كراكاس: قد تتمكن المعارضة السياسية في فنزويلا التي اضعفتها سلسلة من الضربات، بينها السجن لاحد رموزها، ليوبولدو لوبيز، من اعادة تعزيز وضعها، اذا توصلت الى توحيد صفوفها لخوض الانتخابات التشريعية في السادس من كانون الاول/ديسمبر، بحسب عدد كبير من المحللين.

فقد حكم على لوبيز، زعيم الجناح المتطرف للمعارضة، احد ابرز وجوهها، بالسحن حوالى 14 عاما الخميس الماضي، بتهمة التحريض على العنف خلال التظاهرات التي اسفرت، رسميا، عن مقتل 43 شخصا في 2014 ضد حكومة نيكولا مادورو الاشتراكية.

وقال الخبير السياسي جون ماغدالينو ان "هذا القرار يأتي في اطار الاستراتيجية التي تطبقها الحكومة منذ 2014 للحد من نفوذ المعارضة وقوتها". وفي سياق هذا المنطق، سجنت الحكومة ايضا، كلا من رئيس بلدية كراكاس الكبرى المعزول انطونيو ليديزما، ورئيس بلدية سان كريستوبال (جنوب شرق) السابق دانيال كيبالوس. فقد وجهت الى الاول تهمة التآمر على الرئيس، والى الثاني تهمة التحريض على التظاهرات في 2014.

واوقف المجلس الانتخابي ترشيح عشرة من المعارضة الى الانتخابات التشريعية، بينهم عدد كبير من الشخصيات المعروقة مثل النائبة السابقة ماريا كورينا ماشادو. ولاحظ هيكتور بريسينو من مركز دراسات التنمية في جامعة فنزويلا المركزية، ان الهدف من الحكم على لوبيز، "هو التشويش على التوافق في اطار تحالف المعارضة" الذي يرغب في ان يرشح الى الانتخابات التشريعية لائحة موحدة تحت راية "لائحة من اجل الوحدة الديموقراطية" لأن الوحدة في صفوف المعارضة ما زالت ضعيفة بين احزاب اليسار المعتدل واليمين المتشدد، اللذين يجمعهما فقط رفضهما "لتيار شافيز".

والتظاهرات التي فجرها في شباط/فبراير 2014 طلبة كانوا يحتجون على الانفلات الامني، انضم اليها في وقت لاحق، سياسيون مثل ليوبولدو لوبيز، كانوا يدعون الى ممارسة ضغط على مادورو لحمله على الاستقالة. لكن معارضين آخرين انتقدوا هذه الاستراتيجية، مثل حاكم ولاية ميرندا هنريك كابريليس.

وكان كابريليس، المرشح السيء الحظ مرتين للانتخابات الرئاسية، اواخر 2012 ضد هوغو تشافيز، ثم في اذار/مارس 2013 حيث فاز عليه نيكولا مادورو بفارق ضئيل، نأى بنفسه فجأة عن تلك التظاهرات، رافضا بعد ذلك تأييد الاضراب عن الطعام الذي نفذه لوبيز اثناء سجنه تلك السنة.

وقال هيكتور بريسينو ان الحكومة تسعى عبر الحكم على لوبيز الى تعميق الانقسامات من خلال تحريض حزبه "فولونتاد بوبيلار" (الارادة الشعبية) على المطالبة بمزيد من المكانة في اطار تحالف "لائحة من اجل الوحدة الديموقراطية" بعد "التضحية" بمؤسسه.

واوضح هذا المحلل ان الهدف في المقابل، هو "القضاء على الحوافز لدى الهيئة الناخبة في صفوف المعارضة" من خلال التلميج "بانعدام الفصل بين السلطات، لذلك لماذا ينبغي التصويت". لكن النتيجة يمكن ان تكون معكوسة، في اطار من الاستياء الشعبي الناجم من الازمة الاقتصادية العميقة في فنزويلا التي زاد من حدتها تراجع اسعار النفط والنقص الحاد في السلع الاساسية. وتتوافر لفنزويلا اهم احتياطات النفط في العالم.

واعتبرت فرانسين جاكوم مديرة المؤسسة الفنزويلية للدراسات الاجتماعية والسياسية، ان "اكثرية احزاب تحالف لائحة من اجل الوحدة الديموقراطية ستجعل من (الادانة) عامل وحدة وحافزا اضافيا للمشاركة في التصويت".

وفيما تبدو المعارضة الاوفر حظا في انتخابات كانون الاول/ديسمبر، للمرة الاولى منذ انتخاب هوغو تشافيز في 1999، قال جون ماغدالينو "اتخوف من ان يؤدي الحكم بالسجن في مناخ من الاستياء المتزايد الى اغضاب قطاعات المعارضة التي لم تكن تنوي التصويت وتحفيزها للمشاركة في الانتخابات".

ويفيد آخر استطلاعات الرأي المعروفة الذي اجرته مؤسسى داتاناليسيس في ايار/مايو، ان المعارضة قد تحصل على الاكثرية النيابية من خلال 40,1% من الاصوات، في مقابل 21,3% للحزب الاشتراكي الحاكم.

ونبه هيكتور بريسينو الى ان "الوسيلة الوحيدة للمعارضة من اجل تحويل ذلك الى انتصار هو ان تدعو القطاعات المتطرفة الى التصويت". ويطبق هذه الاستراتيجية ليوبولدو لوبيز الذي لم يدع انصاره للنزول الى الشوارع، بل للتوجه بأعداد كبيرة الى مراكز التصويت.