فيما تستأنف تظاهرات الاحتجاج الشعبية العراقية في بغداد وبقية محافظات البلاد مساء اليوم فقد قدم المرجع الشيعي الأعلى السيستاني دعما كبيرا اليوم للإصلاحات التي يقوم بها العبادي مؤكدًا انه لا خيار إلا الانتصار فيها، وحماية القائمين بها من اي سوء مشددا على ضرورة إصلاح القضاء وتشريع القوانين التي تنفذ وتحمي الإصلاحات وتسد المنافذ امام من يحاولون خرقها.
&
لندن: قال معتمد المرجع السيستاني السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم وتابعتها "إيلاف"، عبر قنوات محلية ان معركة الاصلاحات التي "نخوضها هذه الأيام هي &معركة مصيرية تهدد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولا خيار لنا شعبا وحكومة الا الانتصار فيها لكن هذا يحتاج إلى صبر وأناة وتظافر جهود كل المخلصين من ابناء الشعب العراقي".
واشار إلى انه بعد سنوات من تفاقم الفساد وتجذره وتشعبه على مستوى الاشخاص والأجهزة الحكومية، فإنه لا يمكن الوصول إلى الاصلاح المنشود في ايام معدودة لكنه يجب عدم التهاون في اتخاذ إجراءات حقيقية وصارمة في هذا الاتجاه، مشددا على ضرورة اصلاح الجهاز القضائي ليقوم بمهامه على الوجه الصحيح في متابعة ومحاسبة الفاسدين مع كثرة سراق المال العام وانتشار عمليات الخطف والرشاوى في مفاصل المجتمع، منوها بأن كل ذلك هو نتيجة لتخلف المسؤولين عن هذا الجهاز بالقيام بواجباتهم القانونية.&
&
ودعا السيستاني إلى حماية الاصلاحات عبر قوانين وتشريعات تمنع أي فرصة عن المتضررين بالشكوى ضدها بحجة مخالفتها القوانين فتتحول إلى حبر على ورق. وطالب بتعديل بعض القوانين وتشريع اخرى تكفل تحقيق حماية الاصلاحات داعيا الحكومة إلى تقديم مشاريع بهذه القوانين إلى مجلس النواب لإقرارها وسد اي منفذ للتراجع عنها، وشدد بالقول انه ليس أمام الرئاسات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية سوى المضي بتنفيذ الإصلاحات والإسراع بالخطوات اللازمة لمحاسبة كبار الفاسدين من سراق المال العام، ودعم المكلفين بمهمة الإصلاح وحمايتهم من اي سوء قد يقدم عليه ضدهم الفاسدون واتباعهم في اشارة على ما يبدو إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي قال مؤخرا انه مستمر باجراءات الإصلاح حتى وان كلفه ذلك حياته.
ومن جهة اخرى طالب السيستاني الحكومة بدعم المقاتلين ضد تنظيم داعش من القوات الامنية والمتطوعين ورجال العشائر تسليحا وتدريبا وتمويلا ورعاية عوائلهم منوها بأنهم يضحون بأرواحهم من أجل شعبهم وبلدهم.
ووصف معتمد السيستاني المعركة ضد داعش بانها من اشرف المعارك واحقها، لانها دفاع عن الشعب والبلاد والمقدسات ضد عصابة تقوم بسبي النساء واغتصابهن، وقتل الابرياء وتشريد الآلاف من المواطنين وتهديم الشواهد الحضارية التاريخية. وأشار إلى أن الأمن والاستقرار الذي تنعم به محافظات عديدة هو نتاج جهود "هؤلاء الابطال"، وقال "لكنه يجب ان لا تنسينا معركة الاصلاحات ضد الفساد عمن يضحون في المعركة ضد داعش" .
&
فشل الإصلاحات يهدد العراق بالتقسيم
وعلى الصعيد نفسه، فقد حمل المرجع السيستاني حكام البلاد خلال السنوات الماضية مسؤولية سوء الاوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات وقال إنهم اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية ولم يراعوا المصالح العامة للشعب. واشار مكتب السيستاني في بيان صحافي رد فيه على أسئلة وردت اليه من وكالة الصحافة الفرنسية إن "السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحملون معظم المسؤولية عما آلت اليه الامور"، موضحا أن "كثيرا منهم لم يراعوا المصالح العامة للشعب بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقا لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع". وأضاف أن "ذلك كله، بالاضافة إلى غياب الخطط الصحيحة لإدارة البلد واسباب أخرى، أدى إلى ما نشاهده اليوم من سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة".
وأكد المرجع السيستاني إلى أن تنظيم "داعش" لم يتمكن من السيطرة على الأراضي العراقية لولا استشراء الفساد في المؤسسة الأمنية وسوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر محذرا من زيادة سوء الأوضاع والوصول إلى تقسيم البلاد إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي. وقال "لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة لاسيما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر، لما تمكن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسم كبير من الاراضي العراقية، ولما كانت هناك حاجة إلى دعوة المرجعية العليا للعراقيين إلى الالتحاق بالقوات المسلحة للدفاع عن الارض والعرض والمقدسات".
&
وأضاف السيستاني أنه "إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي، اليوم، من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الأصعدة فإن من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل وربما تنجر إلى ما لا يتمناه أي عراقي محب لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله"، مشددا على أنه "هنا تكمن الأهمية القصوى للدعوة إلى الإسراع في الإصلاح التي أكدت عليها المرجعية الدينية العليا".
وكان السيستاني قد دعا في السابع من الشهر الحالي رئيس الوزراء حيدر العبادي لأن يكون أكثر "جرأة وشجاعة" في خطواته الإصلاحية، والضرب بيد من حديد لمن "يعبث" بأموال الشعب، كما طالبته بعدم التردد في إزاحة المسؤول غير المناسب وان كان "مدعوما".
وقرر العبادي امس الخميس تخفيض اعداد حمايات المسؤولين والرئاسات بنسبة 90% ووجه بإعادة هيكلة افواج الحماية الخاصة بالرئاسات الثلاث، وإعادة تخصيصات مكاتب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى الخزينة العامة، وتشكيل لجنة عليا تعنى باختيار المرشحين للمناصب العليا.
يشار إلى أن عدداً من المحافظات العراقية تشهد، تنظيم تظاهرات حاشدة يشارك فيها العشرات من الناشطين والمواطنين تنديداً بسوء الخدمات والفساد ونقص الطاقة الكهربائية.
&