تونس: أمام تكدس القمامة في الشوارع وتنامي ظاهرة عدم احترام إشارات المرور في الطرقات واحتلال الباعة الجائلين وأصحاب المقاهي والمطاعم للأرصفة الخاصة بالمشاة، يراهن شبان تونسيون على تكنولوجيات الاتصال الحديثة لـ"تحريك" المسؤولين و"تغيير العقليات".

"انها فوضى عارمة" هكذا وصف الوضعَ، عادل الذي كادت تصدمه سيارة كانت تسير بسرعة جنونية وبشكل غير قانوني فوق سكة المترو في شارع بالعاصمة تونس.

تفاقمت في تونس بعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس الدكتاتور زين العابدين بن علي، مظاهر عدم التحضر مثل إلقاء قوارير المشروبات الفارغة من نوافذ السيارات، ورمي القمامة في غير الأمكنة المخصصة لها و"حرق" (عدم احترام) إشارات المرور.

وزاد أيضا تردي الخدمات العامة مثل جمع القمامة التي أصبحت متناثرة أو مكدسة في أغلب شوارع البلاد، وصيانة البنية التحتية للطرقات حيث يمكن ان يستغرق ردم ما يظهر فيها من حفر، أشهرا عدة.

وأمام حالة "اللامبالاة العامة" وفق عبارة يومية "لابريس" الرسمية (ناطقة بالفرنسية)، أطلق نشطاء مبادرات مواطنية على شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر تطبيقات الكترونية جوالة لتوعية& المواطنين وحث المسؤولين على "التحرّك".&

وفي أغسطس/آب الماضي، أطلق زياد الملولي الذي يعمل مدرسا في صفاقس (وسط شرق)، ثاني أكبر مدينة في تونس، حملة على فيسبوك بعنوان "سيّب التروتوار" (اترك الرصيف) لحث السلطات على التصدي لظاهرة احتلال الأرصفة.

وقال الملولي لفرانس برس انه اصبح "مريضا" بسبب ظاهرة احتلال الارصفة من قبل الباعة الجائلين والمقاهي والمطاعم في تونس. ويعتزم الشاب القيام بجولة في مدن تونسية لالتقاط صور لهذه الظاهرة ونشرها على صفحة حملة "سيب التروتوار" في فيسبوك.

وانضم الى هذه الصفحة آلاف الأشخاص، منهم من شارك بنشر صور لسيارات مركونة فوق الارصفة وأكشاك عشوائية أقيمت عليها، ولمقاهي ومطاعم نصبت طاولات ووضعت كراسي فوق الرصيف ما أجبر المترجلين على السير في الطرقات المخخصة للسيارات.

وأمام انخراط اعداد كبيرة من نشطاء الانترنت في حملة "سيب التروتوار"، قال زياد الملولي "كأن الناس كانوا ينتظرون" هذه المبادرة.

وأضاف "نريد من السلطات ان تتحرك وتقوم بعملها. نريد ببساطة أن نتمكن من المشي (مجددا) على الرصيف".

وبهدف تسهيل التواصل بين المسؤولين والمواطنين، أطلق رافع ليمام تطبيقا خاصا بالهواتف المحمولة أسماه "مخطط 125" يتيح لمستعمليه نشر صور لمظاهر عدم التحضر مثل رمي القمامة في الشواطئ، أو نسيان البلديات إطفاء أضواء الشوارع في النهار.

وقال رافع "نقرات صغيرة، ويمكنك التعرف على مشاكل منطقة ما. التكنولوجيا الحديثة تسهل الأمور فبدل تحرير شكوى على الورق والبحث عن المسؤول والادارة التي يجب ايداعها لديهما، يكفي نشر صورة واحدة".

واقترح رافع منح مسؤولين وخصوصا الولاة (المحافظين) "اسم مستخدم" و"كلمة سر" لتمكينهم من الاستفسار عبر هذه التطبيقة الالكترونية عن مشاكل ولاياتهم.

لكن يتعين أن يحظى هذا المقترح بموافقة المسؤولين الذين ابدى بعضهم تحمسا لاستعمال التطبيق، فيما رفضه آخرون.

وبدا الشاب واثقا من نجاح مبادرته بعد ان بلغ عدد متابعي صفحة "مخطط 125" على فيسبوك نحو 40 ألفا.

وحققت حملة "سيب التروتوار" التي أطلقها زياد الملولي بعض أهدافها، إذ قامت السلطات في بعض المدن بإزالة أكشاك عشوائية بنيت فوق الرصيف.

وفي العاصمة تونس تم حجز كراسي وطاولات لمقاهي ومطاعم ومحلات تستغل الرصيف لممارسة انشطتها التجارية.

لكن لا يعرف ما إذا كان تجاوب السلطات مع هذه المبادرات المواطنية سيستمر، خصوصا بعد ان يزول الاهتمام الاعلامي بها.

وقال ماهر زاهر نائب رئيس بلدية مدينة المرسى التي تقع شمال العاصمة تونس إن إمكانيات البلديات تراجعت بعد ثورة 2011& لافتا في هذا السياق إلى أن مهمة تكليف الشرطة البلدية بفرض القانون أصبحت أقل سهولة منذ أن تم إلحاق هذا الجهاز بوزارة الداخلية.

وأعرب زاهر عن الامل في "استفاقة وعي" لدى المواطنين لأنه "ليس بإمكان اي مؤسسة تنظيف الشواطئ إن قام كل مصطافيها برمي القمامة".

وختم المسؤول حديثه بالقول مازحا "هل هي& شركات التنظيف التي تمنع المصطافين من الذهاب الى البحر؟".&&