عمان: امام تفاقم معاناة اللاجئين السوريين المنتشرين في دول الجوار اثر تراجع المساعدات المقدمة لهم، ارتفعت وتيرة المغامرين منهم بالهجرة غير الشرعية الى اوروبا، رغم المخاطر الداهمة التي تحدق بهم خلال هذا النوع من الرحلات.
وتقول الأمم المتحدة ان عدد اللاجئين السوريين تخطى اربعة ملايين، يعيش معظمهم في دول جوار سوريا في فقر، ويحلم بعضهم بالاستقرار في اوروبا، بعد فقدان الامل بعودة سريعة الى الوطن.
ووصل الى اوروبا خلال سبعة أشهر (حتى تموز/يوليو) نحو 340 الف مهاجر، معظمهم من السوريين، في اسوأ ازمة هجرة تواجه القارة منذ الحرب العالمية الثانية، فيما هلك المئات في عرض البحر.
ويقول آندرو هاربر، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن، لوكالة فرانس برس ان ما يجري هو "نتيجة عدم الاستثمار في دعم الدول المضيفة للاجئين وتأمين احتياجاتهم فيها، لذلك سيتوجه اللاجئون الى حيث يجدونها فتوجه هؤلاء الى اوروبا". واضاف "إن لم تدعم دولة كالاردن لتلبية متطلبات العون والحماية، وان لم يحصل اللاجئ على مساعدة وحماية كافيتين، فانه بالتأكيد سيغادر الى حيث يحصل عليها".
واشار الى ان "الدول المضيفة تعاني في التعامل مع اللاجئين السوريين نتيجة نقص الدعم الدولي، وعلى سبيل المثال فان برامج المفوضية في الاردن ممولة بنسبة 35%".وتحتاج المفوضية نحو 5,5 مليارات دولار هذا العام لمساعدة اللاجئين السوريين والدول المضيفة لهم، لكنها حصلت فقط على ما يغطي 41% من هذه الاحتياجات.
في الاردن يعيش حوالى 86 % من جميع اللاجئين دون عتبة الفقر، ولا يتخطى دخلهم 3,2 دولارات في اليوم. اما في لبنان فان 55% من اللاجئين يعيشون في ظروف سكن رديئة، بحسب المفوضية. من جانبه، يقول آدم كوغل الباحث في قسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان لفرانس برس ان "الكثير من اللاجئين السوريين الذين قابلناهم يفكرون في خوض الرحلة الخطرة عبر تركيا او شمال افريقيا الى اوروبا".
واضاف ان "الكثير منهم قالوا ان نقص المساعدات الانسانية وعدم القدرة على العمل بشكل قانوني في دول الجوار يدفعهم مجبرين للاختيار بين العودة الى سوريا او محاولة الهجرة الخطرة".
وفر اكثر من 1,1 مليون لاجئ سوري الى لبنان ونحو 600 الف الى الاردن، بحسب الامم المتحدة، بينما تقول المملكة انها تستضيف 1,4 مليون سوري يشكلون 20% من عدد سكانها البالغ نحو 7 ملايين نسمة.
ويقول هاربر ان اللاجئين "فقدوا الأمل بالحصول على المساعدة التي يحتاجونها، وهناك صعوبات في الحصول على عمل قانوني او الحصول على خدمات صحية او التعليم لذلك ليس امامهم سوى العودة الى سوريا او الهجرة الى اوروبا". ويرى ان هناك تحولا كبيرا في توجهات اللاجئين السوريين منذ بداية هذا العام، حيث زاد عدد العائدين الى سوريا وتراجع عدد الفارين منها الى دول الجوار.
واوضح على سبيل المثال ان "عدد اللاجئين الذين يغادرون الاردن عائدين الى سوريا هو الآن بمعدل نحو 200 لاجئ يوميا" مقارنة بأقل من 200 لاجئ اسبوعيا في الاعوام السابقة. واشار الى ان القادمين لا يتجاوزون العشرات مقارنة بالآلاف في اعوام مضت.
ويقول العشريني ابو اليمان، متحدثا باسم "تنسيقية مخيم الزعتري" التي شكلها لاجئون سوريون في مخيم الزعتري (85 كلم شمال-شرق عمان) ان عائلات كثيرة غادرت الاردن الى تركيا بغرض الهجرة لاوروبا عن طريق التهريب، ودفعت مبالغ بآلاف الدولارات لقاء ذلك. واضاف ان "اهمال العالم للسوريين في المخيمات ومعاناتهم الناجمة من نقص الاحتياجات الاساسية من كهرباء ومياه وغيرها هو السبب الرئيس وراء اندفاعهم للهروب الى دول غربية".
واشار الى ان "تجاهل العالم لنا دفع حتى المنظمات الانسانية لسحب مساعداتها تدريجيا، واللاجئ الان يفقد ابسط احتياجاته". واعتبر ابو اليمان، وهو طالب جامعي متخصص في التربية يطمح إلى اكمال تعليمه، ان "الهجرة بأي شكل هي فرصة للحصول على مستقبل افضل وتحقيق احلام اللاجئين في تأمين مستقبل وحياة افضل"..
واضاف ان "اللاجئين فروا منذ بداية الازمة عام 2011 باعتبار انه لجوء مؤقت املا بالتغيير وبمستقبل افضل، ومرت سنوات ولم يتغير شيء، والحال تسوء، لذلك الهجرة هي الحل". اما محمد الحريري (34 عاما)، الاب لثلاثة اطفال في مخيم الزعتري، الذي يأوي نحو 80 الف سوري، فيقول لفرانس برس "لم تبق امام اللاجئ السوري الا الهجرة".
واضاف "خدعنا، قيل لنا ان نظام الأسد سيسقط خلال اسابيع، وانه لا يسيطر الا على ربع سوريا، وخرجنا من بيوتنا على أمل العودة القريبة، ها نحن بعد خمس سنوات لا نزال مشردين في الخارج، والبلد دمرت، ولا يبدو ان شيئا سيتغير".
ويرى الحريري ان "الهجرة مخاطرة، لكن البعض لم تعد لديه القدرة على الاحتمال، خصوصا مع تجاهل العالم معاناتنا ونقص المساعدات الانسانية، ماذا ينتظرون منا ان نموت بصمت؟ بالطبع السوري امام خيارين العودة والموت في بلده او الهجرة". وقتل ما يزيد على 240 الف شخص في النزاع في سوريا الذي بدأ بتظاهرات احتجاجية سلمية في 15 اذار/مارس 2011 قبل ان يتحول الى حرب دامية ومتشعبة.
&
التعليقات