وضعت الأزمة الاقتصادية العالمية الحكومة العراقية أمام تحديات كبيرة مع زيادة النفقات المالية، وخصوصًا العسكرية منها، وتغطية الرواتب، بالتزامن مع انخفاض عائدات النفط، ما دفعها إلى البحث عن حلول يقفز إلى مقدمتها خيار اللجوء إلى الاحتياطي في البنك المركزي العراقي، رغم أن قانونه يعطل ذلك.


محمد الغزي: نتيجة لهبوط أسعار النفط، اتسع عجز الموازنة العراقية، فيما انخفض احتياطي العراق، الذي يشرف عليه البنك المركزي، انخفض بنحو 20 % ليصل إلى 59 مليار دولار، في وقت يتجه العراق إلى الاعتماد على هذا الاحتياطي، وتأمين حوالات خزينة منه، لكن قانون البنك المركزي العراقي يعطل ذلك، فيما البرلمان يرفض اقراض الحكومة.&
&
المركزي العراقي، قاوم حتى الآن، ضغوط الحكومة الرامية إلى طبع عملة جديدة بقيمة 30 مليار دولار، بغية سد العجز في الموازنة. فيما أعلنت هي عن خطة لبيع سندات دين حكومية بقيمة 6 مليارات دولار أخيرًا، وهي خطوة تأتي بعد تمويل جاء من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.2 مليار دولار.
&
• رفض البنك المركزي
مدير عام الإصدار والخزائن في البنك المركزي العراقي إحسان شمران رفض توجّه الحكومة إلى السحب من احتياطياته المالية، وقال لـ"إيلاف" إن "القانون لا يسمح للحكومة بالسحب من احتياطيات البنك من العملة الصعبة، لسد العجز في ميزانيتها للمدفوعات". وأوضح أن "الحكومة غير محتاجة لارتكاب مثل هكذا مخالفة"، واعتبر أن ذلك "تجاوز تسعى إليه الحكومة".
&
ودعا شمران الحكومة إلى "الذهاب إلى إصدار سندات تشتريها المصارف، ليتم بعد ذلك خصمها عند البنك المركزي لعدم السيولة المتوافرة لديها".
&
عضو لجنة الاقتصاد البرلمانية نجيبة نجيب قالت لـ"إيلاف" إن "البرلمان سيستضيف إدارة البنك المركزي بعد استئناف جلساته لبحث إجراءات البنك تجاه الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق"، مشيرة إلى أن "العراق يواجه أزمة مالية بسبب الانخفاض الحاد للنفط، وتزيدها صعوبة بالتأكيد عودة رفع العقوبات عن إيران، وعودتها إلى السوق النفطية العالمية، وما ستسببه من تخمة".
&
بدوره، قال الخبير الاقتصادي د. ميثم لعيبي لـ"إيلاف"، إن "الموازنة حتى الآن من المرجح أن لا تمسّ، خاصة أن الحلول لن تذهب مباشرة إلى الأجور والرواتب، بل إن هناك فقرات ممكن أن تمس قبل الأجور، علمًا أن هذا لا ينفي أن تكون ثمة ضريبة معينة أو اقتطاع إجباري إدخاري لجزء منها".
&
أضاف "هذا في حين أن الحلول التي قبل ذلك تنصرف إلى الاستدانة، سواء من البنك المركزي أم المصارف التجارية والأفراد". ورأى لعيبي أن هذا الأمر من الممكن أن يذكرنا بالسنوات التي شهدت استدانة من البنك المركزي على شكل "إصدار نقدي جديد"، لكن قانون البنك المركزي الحالي لا يسمح بذلك.
&
• قروض ومستحقات
بنك التنمية الألماني سيقرض العراق 500 مليون يورو وبشروط وفوائد ميسرة لدعم الحكومة لتنفيذ مشاريع خدمية حيوية في المناطق المحررة، بحسب ما خرج به اجتماع وزير المالية هوشيار زيباري ووفد ألماني يمثل بنك الدولة للتنمية الألماني (KFW). &
&
لكن في موازاة سعي العراق إلى الحصول على قروض دولية، طمأن الشركات النفطية المنتجة، حيث أعلن لدى اجتماعه برئيس شركة شل النفطية هانز نايكامب أن حكومة بلاده ملتزمة بتأمين مستحقات شركات النفط العالمية.
&
وأكد حرص العراق على تنفيذ تعهداته في تأمين الاستحقاقات المالية للشركات النفطية، وليست الشركات النفطية المنتجة وحدها من يحاول العراق معالجة المستحقات المالية معها، بل إن مستحقات شركات القطاع الخاص الإيرانية كانت محور نقاش زيباري مع وكيل وزير الطاقة الإيراني هوشنك فلاحتيان.
&
• آليات مقترحة لدفع المستحقات النفطية
الخبير النفطي عبد الزهرة جودة المحداوي قال لـ"إيلاف" إن "العراق يلتزم بتعهداته المالية للشركات النفطية من خلال تسديد المستحقات، إما بالنقد أو بالنفط الخام بسعر يوم التسديد".
&
وأضاف "يمكن للعراق أن يضاعف الإنتاج، بحيث يبيع حصته في السوق، ويسدد للشركات المنتجة نفطًا بسعر يوم البيع، وهذا أحد الحلول المطروحة"، مشيرًا إلى إمكانية ذلك "خلال إجراء مفاوضات مع الشركات لإعادة جدولة المستحقات، وهنالك مصالح مشتركة بين الدائن والمدين".
&
كما لفت إلى إمكانية أن تذهب الشركات إلى بنوك دولية، وتأخذ مستحقاتها، عبر خطابات ضمان بفوائد متفق عليها، تدفعها الحكومة العراقية، وهو واحد من الحلول أيّده الخبير النفطي حمزة الجواهري، وقال لـ"إيلاف" إنه "يمكن إضافة 1 % إلى البنوك فوائد، وهذا حل أجده منطقيًا الآن".
&
• نوافذ
وقال الباحث أشرف الدهان لـ"إيلاف" إنه "لدى العراق ثروات وإمكانيات كبيرة، ولديه من الأصول والموجودات ما تسمح له بتحريك الاقتصاد وتحفيز النشاطات، كما لديه احتياطات مالية جيدة". وتابع "هذا فضلًا عن أن مديونيته وعجزه ومعدلات تضخمه معقولة، وأقل من الكثير من الدول المحيطة به".
&
ورأى الدهان أن الاستثمار يمكن أن يسهم في تنشيط قطاعات النقل والزراعة والصناعة والمصارف وحتى التعليم والصحة ، وبالتالي تحفيز القطاع العام وإنقاذه.
&
وأشار إلى إمكانية استثمار السياحة الدينية بشكل فاعل، مذكرًا بما لدى العراق من مواقع دينية وحضارية، تجعله قبلة الزائرين، خاصة أنها في محافظات آمنة، ولا تشهد أعمال عنف.

• الخطوط الجوية&
الحديث عن عرض شركة الخطوط الجوية العراقية للاستثمار صار واحدًا من الحلول التي يجري التفكير فيها. المتحدث باسم الوزارة عدنان الجبوري قال إن "مشروع استثمار الخطوط الجوية العراقية هو مشروع قديم، وتم طرحه أكثر من مرة"، مبينًا أن "القرار صدر من مجلس الإدارة في الشركة، لكنه حتى الآن لم يرفع إلى الوزارة، ويناقش في هيئة الرأي، ليتخذ بشأنه القرار المناسب"، مرجحًا أن يكون الهدف إما "تشغيل مشترك مع شركات أخرى أو استثمار كلي للشركة، ويكون ذلك حسب القدرة المالية وعمل السوق العالمية للطيران".
&
لكن وزير النقل باقر الزبيدي رفض وصف ذلك بـ"الخصخصة"، وقال إن "ما سيجري تطوير شامل لواقع الخطوط الجوية العراقية عبر دراسة عدد من العروض التي تقدمت بها شركات عالمية خاصة بالإعاشة ونقل الحقائب واختيار عدد من الأنظمة تمكن المواطن من حجز تذكرته ومقعده عبر الانترنت".
&&
&