لندن: فيما تجددت الإحتجاجات المطالبة بمواجهة الفساد في بغداد، ومدن عراقية اخرى اليوم الجمعة، فقد طالب المرجع الشيعي الأعلى السيستاني بإصلاح شامل للقضاء العراقي، الذي وصفه بالفاسد، مؤكدًا أن اي نجاح في مواجهة الفساد مرتبط بهذه الإصلاحات المطلوبة في القضاء، وحذر معرقليها بموقف شعبي حاسم.&
&
النجاح في أنهاء الفساد مرتبط بأصلاح القضاء
وطالب الشيخ عبد المهدي الكربلائي، معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم وتابعتها إيلاف عبر قنوات محلية بشمول الجهاز القضائي بالإصلاحت وإعادة النظر بالقوانين التي فتحت الطريق للفساد.
وحذر من يعرقل الإصلاحات بموقف حاسم مشددا على ضرورة منح المسؤولين فرصة لإثبات حسن نواياهم في السير بطريق الاصلاح الذي بدأته الحكومة والبرلمان خلال الاسبوع الماضي.
واضاف الكربلائي ان مكافحة الفساد المالي والاداري كانت منذ سنوات طوال وحتى الآن ضمن اولويات المرجعية الدينية العليا فقد تطرقت لها في نيسان (ابريل) عام 2006 وايلول (سبتمبر) من العام نفسه ثم عادت للتأكيد عليها في ايلول عام 2011 والذي دعت فيه مجلس النواب إلى اتخاذ خطوات واضحة وفعلية ومدروسة تجاه الفساد والمفسدين الا انه لا توجد هناك اذان صاغية لتلك التوجيهات.
وجدد الكربلائي دعوة المرجعية لضرورة الغاء كل الامتيازات التي يتمتع بها المسؤولون دون وجه حق والتي تؤخذ من اموال الشعب. وعبر عن الامل في ان تجد الاصلاحات التي اعلنت عنها الحكومة الحالية طريقها إلى التنفيذ دون تقييد او تلكؤ .
&
وشددت ممثلية المرجعية الشيعية العليا على انه لايمكن للاصلاحات ان تتم دون اصلاح الملف القضائي الذي يسوده اليوم فساد كبير، وطالب بالإعتماد على القضاة النزيهين الذين من الممكن ان يبنى عليهم قضاء عادلاً بعيداً عن كل الفاسدين والمفسدين ادارياً ومالياً. واشار إلى ان هناك الكثير من القرارات والاوامر من قبل الحكومتين التشريعية والتنفيذية فتحت الكثير من ابواب الفساد يجب تعديلها او الغائها داعياً بذلك الحكومة إلى اعادة النظر بتلك الاجراءات تنفيذاً لمبدأ العملية الاصلاحية التي تنطلق في البلاد اليوم فضلاً عن ضرور تشريع عدد من القوانين التي تقضي على الفساد وتقلل من الفوارق المجتمعية، موضحا أنه من غير الممكن أن يكون هناك مسؤولون، تتجاوز رواتبهم العشرة ملايين دينار بينما يأخذ بعض الموظفين اقل من ثلاثمائة الف دينار فقط مشيرا إلى اهمية تشريع قانون عادل لسلم الرواتب سريعاً.
&
وأكدعلى ضرورة مراعاة العدالة الاجتماعية في القانون الخاص بسلم رواتب موظفي الدولة وقال إن "هناك العديد من القوانين والقرارات السابقة ممن فتحت افاقا واسعة لممارسة الفساد"، داعيا الحكومة والبرلمان إلى اعادة النظر بها والعمل على تعديلها او الغائها حسب ما تقتضيه المصلحة. واشار إلى&الحاجة إلى تشريع قوانين واصدار قرارات لا يتم الاصلاح دونها ومن اهمها القانون الخاص بسلم رواتب موظفي الدولة الذي قال انه يتطلب مراعاة العدالة الاجتماعية في سلم رواتب الموظفين .
يذكر ان &قوى عراقية سياسة عدة تتهم المحمود بتسييس القضاء العراقي ووضعه في خدمة اهداف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ضد خصومه السياسيين، فيما تركز تظاهرات الإحتجاج التي يشهدها العراق حاليا على اقالة المحمود واجراء اصلاحات شاملة في القضاء الذي يقوده منذ ان عينه الحاكم الاميركي السابق للعراق بول بريمر بمنصبه الحالي عقب سقوط النظام السابق في عام 2003 .
ورئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق مدحت جودي المحمود عمل في ديوان رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس السابق صدام حسين، كما عمل مديراً عاماً لدائرة التنفيذ ومديراً عاماً لرعاية القاصرين & وعضواً في محكمة البنك المركزي التي كان يشرف عليها عبد حمود سكرتير صدام حسين، ثم رئيساً لمجلس شورى الدولة، وكان مقربا من صدام وحصل منه على امتيازات مالية وادارية كبيرة.
وعرف المحمود بأنه صاحب عبارة (البيعة الأبدية) في وصف الأنتخابات العامة على رئاسة صدام حسين للعراق خلال الأستفتاء الشعبي عام 2002 .. وصاحب مقولة (أعظم قائد لأعظم شعب) التي نشرها في مقال بصحيفة القادسية منتصف تشرين الأول (اكتوبر) عام 2002 ونشر له حديث في جريدة الثورة (جريدة حزب البعث ) في اعددها المرقم 9861 في تشرين الأول عام 1999 شبّه فيه الرئيس صدام حسين وعدله بالنبي محمد وله كتاب (العدالة في فكر القائد) صدام.
&
وبعد سقوط النظام السابق قدم المحمود نفسه عن طريق اقارب له في المعارضة العراقية السابقة إلى الأميركيين على انه مضطهد بسبب كونه شيعيا وانه قاض بارع ملم بالملف القانوني في العراق كله فعينه بريمر رئيساً لمجلس القضاء الأعلى ورئيساً لمحكمة التمييز ورئيساً للمحكمة الدستورية وهو يتقاضى رواتب ضخمة وامتيازات عن كل وظيفة من هذه الوظائف الثلاث .
وكان تعيينه بمناصبه الحالية تلك بأمر سلطة التحالف في 13 ايلول (سيتمبر) عام 2003 بتشكيل مجلس القضاء الأعلى بأعتباره سلطة مستقلة عن وزارة العدل وقرر بريمر تولي المحمود لمنصبه لمدة خمس سنوات انتهت دون ان تغييره برغم انه قد تجاوز السن القانوني لخدمة القضاة وهي 68 سنة فعمره الآن 82 عاما .
وقد انحدر القضاء العراقي في عهد مدحت المحمود بشكل كبير حيث كان له دور كبير في التستر على خروقات حقوق الأنسان العراقي بالأعتقالات العشوائية والقاء القبض بدون مسوغات قانونية وبلا اوامر قضائية والسكوت عن انتزاع الأعترافات الكاذبة بالتعذيب الشديد، وإبقاء المعتقلين في اسوأ ظروف سنوات دون تهم محددة او عرض على المحاكم .
كما قدم المحمود خدماته للمالكي من خلال تقديم تفسيرات للقضايا المختلف عليها وبما تنسجم مع مصلحة &رئيس الوزراء السابق ومعاركه ضد خصومه السياسيين مثل تفسيره المخالف للقانون لمعنى الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة وحق المالكي بولاية ثالثة في رئاسة الحكومة، اضافة إلى تسييس القضاء وإعطاء تفسيرات ترضي الحكومة والأحزاب الحاكمة، في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد .

إصلاح المنظومة الأمنية
ومن جهة أخرى، اعتبر الكربلائي التفجير الذي استهدف سوق جميلة في مدينة الصدر بضواحي بغداد الشمالية امس وادى إلى مقتل 60 مواطنا واصابة حوالي 250 آخرين انتقام &من الشعب، كونه حال دون تحقيق أهداف تنظيم داعش لكنه اكد ان هذه التفجيرات لن تكسر إرادة الشعب في قتال التنظيم حتى تحقيق النصر عليه .
وشدد على ضرورة الإسراع في إصلاح المؤسسات الأمنية والاستخبارية لكي تستطيع حماية المواطنين من الهجمات الارهابية المتكررة لتنظيم داعش وغيره من التنظيمات الارهابية وتشخيص الفساد والفاسدين والتخلص منهم .
وجاء سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا نتيجة تفجير بشاحنة مفخخة استهدف سوقا في منطقة ذات غالبية شيعية في بغداد وتبناه تنظيم داعش . وادى التفجير ايضا إلى دمار كبير خصوصا في الشاحنات المبردة الناقلة للخضار وتسبب عصف التفجير وسط السوق بتناثر البضائع كما امكن مشاهدة عدد من الاحصنة التي تستخدم لجر عربات الخضار وقد قضت في التفجير او اصيبت بجروح.
وتبنى تنظيم داعش الهجوم وقال في بيان تداولته حسابات مؤيدة للتنظيم على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي "بعملية مباركة مكن الله لجنود داعش تفجير شاحنة مفخخة مركونة وسط تجمع لعناصر من جيش الدجال والحشد الرافضي في احد اهم معاقلهم في مدينة الصدر".
&
وعادة ما يقول التنظيم في بيانات تبني التفجيرات التي تستهدف مناطق يقطنها شيعة يشير اليهم بمصطلح "الرافضة" انه استهدف الجيش وقوات الحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية تقاتل إلى جانب القوات الامنية لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم منذ حزيران (يونيو) عام 2014.
وجاء تفجير بغداد هذا بعد ايام من تبني التنظيم تفجيرين انتحاريين استهدفا مساء الاثنين مناطق ذات غالبية شيعية في محافظة ديإلى شمال شرق العاصمة ما ادى إلى مقتل 30 شخصا على الاقل.&
&
كما تبنى التنظيم مؤخرا سلسلة تفجيرات في محافظة ديإلى الحدودية مع إيران، كان اشدها تفجير انتحاري في سوق منطقة خان بني سعد في تموز (يوليو) الماضي ادى إلى مقتل 120 شخصا على الاقل.
وتخوض القوات العراقية بدعم متطوعين وابناء العشاائر ومساندة طيران الإئتلاف الدولي بقيادة واشنطن معارك لاستعادة بعض هذه المناطق.&
وفي حين تمكنت القوات العراقية من استعادة بعض المناطق التي سقطت بيد التنظيم العام الماضي الا ان الاخير لا يزال يسيطر على مناطق رئيسة مثل الموصل مركز محافظة نينوى (شمال)، وتمكن في ايار &(مايو) الماضي من السيطرة على مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار (غرب).
&