رفضت الأحزاب السياسية وخبراء القانون الدستوري تعديلات قانون الانتخابات البرلمانية التي صدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تقسم مصر إلى 205 دوائر للانتخاب بالنظام الفردي و4 دوائر للانتخاب بنظام القوائم، بإجمالي 448 مقعدًا للفردي و120 مقعدًا للقوائم.

القاهرة: أعلن قانونيون وبعض القوى السياسية رفع دعوة قضائية للمرة الثانية أمام محكمة القضاء الإداري لإبطال التعديلات التي أجريت أخيرًا على قانون الانتخابات البرلمانية، الذي صدق عليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

فقد أكدوا أن التعديلات الأخيرة غير دستورية، ما سيترتب عليه صدور حكم جديد من قبل المحكمة الدستورية بالطعن على تلك التعديلات، الأمر الذي يعيدنا إلى المربع الأول، ليتم تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى أجل غير مسمى.

غير دستورية

وأكد جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس ومؤسس تحالف العدالة الاجتماعية، أنه سيقوم برفع دعوة قضائية للطعن بتعديلات قوانين الانتخابات التي أقرها السيسي، لافتًا إلى وجود أكثر من 11 تعديلًا على قانون تقسيم الدوائر بها عوار دستوري، "وسنطعن بكل التعديلات خاصة القوائم ومصاريف الدعاية سواء للمقعد الفردي أو القائمة".

وقال لـ"إيلاف": "الطعون الجديدة تتركز على عدم وجود مبرر لدمج الدوائر وتقليص عددها في مقابل زيادة عدد النواب، وهو ما يخالف منطق حكم المحكمة الدستورية بضرورة التوافق النسبي بين المقاعد والنسبة السكانية، كما أن تعديل تقسيم الدوائر أدى إلى تفاوت في المساحات بين الدوائر، فالدوائر مقسمة إلى أربع مساحات تبدأ بمقعد واحد حتى أربعة مقاعد، أي هناك دوائر مساحتها أربعة أضعاف مساحة دوائر أخرى، وهذا التفاوت يؤدي إلى تفاوت في الأعباء التي يتحملها المرشحون من حيث الإنفاق والجهد والوقت، ما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، ولا يوفر التقارب بينهم بشكل معقول، ما قد يجعله محلًا للطعن بعدم الدستورية".

وأوضح زهران أنه حريص على المضي في تنفيذ خارطة الطريق وإجراء انتخابات برلمانية، شرط أن تتم وفقًا لقانون سليم لا يشوبه عوار دستوري.

حكم بطلان جديد

قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، لـ"إيلاف": "في قانون تقسيم الدوائر مخالفة دستورية في مسألة تقسيم الدوائر الأربعة، إذ لم تقم لجنة تعديل القانون بإجراء تعديلات على ملاحظات المحكمة الدستورية في حكمها الأول، وهي نفس الملاحظات التي أبداها قسم التشريع بمجلس الدولة، ما يؤكد صدور حكم جديد من المحكمة ببطلان مادة تقسيم الدوائر الأربعة".

وأكد هذا الفقية القانوني أن التعديل الذي أجرته لجنة التشريع على القانون جاء وفق اعتبارات أمنية لا وفقًا لاعتبارات سياسية، وهو ما صرح به أكثر من مرة وزير العدالة الانتقالية ورئيس اللجنة المستشار إبراهيم الهنيدي، مشيرًا إلى أن المشهد السياسي الداخلي سيزداد صعوبة في حالة صدور حكم من الدستورية بالطعن بالتعديلات الجديدة لقانون الانتخابات البرلمانية، وهو ما يشير إلى استحالة إجراء الانتخابات البرلمانية في خلال العام الحالي.

وطالب الفقيه الدستوري اللجنة العليا للانتخابات بعدم تحديد موعد بدء الانتخابات انتظارًا لنظر المحكمة الدستورية في الطعون الجديدة، حتى لا يتم انتخاب البرلمان ويصدر حكم بعد ذلك بحله، ما يرتب خسائر مادية وسياسية كبيرة.

ورفض بشدة الدعوة الخاصة بتحصين البرلمان القادم من الحل،معتبرًا ذلك نوع من التعدي الغاشم من السلطة التفنيذية على الدستور، وانتهاك حقيقي لمبادئ ثورة 30 حزيران (يونيو)، التي حلف الرئيس السيسي على حمايتها.

ورطة الحكومة

في السياق ذاته، قال الخبير الدستوري الدكتور محمد أمين لـ"إيلاف" : "إن إصدار قانون تقسيم الدوائر بهذا العوار الدستوري إصرار من الحكومة على التمادي في الخطأ، ورفض سماع الرأي الآخر، وهذه السياسة توقع الدولة في ورطة كبيرة إذا صدر حكم قضائي بعدم دستورية التعديلات على قانون الانتخابات للمرة الثانية".

وأوضح أمين أن قانون تقسيم الدوائر الجديد لم يأخذ بتنبيهات هيئة مفوضي المحكمة الدستورية والتي طالبت بأن تكون نسبة الانحراف النسبي في الدوائر لا تزيد عن 20%،في حين كانت النسبة في التعديلات الجديدة 25%، ما سيطعن به لعدم دستوريته.

واشار إلى أن ثمة مواد في قانون مباشرة الحقوق السياسية معرضة للطعن بعدم الدستورية، ومنها الفقرة الثانية بالمادة 25 من القانون التي تحرم النائب من ترك حزبه الذي نجح على قائمته، فالقانون بصيغته الحالية لن يخلق برلمانًا متوازنًا بل سيخلق برلمانًا فيه أغلبية مستقلة من نواب النظام السابق.