أعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم اليوم مصادقته على 331 حكمًا بالإعدام، نصفها يتعلق بجرائم إرهابية صدرت ضد مدانين خلال السنوات الماضية، مؤكدًا العمل على تنفيذ مطالب العراقيين بالإصلاحات السياسية والأمنية والخدمية والقضاء على الفساد.


أسامة مهدي: قال معصوم في خطاب متلفز الى العراقيين تابعته (إيلاف) اليوم الجمعة انه حفاظًا على أمن المجتمع، فقد صادق على مراسيم الاعدام التي كانت متراكمة في رئاسة الجمهورية من السنوات السابقة لاسباب عديدة.

واعتبر الرئيس العراقي التظاهرات الشعبية التي يشهدها العراق حاليا دعوة إلى بناء دولة المواطنة والحرية، مؤكدا عزمه على تفعيل رقابة تنفيذية لتطبيق قرارات مجلس النواب الاخيرة بشأن حزمة الاصلاحات الحكومية، داعيا الى بذل كل جهد لتحقيق مطالب الشعب بالاصلاحات السياسية والامنية والاقتصادية والخدمية والقضاء على الفساد.

مكافحة شاملة
وشدد على ضرورة عدم الاكتفاء بإلغاء بعض المناصب السياسية او الادارية او تقليص النفقات، بل دعا الى تبني استراتيجية شاملة في مجال مكافحة الفساد الذي اصبح آفة تواجه بناء الدولة العراقية، لا تقل خطورتها عن مخاطر عصابات داعش الارهابية، مؤكدا على ضرورة انتصار الشعب العراقي في مواجهة التحديات الاستثنائية التي يواجهها حاليا.

وكانت الرئاسة العراقية قد اعلنت في التاسع من الشهر الماضي ان هناك الآن 662 حكمًا بالإعدام تنتظر التنفيذ، ملقية باللوم على الرئاسة السابقة في عدم المصادقة على الكثير من الاحكام ومنها 331 حكما صدرت بين عامي 2010 و2014.

وقال الناطق الرسمي باسم رئاسة معصوم، تم تشكيل لجنة قانونية من عدد من المستشارين القانونيين في رئاسة الجمهورية لغرض تدقيق ودراسة ملفات الإعدام الواردة إلى الرئاسة من مجلس القضاء الأعلى، بغية اصدار مراسيم جمهورية بذلك. واوضح ان اللجنة الخاصة والمكلفة بتدقيق اضابير المحكومين بالإعدام والوقوف على اسباب تأخر اصدار بعض المراسيم بتنفيذها منذ عام 2006 ولغاية عام 2014 رغم مصادقة تلك الأحكام من المحكمة المختصة ووجود التخويل من مجلس رئاسة الجمهورية في فترة مجلس الرئاسة بين عامي 2006 و2010 لاحد اعضاء مجلس الرئاسة وكذلك وجود تخويل لإصدار المراسيم لنائب رئيس الجمهورية (خصير الخزاعي نائب الرئيس السابق) من عام 2010 ولغاية عام 2014.&

ملفات مهملة
اضاف انه بعد الدراسة والتدقيق التي قامت بها اللجنة فقد توصلت إلى ان عدد الملفات الواردة إلى رئاسة الجمهورية، والتي لم تتم المصادقة عليها بين عامي 2006 و2014 بلغت 662 ملفا، منها 42 ملفا فقط منذ تولي الرئيس الحالي فؤاد معصوم سلطاته في 24 تموز (يوليو) عام 2014.

واوضح ان مجلس الرئاسة قد اصدر بين عامي 2006 و2010 عددًا من الدعاوى، تاركاً 289 ملفا من دون ان يصدر فيها أي مرسوم جمهوري على الرغم من وجود تخويل من مجلس الرئاسة لأحد نواب الرئيس باصدار مراسيم المصادقة على احكام الإعدام. وقال ان نائب الرئيس قد اصدر ايضا بين عامي 2010 و2014 مراسيم لبعض القضايا دون البعض الآخر تاركاً 331 ملفا من دون ان يصدر فيها مرسوما بالمصادقة.

وأوضح ان اللجنة قد دققت جميع الملفات وباشرت بوضع المعايير لإصدار المراسيم منها الاسبقية في إصدار الحكم، ومصادقة محكمة التمييز، وقد اعطت الاولوية للمصادقة على الملفات الخاصة بالارهاب والجرائم التي تمس امن المجتمع. وقال إنه من خلال تدقيق المراسيم التي سبق ان اصدرتها رئاسة الجمهورية تبين ان السلطة التنفيذية لم تقم بتنفيذ الاحكام رغم مرور مدة طويلة على اصدار المراسيم الخاصة بها، ولم تبين اسباب عدم التنفيذ.

وكانت الرئاسة قد ردت أخيرا على اتهامات للرئيس معصوم بعدم تنفيذ احكام الإعدام بحق 7 آلاف ارهابي، موضحة انهم 160 محكوما ارهابيا بالإعدام فقط. لكن شواني نفى ان يكون الرئيس معصوم ممتنعا عن المصادقة على احكام الإعدام واصدار مراسيمها الخاصة، مؤكدا ان عدد احكام الإعدام التي صدرت منذ عام 2006 وحتى الآن، لا تتجاوز 600 حكما، بينها 160 حكماً تتعلق بجرائم الارهاب، وتشمل جميع مكونات البلاد وفي عموم المحافظات العراقية.
&
اضاف أن "بقية الأحكام& تخص قضايا جنائية اعتيادية ومشمولة بقرار العفو الخاص الذي يأتي بشكل مستمر من رئاسة الوزراء، ولهذا السبب فإن رئيس الجمهورية لا يتسرع بإصدار المراسيم بأحكام الإعدام الاعتيادية".

وسبق لمنظمة إذانة هذه العقوبة.. واشارت إلى أن "تعذيب وإساءة معاملة المعتقلين كان واحداً من أكثر السمات ثباتاً وتفشياً في المشهد العراقي الخاص بحقوق الإنسان". وكانت السلطات العراقية قد أعادت العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام في عام 2004 بعدما كانت معلقة خلال المدة التي أعقبت دخول القوات الأميركية الى العراق ربيع عام 2003. ويسمح القضاء العراقي بعقوبة الإعدام في نحو 50 جريمة، منها الإرهاب والاختطاف والقتل.. كما تتضمن جرائم أخرى مثل الإضرار بالمرافق والممتلكات العامة.

وفي ما يلي النص الكامل لخطاب معصوم:
بسم الله الرحمن الرحيم
ايها الشعـب العراقي العظيم
سـلام من الله عليكم ورحمة منه وبركاته
في هذه المرحلة الاستثنائية التي يمر بها العراق في مواجهة التحديات السياسية والامنية والاقتصادية والخدمية التي تواجه الدولة، بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإننا ومن موقع المسؤولية امام الله والشعب، والتزاما بما تمليه علينا واجباتنا الدستورية، اود ان اعبر لكم عبر هذا الكلمة عن موقفنا بشأن ما تشهده العملية السياسية من تطورات على مستويات عدة.

فعلى مستوى مكافحة الفساد والمفسدين اكرر موقفي الثابت والداعم والمتواصل لمطالب مكافحة الفساد بكافة اشكاله، واطالب الحكومة ومجلس النواب والهيئات الاخرى المعنية بان لا تقف عند هذا الحد بإلغاء بعض المناصب السياسية او الادارية او تقليص نفقات استثنائية، بل ادعوهم الى تبني استراتيجية شاملة في مجال مكافحة الفساد الذي اصبح آفة تواجه بناء الدولة العراقية لا تقل خطورتها عن مخاطر عصابات داعش الارهابية.

كما أؤكد على ضرورة ان تتسم اللجان المكلفة بالتحقيق في ملفات الفساد بالجدية التامة والمهنية العالية وتمارس واجباتها بشفافية وحرص وان تبين للشعب العراقي ما توصلت اليه من نتائج وما اتخذته من اجراءات بشأن احالة المفسدين الى القضاء. كما أود ان احيّي ابناءنا الذين خرجوا في تظاهرات احتجاجية تعبيرا عن ضمير الشعب واستيائه من فشل معظم مؤسسات الدولة في المرحلتين السابقة والحالية من سوء الخدمات وانعدامها احيانا.

واود ايضا ان اعرب عن بالغ سروري لجهودكم في تأسيس رأي عام وطني ناهض يجبر المسؤولين على الاستماع الى مطالبكم المشروعة. ومن هنا اطالب السلطتين التشريعية والتنفيذية على كافة المستويات الاتحادية وفي الحكومات المحلية الى بذل قصارى جهدها في الاستجابة لمطالب المواطنين المشروعة وتنفيذ الاجراءات الكفيلة بحلول سريعة لمشاكلهم الخدمية والاقتصادية بمعالجات حقيقية وسريعة.

أيها الشعب الكريم
في الوقت الذي ارحب بحزمة الاصلاحات الاولى التي اقرها مجلسا الوزراء والنواب، فإنني اؤكد احترامي التام لهذه القرارات كما اقرها ممثلو الشعب وسأتولى مراقبة تنفيذها.
كما انني ومن خلال صلاحياتي الدستورية باعتباري المكلف بالسهر على حماية الدستور وتطبيقه فإني سأفعّل مبدأ الرقابة التنفيذية وحث السلطات المعنية بالنهوض بواجباتها تجاه الشعب. لأننا آلينا على انفسنا منذ تسلمنا المسؤولية احترام ضرورة اجراء الاصلاحات ومكافحة الفساد، وهو مطلب كان مطروحا باستمرار من قبلنا في اجتماعات الرئاسات الثلاث وفي المحافل السياسية الاخرى.

ومن منطلق تمثيلنا للدولة العراقية فإننا بادرنا منذ اليوم الاول بالتخلي عن الجنسية البريطانية المكتسبة التي كنا نحملها وقت النضال ضد الدكتاتورية البائدة، ومن هنا ادعو جميع المسؤولين ممن يتبوؤن منصبا رفيعا في الدولة إلى التخلي عن اي جنسية مكتسبة. فإضافة الى اقرار هذا المبدأ في الدستور، فإنها قضية احترام لمطالبة الرأي العام بذلك. واخيرا وحفاظا على امن المجتمع، فقد صادقنا على مراسيم الاعدام التي كانت متراكمة في رئاسة الجمهورية من السنوات السابقة لاسباب عديدة.

وختاما اود ان استثمر هذه الفرصة للوقوف اجلالا لتضحيات قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة والبيشمركة والحشد الشعبي ومتطوعي العشائر سائلا الله عز وجل ان ينصر العراق وشعبه على الارهاب وان يعم الامن والسلام في ربوع الوطن وان يسدد خطانا في اكمال مسيرتنا في بناء دولة تسودها حقوق المواطنة والحرية والتقدم والرفاه.
د. فؤاد معصوم
رئيس الجمهورية

ويشهد العراق منذ اسبوعين تظاهرات احتجاج شعبية ضخمة في بغداد والمحافظات الاخرى ستتجدد مساء اليوم الجمعة ضد الفساد وتردي الخدمات مطالبة بملاحقة الفاسدين اضطر معها رئيس الوزراء حيدر العبادي بدعم من المرجعية الشيعية العليا الى اصدار حزمة اصلاحات تلبية لمطالب المحتجين.

وقد صادق مجلس النواب الثلاثاء الماضي على حزمة الإصلاحات هذه المقدمة من العبادي وعلى حزمة إصلاحات اخرى مقدمة من قبل رئيس البرلمان سليم الجبوري. وكان العبادي وجّه الاحد الماضي بتقليص شامل وفوري في اعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم رؤساء الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامون والمحافظون واعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم، والغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم حسب تعليمات يصدرها رئيس مجلس الوزراء، تأخذ بالاعتبار العدالة والمهنية والاختصاص.

كما امر بتخفيض النفقات والغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء فوراً وفتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من اين لك هذا)، ودعوة القضاء الى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين. وفي اليوم نفسه صوّت مجلس الوزراء بجلسة استثنائية بالاجماع على حزمة الاصلاحات التي اعلنها رئيس الوزراء.&
&
&