عبر المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيستاني عن الغضب لاستمرار تفجير مساجد السنة، ودعا الحكومة الى عدم السماح بوجود مسلحين خارج اطار الدولة ومن أي طائفة أو مكون، كما طالبها بسياسات اقتصادية عملية تنقذ البلاد من ازمتها المالية الحالية.


أسامة مهدي: أشار الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني خطيب جمعة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، خلال خطبة اليوم، التي تابعتها "إيلاف" عبر قنوات محلية، الى ان قضاء المقدادية بمحافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) قد شهد هذا الاسبوع اعمالاً ارهابية بتفجير عدد من المساجد والمنازل (للسنة) مشددًا على ان لهذه الجرائم تداعيات خطيرة على السلم الاهلي والعيش المشترك بين العراقيين.

وبعد ان ادان هذه التفجيرات فقد حمل القوات الامنية مسؤولية منع تكرارها وعدم السماح بوجود مسلحين خارج اطار الدولة يهددون امن المواطنين ومن أي طائفة أو مكون كان.

واشار الى أن العاصمة تعرضت الاثنين الماضي الى عملية هجوم وتفجيرات ضد مركز تجاري كبير فيها نفذه مجموعة من الارهابيين الدواعش ضد جموع المواطنين في المركز، اضافة الى تفجير مفخخات في مناطق اخرى من الواضح انها تهدف الى الرد على الهزائم التي مني بها التنظيم الاجرامي "داعش" في ساحات المعارك مع القوات العراقية والمتطوعين وابناء العشائر في الانبار.

واوضح ان هذه الخروقات الامنية لايمكن مواجهتها بالأساليب الامنية التقليدية ككثرة السيطرات وإجراءات التفتيش الروتينية، فمن الضروري أن يتم العمل على تطوير القدرات الاستخبارية لاجهزة الأمن العراقية والاستعانة بعناصر شعبية للحصول على المعلومات اللازمة من حواضن العصابات الإرهابية لإجهاض مخططاتها الاجرامية قبل&تنفيذها".

وطالب القوات المسلحة في جبهات القتال ادامة اليقظة والحذر من شن تنظيم "داعش" لهجمات تعرضية في مناطق مختلفة لتعويض خسائرة الاخيرة في هذه الجبهات، ودعم المتطوعين ورجال العشائر بما يحتاجونه من السلاح والعتاد وبما يمكنهم من اسناد القوات المسلحة في مواجهة الارهاب.

بطريرك كلدان العراق والعالم يدعو الحكومة لفرض سلطة القانون

ومن جهته، دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل الأول ساكو الحكومة والقوات الأمنية الى فرض سلطة القانون وحماية المواطنين دون النظر لدينهم ومذهبهم وقوميتهم مستنكرًا التفجيرات الاخيرة التي طالت مساجد للسنة ومركزًا تجاريًا في بغداد.

وقال ساكو إن "البطريركية الكلدانية في العالم تدين بشدة الاعتداءات المشينة التي طالت المساجد في المقدادية بمحافظة ديالى وتعدها انتهاكًا صارخاً ومهينًا لحرمة الدين وقيمه وأصحابه"، مشيرًا الى أن "هذه المعابد هي بيوت الرحمن واستهدافها هو استهداف من يُعْبَد فيها".

وشدد على ضرورة قيام الحكومة وقواتها الامنية بفرض سلطة القانون وحماية حياة المواطنين وممتلكاتهم أيًا كان دينهم أو مذهبهم أو قوميتهم.

واعتبر اغتيال الصحافيين العاملين في قناة الشرقية العراقية سيف طلال وحسن العنبكي، اللذين كانا يقومان برسالتهما في نقل الاحداث بمهنية، عملاً مشينًا.

وكان رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي قد اصدر امس اوامر للقوات الامنية في محافظة ديالى شمال شرق بغداد بمطاردة واعتقال مثيري الفتنة الطائفية من مهاجمي المساجد والاموال العامة ومنع تكرار خروقاتهم الارهابية.

كما اعتبر رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري ما تشهده محافظة ديالى من استهداف ضد المواطنين الامنين وبيوت الله تحت ذريعة الانتقام بأنه سابقة خطيرة لاشعال نار الفتنة الطائفية المقيتة.

واضاف ان "من يحمل السلاح خارج اطار الدولة يجب ان تتم محاربته ومن جميع اطياف ومكونات الشعب العراقي لأن هذا السلاح سينقلب على الجميع ".

وتساءل قائلاً "اذا كانت الأجهزة الأمنية عاجزة عن حفظ الأمن .. فلماذا ندفع رواتب لأكثر من 30 الف منتسب؟".

وكانت مليشيات مسلحة قد اغتالت الثلاثاء الماضي مراسل قناة الشرقية سيف طلال ومصورها حسن العنبكي بالقرب من مدينة بعقوبة خلال عودتهما من مهمة صحافية، كما قامت بتفجير خمسة مساجد للسنة ومقهى للشباب وعمارة في قضاء المقدادية بالمحافظة، والذي تقطنه غالبية سنية، ما ادى الى مقتل واصابة العشرات.

دعوة لخطط اقتصادية عملية

وعن الازمة المالية الخطيرة التي يواجهها العراق حاليًا، فقد اشار الكربلائي معتمد السيستاني الى ان العراق يعيش اوضاعًا مالية صعبة نتيجة الانخفاض الكبير والمستمر لاسعار النفط، وهو ما يعرض رواتب الموظفين والمتقاعدين للخطر.

واوضح انه لايمكن تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر الا بإتباع خطط علمية مدروسة يضعها أهل الاختصاص بعيدًا عن القرارات المرتجلة&التي يمكن ان تحدث هزات اجتماعية خطيرة وتهدد المقومات الاساسية لمعيشة المواطن العراقي.

وشدد على ان انشغال الحكومة بمواجهة الارهاب لايبرر لها عدم ايلاء كامل الاهتمام بوضع سياسات اقتصادية ومالية مناسبة من خلال الاستفادة بالخبرات العراقية والدولية من اجل معالجة هذه الازمة بالشكل الصحيح.
وكانت خلية الازمة العراقية قالت عقب اجتماع لها في بغداد الليلة الماضية برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي انها قد تلجأ الى البنك المركزي كأحد الحلول لمعالجة الازمة المالية.

وأكدت على ضرورة اتخاذ مجموعة اجراءات لمعالجة الوضع المالي في ضوء الانهيار الكبير في اسعار النفط العالمية التي بلغت ادنى مستوى لها منذ اثني عشر عامًا وما ترتب عليه من قلة ايرادات الدولة. كما تم التأكيد على عدم المس برواتب ومدخولات الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية ومنتسبي شركات التمويل الذاتي.

ووجه العبادي بتأمين مبلغ مناسب كحوالات خزينة من البنك المركزي بالاضافة الى بحث اتخاذ اجراءات لتفعيل الايرادات غير النفطية والاستفادة مما ورد في الموازنة العامة لعام 2016 بشأن استحصال الاجور والخدمات في الوزارات والحكومات المحلية بما يعزز تمويل تخصيصاتها وضمان انجازها للأعمال والأنشطة، وبما يوفر الخدمات الكافية وتعزيز رصانة المصارف الوطنية والمضي باجراءات تنشيط القطاع الخاص لاسيما بعد اقرار آليات الاقراض للمشاريع الصناعية والزراعية وقطاع الاسكان.

ويعاني العراق أزمة مالية حادة نتيجة نفقات الحرب الباهظة ضد الارهاب والانخفاض الكبير في اسعار النفط التي تدهورت لادنى مستوياتها منذ 12 عامًا حيث يعتمد العراق على نسبة 90 بالمائة من مدخولاته.

وقد اضطرت الازمة المالية العراق الى وضع امواله في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تحت وصاية صندوق النقد الدولي، الذي اعلن ان احتياطيات العراق من العملة الصعبة لن تكفيه لاكثر من تسعة اشهر ما يضع البلاد على ابواب الافلاس منتصف العام الحالي.

وقد اصبحت الضغوط المالية على العراق ثقيلة حيث أن أي قرض كبير من صندوق النقد للعراق سيأتي بشروط تفرض على الحكومة العراقية خفض دعم اسعار الطاقة التي تشمل المحروقات والوقود كالبنزين وغيرها وإصلاح المشاريع المملوكة للدولة، وهي خطوات قد تكون صعبة على الصعيد السياسي وتثير احتجاجات شعبية سيكون لها الاثر الخطير على الاستقرار، وعلى مصير حكومة العبادي.