اضطرت عائلة بسيم صلاح الى تأجيل دفن ابنها يوما اضافيا بعد تسلم جثمانه من اسرائيل التي احتجزته شهرا كاملا في احد الاجراءات العقابية المثيرة للجدل ضد الفلسطينيين والتي تترك آثارها على العائلات.


نابلس: اضطرت عائلة بسيم صلاح الى تأجيل دفن ابنها يوما اضافيا بعد تسلم جثمانه من اسرائيل التي احتجزته شهرا كاملا في احد الاجراءات المثيرة للجدل ضد الفلسطينيين والتي تترك آثارها على العائلات.وقتل بسيم صلاح (38 عاما)، وهو من مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، في 29 نوفمبر برصاص حرس الحدود الاسرائيلي في القدس الشرقية بعد اقدامه على طعن عنصر منهم في عنقه.وعائلة بسيم صلاح واحدة من عشرات العائلات الفلسطينية التي تسلمت خلال الاسابيع الماضية جثث ابنائها الخارجة من الثلاجات الاسرائيلية كتلا من الجليد.

ويقول سعد صلاح، شقيق بسيم، وهو يشير الى صورة جثة على هاتفه المحمول، "بعد استلامه، كانت ساقاه متقوستين الى الاعلى. لم يكن هناك اي مجال لدفنه. تركناه ليذوب قليلا".وتابع "طالبنا بالجثمان لدفنه فقط. إكرام الميت دفنه".وبحسب الشرع الاسلامي، يجب دفن الموتى فورا او في اقرب وقت ممكن بعد الوفاة.ولكن اسرائيل قررت منذ اكتوبر الماضي احتجاز جثامين منفذي الهجمات من الفلسطينيين الذين يقتلون برصاص الجيش او الشرطة، كاجراء عقابي. ويثير هذا الاجراء الاستياء والغضب في المجتمع الفلسطيني.

ويروي مدير مركز ابو ديس الطبي عبد الله ابو هلال الذي عاين جثماني فلسطينيين بعد تسليمهما، "اضطررنا الى رفع جثمان مازن بمساعدة عشرين& شخصا كونه كان متجمدا بشكل تام"، وبالتالي اكتسب وزنا، وصعب حمله.

وكان يشير الى مازن حسن عربية (37 عاما) الذي كان يعمل في جهاز امني فلسطيني برتبة مساعد. وقتل برصاص الجيش الاسرائيلي بعد ان هاجم جنودا اسرائيليين بسلاح ناري عند حاجز بين القدس والضفة الغربية المحتلة، بحسب رواية الجيش الاسرائيلي.

وقد احتجز جثمانه منذ مقتله في الثالث من ديسمبر الماضي وحتى تسليمه بعد حوالى ثلاثة اسابيع.واوضح& الطبيب انه اضطر الى اعادة تخييط جزء من وجه عريبة ليتمكن افراد عائلته من توديعه.

رمي في الثلاجات
واضاف "يبدو انهم يقومون بالقائهم في الثلاجة بعد استشهادهم دون اي مراعاة للوضعية التي يكونون عليها،على الوجه او على الراس. الاحتلال لا يحترم حتى طريقة وضع الجثمان في الثلاجة".واضاف "يستشهد ثم يضعونه في كيس اسود في ثلاجة قد تكون فيها جثث اخرى. يلقون الجثث دون ترتيب".ويوضح الطبيب ان وضع الجثامين في الثلاجات يجعل من الصعب على العائلات تشريحها.

وسلمت اسرائيل في الاسابيع الاخيرة معظم الجثث التي تحتفظ بها.وبقي جثمان باسل سدر (20 عاما) من مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة اكثر من ثمانين يوما في ثلاجات الموتى.

وقال والده بسام قبل مراسم دفن ابنه مع 13 فلسطينيا اخرين اعادت اسرائيل جثامينهم "كان جثمانه باردا. بعض الشهداء بدوا وكأنهم كانوا موضوعين في مكان ضيق"، بحسب ما يدل عليه وضع الجثة "لم يكرمهم الاحتلال حتى في الثلاجات التي حفظهم فيها".

ويعترف مسؤول اسرائيلي مطلع على الملف ردا على سؤال لوكالة فرانس برس انه باستثناء البعد المعنوي لاحتجاز الجثامين، فان اسرائيل لا تحقق اي مكاسب من ذلك.وقال "التجارب السابقة علمتنا ان احتجاز الجثامين يجلب ضررا اكثر من الفائدة"، موضحا ان هناك توافقا في المؤسسة الامنية بان التمسك بالجثامين "يثير التوترات بدلا من تهدئة الوضع".واثار موضوع الجثامين انقساما بين الجيش المؤيد لاجراءات تؤدي الى تهدئة الاجواء ووزير الامن العام جلعاد اردان.

وايد الوزير حجز جثث، لكي لا تتحول الجنازات بشكل منهجي الى اشادة بالهجمات ضد اسرائيليين.وقال متحدث باسم اردان لوكالة فرانس برس "حتى الان، يتم احتجاز الجثث نظرا لان كل جنازة تحولت الى تعكير للامن العام وتظهر دعما للارهاب وتحرض اخرين على ارتكاب هجمات".

عائلات ما زالت تنتظر
ومن الشروط التي تفرضها اسرائيل لتسليم الجثامين، ان يتم دفنها ليلا وعدم تشريحها ودفع كفالة مالية في بعض الاحيان، بحسب ما تقول عائلات فلسطينية.
ولا تزال عائلات عشرة فلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة في انتظار اعادة جثامين ابنائها، بحسب مؤسسة الضمير لحقوق الانسان الفلسطينية والحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد الجثامين.

ويقول محمد عليان، والد بهاء عليان الذي قتل في 13 اكتوبر، ان الابقاء على الجثامين "نوع من الابتزاز لذوي الشهداء من اجل الضغط عليهم. هو نوع من العقاب الجماعي والامعان في تعذيب الاهالي".وكان بهاء عليان ركب حافلة اسرائيلية في القدس مع بلال غانم، واقدم الاثنان على اطلاق نار وطعن اسرائيليين داخل الحافلة، ما ادى الى مقتل ثلاثة اشخاص. وقتل عليان بينما اعتقل غانم.وبين الذين تم تسليم جثثهم خلال الشهر الجاري مقابل كفالات مالية، اربعة شبان فلسطينيين من القدس الشرقية قتلوا لدى تنفيذهم هجمات بحسب السلطات الاسرائيلية، ودفنوا خارج القدس في الجانب الاخر من الجدار الذي يفصل القدس عن الضفة الغربية المحتلة.

لكن محمد عليان، وعلى الرغم مرور مئة يوم على احتجاز جثمان ابنه، يرفض الشروط الاسرائيلية، ويقول "لن ادفن بهاء بالليل ولن ادفع كفالة ولن ادفنه خارج القدس".
&