هناك اطنان من كتل حديدية تدور في فلك الارض دون سيطرة أحد وهي تثير قلقا لدى كثيرين وتكفي الاشارة هنا الى ما حدث في آيار الماضي عندما ظلت مركبة فضائية روسية غير مأهولة تتأرجح في الفضاء بعد فشلها في انجاز مهمتها بنقل تجهيزات الى المحطة الفضائية الدولية ثم ما لبثت ان هوت في اتجاه الارض واحترقت في الطريق. وكان وزن المركبة سبعة اطنان وهو ما اثار مخاوف كبيرة. &
&
إعداد ميسون أبو الحب: وضع فريق علماء روس تحت اشراف عضو اكاديمية العلوم الروسية فيتالي آدوشكين دراسة ركزت على تعاظم الخطر الذي تمثله بقايا صواريخ او مركبات فضائية او اقمار صناعية تدور في فلك الارض على الملاحة الفضائية، ونبهت الدراسة الى ان هذا الخطر قد يتحول ايضا الى خطر سياسي وقد يؤدي الى تفجير نزاع سياسي او حتى عسكري بين الدول ذات النشاطات الفضائية.&
&
وتطرح الدراسة التي ستنشر في مجلة آكتا آسترونوتيكا "Acta Astronautica" احتمالات عديدة قد تؤدي الى نتائج وخيمة مثل ان يتعرض قمر صناعي الى تلف او تدمير دون ان يتمكن الطرف الذي يملك القمر من تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك أهو حطام وبقايا مبعثرة ام عملية مقصودة نفذتها قوة منافسة وهو ما قد يؤدي حسب فريق العلماء الى مشكلة سياسية خطيرة.
&
قمامة متحركة &&
&
هذه البقايا والحطام تمثل خطرا تكنولوجيا كبيرا وكانت وكالة الفضاء الاميركية ناسا قد قدرت وجود ما يقارب من 500 الف قطعة تحوم حول الارض منها 20 الف قطعة حجمها اكبر من حجم كرة التنس.&
&
ويمكن لهذه البقايا ان تتحرك بسرعة عشرة كيلومترات في الثانية تقريبا ما يعني ان في إمكانها إلحاق أضرار بالغة بالاجهزة المعلقة في الفضاء.&
&
ويترصد مثل هذا الخطر برواد الفضاء ايضا ففي تموز (يوليو) الماضي اضطر عدد منهم كانوا في المحطة الفضائية الدولية الى الاحتماء داخل المركبة سويوز لتجنب بقايا قمر صناعي روسي كان يمر في المكان.
&
غير ان ما يخشاه العلماء هو ان يتعرض قمر صناعي الى تلف بسبب حطام وأن يؤدي التلف الى انتشار حطام اكبر قد يرتطم بأقمار صناعية أخرى .. وهكذا دواليك لتكون النتيجة تدمير شبكة كاملة من الاقمار الصناعية.&
&
وفي مثل هذه الحالة سينعكس الدمار على كل شئ تقريبا في الكرة الارضية ابتداءا بعمل الهواتف المحمولة وانتهاءا بحركة الطائرات، واذا حدث مثل هذا الدمار فإن البقايا ستنتشر في مدار الارض حيث تحلق الاقمار الصناعية ما يعني ان هذه الاقمار لن تعمل بشكل صحيح لحين تنظيف المكان.&
&
اسلحة في الفضاء
&
هناك ايضا الجانب العسكري في هذا السيناريو، فمعاهدة الفضاء الخارجي الموقعة في 1967 تحظر ارسال اسلحة دمار شامل الى فلك الارض وتعتبر القمر منطقة سلام غير ان المعاهدة لم تمنع اقامة منشآت عسكرية تقليدية في مدار الارض.&
&
ولأن غالبية شبكات التجسس العسكرية والاسلحة الاخرى المضادة للاقمار الصناعية تخضع لسرية الدفاع، من الصعب تكوين فكرة واضحة عن حجمها وعددها رغم ان بعض المشاريع التي فشلت تعطي فكرة عامة عنها.&
&
ومنها مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي روج لها الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي ثم تم التخلي عنها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ومنها ايضا المختبر الفضائي العسكري الاميركي الذي تم الكشف عن بعض تفاصيله مؤخرا وكان يراد منه التجسس على السوفييت ويعود تاريخ المشروع الى ستينات القرن الماضي.&
&
من المؤكد ان الفضاء هو المكان المثالي للتجسس على الاعداء او الاصدقاء ولكن أن يستخدم لشن معارك فتلك مسألة اخرى.&
&
يذكر هنا ان الصين قامت في عام 2007 بتجربة صاروخ فضائي استخدمته لتدمير احد اقمارها الصناعية وهو ما انتج سحابة من الحطام ادت الى الحاق اضرار بقمر صناعي روسي بعد ست سنوات علما ان السياسة العسكرية الصينية في الفضاء تشكل مصدر قلق بالنسبة للبنتاغون.
&
تصعيد محتمل
&
والان هل يمكن ان تثير هذه البقايا وهذا الحطام الفضائي حربا فضائية وارضية؟&
&
يمكن اعتبار الفضاء "منطقة استراتيجية" تماما لكونها تحتوي على مفاتيح الحركة المدنية والعسكرية على الصعيد التكنولوجي وتشبه اهميته اهمية بحر الصين والكوريتين وارخبيل كوريوليس والحدود بين الهند والصين وباكستان والشرق الاوسط بأكمله على سبيل المثال لا الحصر.&
&
وإذا ما قام نزاع بين قوى فضائية فمن المرجح ان يعمد طرف الى تدمير الاقمار الصناعية المستخدمة للتجسس لدى الطرف الاخر ومن هنا قد تبدأ حرب عالمية ثالثة، والمشكلة أن اي دمار او ضرر قد يصيب اي قمر صناعي قد يتحول الى سبب لتوترات عظيمة بين القوى الكبرى، وقد يفضي الى قيام حرب.&
&
وترى صحيفة لو نوفيل اوبزرفاتور أن من الافضل تنظيف مدار الارض من البقايا والحطام قبل الوصول الى هذه المرحلة الخطرة، علمًا ان هناك اساليب عديدة مقترحة لتنفيذ ذلك.

&