تتواصل اجتماعات الائتلاف الوطني السوري المعارض لانتخاب رئيس وأمين عام وهيئة سياسية جديدة وسط نقاشات حول إصلاحه، والتوسعة النسائية والمستجدات السياسية التي تتضمن ما توصل إليه ستيفان دي مستورا المبعوث الأممي الخاص واجتماعات بروكسل مع هيئة التنسيق الوطنية والعلاقة مع بقية المكونات والمجلس العسكري الجديد، في حين انتقد الائتلاف تعاقب سفراء دول أصدقاء الشعب السوري على الملف من دون حل يعود إيجابًا على الشعب السوري.

بهية مارديني: قال الدكتور نصر الحريري، عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض والأمين العام السابق له، إن السيد مايكل راتني هو "ثالث مبعوث أميركي من أجل الملف السوري، بعد دانييل روبنشتاين، الذي عيّن سفيرًا في تونس، والذي خلف بدوره روبرت فورد، الذي كان سفيرًا في دمشق، وتخلى عن منصبه في العام 2014".

وأشار الحريري لـ"إيلاف" إلى "أن المبعوث الأميركي الجديد سيقضي فترة حتى يعرف ملف وحيثيات الملف السوري". وعبّر عن تشاؤمه، حيث قال "لا يبدو أن الوضع الدولي حاليًا يوحي بانفراجات أو إمكانية تطبيق حل سياسي".

إدارة أزمة
من جانبه، أكد يحيى المكتبي الأمين العام للائتلاف الوطني السوري أنه حتى الآن لم تتوافر إرادة وتوافق دوليان يسمحان بوقف حمّام الدم السوري، وقال "مازال المجتمع الدولي يدير الأزمة في سوريا، ولا يبادر إلى إنهائها".

وشدد مكتبي في تصريحات صحافية على أن الائتلاف والثورة السورية ماضيان في طريقهما "نحو التخلص من الاستبداد والقهر والظلم والتطرف والإرهاب؛ ولن يقبل الشعب السوري بعد كل هذا الثمن الباهظ الذي دفعه والتضحيات الجسام التي بذلها إلا باسترداد حريته وكرامته وإزالة بشار الأسد ونظامه الإجرامي".

وانتقد مكتبي بشدة تعامل أصدقاء الشعب السوري مع الائتلاف ومؤسساته والشعب السوري عمومًا في مسألة الدعم خلال المراحل الماضية على طريقة ما وصفها بجملة (لا تموت ولا تحيا)، وكأننا دائما في (غرفة العناية المشددة).

تنفس اصطناعي
أضاف "يأتي الدعم بالقطارة، وفي المقابل نجد دعمًا كبيرًا&ومستمرًا&وغير محدود من إيران وروسيا لنظام الإجرام في دمشق، وعلى المستويات كافة؛ السياسية والعسكرية والاقتصادية إلخ، تجعله يُظهر نفسه كيانًا متماسكًا، ويعمل كدولة، وهو في حقيقة الأمر لا يعدو أن يكون ميليشيا من الميليشيات الموجودة في سوريا، ومجرم الحرب بشار الأسد هو قائد تلك الميليشيا".

واعتبر الائتلاف الوطني تقاعس المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن توفير الحماية اللازمة للمدنيين سببًا رئيسًا في مواصلة النظام والميليشيات الطائفية المستجلبة ارتكاب جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية للسنة الخامسة على التوالي.

وجدد الائتلاف "التزامه بمواصلة الحوار مع كل القوى السياسية والثورية والميدانية وصولًا إلى رؤية مشتركة تمهد إلى استئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، وبما يحقق تطلعات السوريين كافة في الحرية والعدالة والكرامة الوطنية".

الاحتمالات مفتوحة
هذا وانطلقت يوم الجمعة اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري بدورتها الـ 23، لتستكمل الهيئة العامة اجتماعاتها بمناقشة الوضع السياسي وفقرات قانونية وإعادة هيكلة الائتلاف وآليات التوسعة النسائية، والنظام المالي، وتوصيات لقاء الائتلاف مع المجلس الوطني الكردي، إضافة إلى مناقشة الوضع الميداني وتأثيرات الاتفاق النووي الإيراني على الثورة السورية والمنطقة.

وحتى اليوم يبدو موضوع الانتخابات محسومًا بين التمديد لخالد خوجة الرئيس الحالي للائتلاف وبين موفق نيربية سفير الائتلاف في الاتحاد الأوروبي الذي قررت الكتلة الديمقراطية في الائتلاف دعمه بعد اجتماع لها، فيما سيكون الأمين العام الجديد أنس العبدة وأعضاء الهيئة السياسية من دون مفاجآت، وهذا كله مرهون في حال ذهب الائتلاف إلى توافق.

وفي حال لم يتوافق أعضاء الائتلاف، ما قبل اختتام الاجتماعات التي يمكن أن تمدد كعادة اجتماعات الائتلاف، على اسم معيّن، تبدو كل الاحتمالات مفتوحة، وقد تعزف بعض الكتل عن التصويت.

تعددية وتداول
بالتزامن مع اجتماعاته، أعرب الائتلاف في بيان، تلقت "إيلاف" نسخة منه، عن أهمية التزام ستيفان دي ميستورا ببيان جنيف، وأن تكون عملية الانتقال السياسي ذات مصداقية ولا عودة عنها، والتأكيد على أن سوريا "دولة موحدة مستقلة وذات سيادة"، والعمل على قيام" نظام ديمقراطي أساسُه التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وضمان حقوق السوريين كافة على أساس المواطنة المتساوية".

وشدد البيان على أن "الدعوة إلى مباحثات متزامنة ومتوازية يجب أن تستند إلى مرجعية مؤتمر جنيف2 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتضم مُمثلي قوى الثورة والمعارضة، وأن يكونَ الهدف منها الدفع باتجاه تطبيق بيان جنيف بكل بنوده، وفي المقدمة منها تشكيل هيئة الحكم الانتقالية ذات السلطات الكاملة، بوصفها الأداة الرئيسة لتنفيذه".

وقرر الائتلاف تمديد عمل اللجنة المكلفة بالإشراف على تشكيل القيادة العسكرية العليا لمدة شهرين، وجاء ذلك خلال اجتماعات الهيئة العامة المستمرة لليوم الثاني على التوالي في دورتها الـ 23.

بحث مناطق آمنة
وكانت اللجنة قد قدمت تقريرها أمس، واستعرضت مشاوراتها مع الفصائل العسكرية، والتي وصفها أعضاء اللجنة بـ "الإيجابية والمثمرة"، وأضاف الأعضاء إن عمل اللجنة كبير، وبحاجة إلى مزيد من الوقت لضمان تمثيل كل الفصائل في القيادة العسكرية. فيما أوضح الناطق الرسمي باسم الائتلاف سالم المسلط أن اجتماع الهيئة العامة سيبحث خلال اجتماعاته المستمرة لثلاثة أيام الملف السياسي.

وقال إن الاجتماع سيعمل على بحث جميع الملفات المهمة على الساحة الداخلية والإقليمية، والتحديات الحديثة، وعلى رأسها المناطق الآمنة التي تعمل على تأمينها تركيا في شمال سوريا والإدارة المدنية لها، وآليات دخول الائتلاف والحكومة السورية الموقتة إلى تلك المناطق لتقديم الخدمات إلى السوريين فيها. كما اجتمعت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري قبل ذلك، وناقشت مقترح دي ميستورا، الذي تقدم به أمام مجلس الأمن بجلسة خاصة حول سوريا.

وأكد نائب رئيس الائتلاف الوطني هشام مروة على أن الائتلاف الوطني متمسك بمبادئ الثورة السورية وثوابتها، ويؤمن بأن الحل السياسي المستند إلى بيان جنيف والقاضي بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات، بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، هو القادر على إنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق تطلعاته، كما إن الائتلاف مؤمن بأن هيئة الحكم الانتقالية هي الوحيدة القادرة على مكافحة الإرهاب وإعادة التوازن إلى المنطقة.