذه المسألة حتى تاريخ العشرين من آب (أغسطس) المقبل. ويستطيعون التوصل لحل عن طريق التوافق وان لم تتوصل الاحزاب السياسية إلى حل عن طريق التوافق سأعلن في حينها عن موقفي".

وفي هذا الاطار أشار مصدر كردي تحدث مع "إيلاف" حول هذا الموضوع إلى أنه "لظروف الاقليم الحساسة حاليا وهو يواجه خطر داعش والخلافات مع بغداد.. فإنه لابد للقوى الكردية ان تتجمع وتصل إلى حل موحد حول جميع هذه المسائل وبشكل يصب في مصلحة التجديد او التمديد لولاية بارزاني في رئاسة الاقليم.. وترحيل الأزمة الرئاسية إلى ما بعد انتهاء هذه الظروف الطارئة".

إعلان استقلال الاقليم

ولصالح خيار اعلان استقلال اقليم كردستان لحل الأزمة السياسية فقد صوت 1288 قارئا بلغت نسبتهم 31 بالمائة من مجموع المشاركين في الاستفتاء البالغ عددهم 4410 قارئين.. من الواضح ان دافعهم لهذا الخيار هو التهديدات التي يطلقها قادة اقليم كردستان يتقدمهم رئيسه بارزاني باجراء استفتاء شعبي حول هذا الاستقلال في حال العجز عن حل الخلافات مع بغداد مؤكدين ان الاستقلال حق من حقوق الاكراد.

وفي آخر تصريح له خلال تفقده مواقع قوات البيشمركة الكردية على جبهات أربيل والموصل السبت الماضي فقد هدد بارزاني قائلا "إن الاكراد أمام خياري الاستقلال أو الخضوع".. منوها بأنهم لن يختاروا الخضوع بأي شكل من الأشكال ويفضلون الاستقلال. وأضاف "أن نضال أمتنا على مرّ التاريخ لم يكن من أجل بقاء الأكراد تحت نير الخضوع فلم نقدم الشهداء كي نبقى تحت إمرة أحد".

ومن الواضح أيضا ان معارضة بارزاني لتغيير النظام السياسي في الاقليم إلى برلماني قد دفع هذه الشريحة من القراء للابتعاد عن هذا الخيار لحل الأزمة حيث وجه رئيس الاقليم انتقادات لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني ولحركة التغيير بقيادة زعيم المعارضة الكردية نوشيروان مصطفى دون أن يسميهم على خلفية مطالبتهما بالانتقال من النظام الرئاسي الحالي إلى النظام البرلماني في حكم الاقليم. وأضاف أن "غير الراضين عن وحدة منطقة كردستان لهم الحرية في اختيار مكان آخر للعيش خارجها" على حد تعبيره.

تحويل النظام الرئاسي إلى برلماني

ولخيار تحويل النظام السياسي في اقليم كردستاني من الرئاسي حاليا إلى النظام البرلماني فقد صوت 1269 قارئا وهو الاقل بين عدد المجموعات الثلاث فشكلت نسبته 31 % من مجموع عدد المشاركين في استفتاء إيلاف هذا.

ويبدو أن قلة المصوتين لهذا الخيار هجاء نظرا لإدراك الخلافات العميقة حوله حيث يقترح الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني تمديد ولاية رئيسه اربع سنوات اخرى لنهاية عمر برلمان الاقليم للخروج من أزمة رئاسة الاقليم في 20 من الشهر المقبل والتي يدور خلاف بين القوى السياسية في الاقليم حولها مع طرح كل من الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير والاحزاب الاسلامية الكردستانية مشاريع قوانين تحدد صلاحية رئيس الاقليم ونائبه مع سعيها لتحويل نظام الحكم في كردستان إلى برلماني وليس رئاسيا الامر الذي يرفضه حزب بارزاني لحد الان عادا اياه خروجا على مبدأ التوافق الوطني.

وقد وصف حزب بارزاني ما قدمته باقي الاحزاب الكردية لقانون تحويل النظام السياسي في الاقليم إلى برلماني بـ"المؤامرة الفاشلة التي تحمل اجندات خارجية".. ملوحاً "بمراجعة كل الاتفاقيات السياسية بينها بما فيها توزيع المناصب الاتحادية كرئاسة الجمهورية والوزراء في حكومة الاقليم". ولا يكتفي حزب بارزاني بهذا وانما يهدد باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لتبت في هذه القضية او ان يستمر رئيس الاقليم بعد انتهاء ولايته حتى انتهاء عمر برلمان كردستان في دورته الحالية.

لكن حركة التغيير المعارضة ردت على ذلك بالقول ان هذا الامر غير قانوني وغير دستوري ويجب ان يكون انتخاب رئيس الاقليم داخل قبة برلمان اقليم كردستان وليس مباشرا عن طريق المواطنين كما هو الحال الان نظرا لان هؤلاء يسهل التأثير عليهم او ارغامهم للتصويت لبارزاني خاصة وان حكومته يترأسها صهره نجيرفان بارزاني وقوى الامن يقودها ابنه مسرور إضافة إلى قوات البيشمركة الخاضعة لامرة مسعود بارزاني باعتباره قائدا للقوات المسلحة.... وقد قدمت حركة التغيير مشروعا لتعديل قانون رئاسة اقليم كردستان تقول انه حل قانوني لتغيير النظام من رئاسي إلى برلماني وانتخاب رئيس الاقليم داخل قبة البرلمان.. مؤكدة انه لايوجد حل آخر لهذا الموضوع.

يذكر ان رئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي تنتهي ولايته يوم 19 آب (أغسطس) المقبل قد أصدر تعليماته للجهات المختصة مؤخرا لاتخاذ التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات في اليوم التالي 20 من الشهر نفسه تحاشيًا لحدوث فراغ رئاسي. وحدد بارزاني موعد الانتخابات استناداً إلى قانون رئاسة إقليم شمال العراق الصادر عن برلمان الإقليم عام 2005، وطالب جميع الأحزاب السياسية بالعمل من أجل إجراء الاقتراع بشكل عادل وديمقراطي يتناسب مع المعايير الدولية من دون الإشارة في ما اذا كان سيرشح نفسه لهذه الانتخابات.

وكان بارزاني انتخب عام 2005 رئيساً للإقليم من قبل مواطني الاقليم وانتخبه برلمان الإقليم عام 2009 لدورة رئاسية جديدة انتهت عام 2013، إلا أن البرلمان مدد فترة ولاية بارزاني إلى 20 آب 2015.