يحذر سياسيون مصريون وخبراء من سيطرة "المال السياسي" على الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر اجراؤها خلال الشهرين المقبلين، خاصة بعد أن أعلن عدد من رجال الأعمال تخصيص أموال هائلة للدعاية الانتخابية من أجل بسط السيطرة على البرلمان المقبل.


أحمد حسن من القاهرة: في ظل الاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، حذرت القوى السياسية والأحزاب من عودة سيطرة رجال الأعمال على العملية الانتخابية في مصر، والتي تسببت في سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، كما تسببت في إسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية التي اعتمدت أسلوب "الزيت والسكر" لاكتساح الانتخابات.

ويتصدر قائمة رجال المال السياسي المهندس نجيب ساويرس، مؤسس حزب المصريين الأحرار، وأحمد عز، أمين عام الحزب الوطني المنحل، والسيد البدوي، رئيس حزب الوفد، ومحمد أبو العنين، النائب السابق عن الحزب "المنحل"، وأحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى جانب العشرات من رجال الأعمال الذين سيخوضون الانتخابات بشخصهم،أو لدعم تحالفاتهم أو أحزابهم.

مبادرة جديدة

لمواجهة ظاهرة المال السياسي، أعلنت مؤسسة (شركاء من أجل الشفافي ) عن تدشين مبادرة لمراقبة الإنفاق المالي للدعاية الانتخابية لمرشحي البرلمان القادم تحت شعار "أصواتنا في مواجهة أموالكم"، تستهدف 5 محافظات هي القاهرة، والإسكندرية، والدقهلية، وبورسعيد، والفيوم، وستضم المبادرة نحو 20 فردًا منقسمين بين محلل مالي ومراقب فضلًا عن 40 متطوعًا لجمع المعلومات اللازمة لكشف المخالفات الانتخابية.

كما أعلنت عدد من منظمات المجتمع المدني قيامها بالمراقبة على الإنفاق المالي للدعاية الانتخابية في الشوارع، ورصد جميع الانتهاكات لتقديمها إلى اللجنة العليا للانتخابات وشطب المرشح المخالف.

مراقبة شعبية

في السياق ذاته، يطالب الدكتور جمال زهران، استاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس، جميع المنظمات الحقوقية القيام بدورها الرقابي مع الشعب لمواجهة الرشاوى الانتخابية التي سوف تظهر خلال الانتخابات.

وأشار زهران إلى أن الانتخابات القادمة سوف تشهد سيطرة كاملة لرجال الأعمال بما يعيد ذكريات& برلمان 2010 الذي تسبب في قيام ثورة 25 يناير، حيث أعلنت& بعض التحالفات عن أرقام طائلة للدعاية، منها تحالف الوفد الذي رصد 100 مليون جنيه كمصاريف للدعاية الانتخابية، كما أن حزب المصريين الأحرار رصد 150 مليون جنيه، كما أعلن المقربون من& أحمد عز أمين الحزب الوطنى المنحل عن رصد 120 مليون جنيه.

ضعف المراقبة

وقال زهران لـ"إيلاف" إن "اللجنة العليا للانتخابات لم تحدد آلية لمراقبة مصاريف الدعاية الانتخابية التي حددتها القوانين المنظمة لعملية الانتخابات بـ7,5 مليون جنيه كحد أقصى للإنفاق، وفي الإعادة ثلاثة ملايين، ليكون عدد مقاعد مجلس النواب 448 بالنظام الفردي، و120 بنظام القوائم المغلقة المطلقة، بجانب 500 ألف جنيه للمقعد الفردي، وهو الأمر الذي يفتح الباب لعودة ظاهرة شراء الصوت الانتخابي بالمال والهدايا، وهو ما تنجح فيه دائما الأحزاب الدينية ورجال الأعمال ومرشحي الحزب الوطني المنحل، في حين لن يستطيع مرشحو الشباب والأحزاب الفقيرة من الوقوف في وجه المال السياسي".

شراء المرشحين

يقول الدكتور سعد عبود وهو نائب مصري سابق إنّ "المال السياسي أخطر ما يهدد الحياة السياسية، في ظل وجود أحزاب وشخصيات تمتلك القدرة المادية علي دفع ملايين مقابل الحصول علي مقعد أو الاتفاق مع نائب يستطيع الفوز ليخوض الانتخابات باسم الحزب".

وأضاف عبود أن هذه الطريقة كان يستخدمها من قبل رموز الحزب الوطني، وانتهى بهم الوضع إلي السيطرة علي أكثر من ثلثي البرلمان، ومن ثم امتلاك تعديل وتمرير القوانين دون أي معارضة".

ولفت إلى قيام أحزاب بعينها (دعمًا من رجال أعمال) بضخ ملايين الجنيهات في سبيل ضمان سيطرتها على البرلمان القادم، وهناك رجال أعمال تابعون للحزب الوطني المنحل وضعوا ميزانيات هائلة للدعاية الانتخابية ومصاريف المرشحين، والتي تفوق قدرات أي حزب.

وأكد سعد عبود ﻟ"إيلاف" أن الأحزاب وبعض المرشحين لن يلتزموا بقانون الانتخابات وسيسعون إلى التهرب من المبلغ المحدد للإنفاق على الدعاية الانتخابية، في ظل ضعف الرقابة الحكومية والشعبية على الانتخابات، وعدم وجود آليات محددة لعقاب المرشح المتجاوز.

ناقوس خطر

من جانبه، أوضح الدكتور عبد السلام النويري، أستاذ العلوم السياسية، أن مصاريف الدعاية الانتخابية تتكلف أكثر من 7 مليارات جنيه، والسيطرة علي المال السياسي يحتاج إلي رقابة شعبية وقانونية شديدة وحرصا من جانب الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة وشفافة ووصول النائب الذي يستحق إلى هذا المنصب.

وأضاف أن استخدام رأس المال في الانتخابات القادمة يعد ناقوس خطر علي الحياة السياسية بشكل عام، والمستقبل السياسي للنظام الحالي، خاصة وأن البرلمان المقبل له صلاحيات أكبر، سواء في تشكيل الحكومة أو سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وسيطرة رأس المال داخل البرلمان يلغي العدالة الاجتماعية التي نادت بها ثورتا يناير ويونيو، وهو الأمر الذي قد يزيد الوضع الداخلي اشتعالًا ضد الرئيس السيسي.
&
وقال النويري لـ"إيلاف" إن "ملامح سيطرة المال السياسي واضحة أمام الحكومة، ولابد من قيامهم بدور رقابي كبير لمنع تسلل رجال الأعمال للبرلمان وخاصة& قيادات الحزب الوطني المنحل، فمازالت الفرصة في يد الحكومة وعليها ألا تفوتها حتى لا تندم وتكون التداعيات السياسية كبيرة".
&