رغم أن العلاقات بين البلدين تشهد توتراً ملحوظاً بسبب تعقد أزمة سد النهضة، يزور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إثيوبيا للمشاركة في القمة الأفريقية السادسة والعشرين، فيما قال خبراء إن مشاركة السيسي في القمة تهدف إلى توطيد العلاقات مع بلدان القارة السمراء، وتعزيز التواصل مع إثيوبيا بشكل خاص، للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف بشأن أزمة السد.
&
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أعمال القمة الأفريقية السادسة والعشرين يومي السبت والأحد، ووصل السيسي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الجمعة، ويعقد اجتماعات مع المسؤولين الإثيوبيين بشأن أزمة سد النهصة، التي تشهد مفاوضاتها السداسية تعثرات واضحة.
&
وتنطلق القمة الأفريقية الحالية تحت شعار "2016: عام حقوق الإنسان مع التركيز على حقوق المرأة". وتناقش ملفات السلم والأمن وحقوق الإنسان وسُبل تعزيز التعاون الإقليمي حول مكافحة الإرهاب في أفريقيا.
&
محاور النقاش
&
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير علاء يوسف، إن أهم المواضيع المطروحة على جدول أعمال القمة الأفريقية المقبلة تتمثل في مناقشة مسألتي الحوكمة والانتخابات والالتزام بالمبادئ الدستورية، فضلاً عن تمويل الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أنه تم اختيار هذين الموضوعين ليكونا محور النقاش في الجلسة المغلقة التي يعقدها رؤساء الدول والحكومات قبل الافتتاح الرسمي لأعمال القمة، التي ستتناول مواضيع السلم والأمن بالقارة وسُبل تعزيز التعاون الإقليمي حول مكافحة الإرهاب.
&
وأضاف المتحدث باسم الرئاسة، أنه من المنتظر أن تشهد القمة الأفريقية في أديس أبابا مشاركة عدد كبير من الزعماء الأفارقة. ولفت إلى أن برنامج السيسي يتضمن عدداً من اللقاءات مع رؤساء الدول الأفريقية بهدف بحث سُبل تعزيز العلاقات الثنائية مع تلك الدول في مختلف المجالات.
&
وسيقدم السيسي تقريراً إلى القمة بصفته رئيساً للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، إذ يتناول التقرير نتائج قمة باريس لتغير المناخ التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول 2015 والجهود التي بذلتها مصر في إطار قيامها بالتفاوض نيابةً عن أفريقيا في قمة باريس.
&
وأوضح يوسف أنه من المقرر أن تعتمد القمة الأفريقية نتائج انتخابات أعضاء مجلس السلم والأمن الأفريقي، وذلك عقب فوز مصر بعضوية هذا المجلس خلال الانتخابات التي شهدها المجلس التنفيذي الوزاري للاتحاد الأفريقي، لافتاً إلى أن ذلك يأتي في إطار جهود مصر لتعزيز الاستقرار والأمن في القارة وسعيها للتوصل إلى حلول سلمية لما تشهده أفريقيا من نزاعات تعرقل جهود الدول الأفريقية لتحقيق التنمية الشاملة.
&
تعزيز التنسيق
&
وأشار إلى أن عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الأفريقي تتزامن مع عضويتها في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ما سيتيح لها أن تسهم في تعزيز التنسيق والتناغم بين المجلسين في تناول القضايا الأفريقية، أخذاً في الاعتبار الارتباط الوثيق بين أجندتي الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في ما يتعلق بالتعامل مع الأزمات في القارة الأفريقية.
&
وعقد الاتحاد الأفريقي أربع قمم أفريقية منذ تولي السيسي للسلطة في مصر، حضرها ثلاثة منها، وغاب عن &القمة التي عقدت في جنوب أفريقيا بشهر يونيو/ حزيران الماضي، بعد تلقي تهديدات بإلقاء القبض عليه، بسبب دعوى قضائية تطالب باعتقاله، بتهم الإبادة الجماعية بحق أنصار جماعة الإخوان المسلمين في ما يعرف بأحداث "فض اعتصام رابعة العدوية" في 14 أغسطس/ آب 2013، التي قتلت فيها قوات الجيش والشرطة المئات من أنصار الرئيس الإسلامي محمد مرسي.
&
وتأتي مشاركة السيسي في القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية، في ظل توتر مكتوم في العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، بسبب أزمة سد النهضة، لاسيما في ظل استمرار إثيوبيا في بناء السد والبدء في توليد الكهرباء، رغم اعتراض مصر عليه، وعدم اكتمال الدراسات الفنية، التي ستحدد مدى الأضرار التي ستتعرض لها مصر.
&
واعتبر خبراء في الشأن الأفريقي، أن مشاركة السيسي في القمة، تأتي في محاولة منه لترميم وتقوية العلاقات مع الدول الأفريقية، ولاسيما دول حوض النيل، وقال السفير محمد سليم، &مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، لـ"إيلاف" إن مشاركة السيسي في القمة الأفريقية في إثيوبيا، يعتبر فرصة مهمة لتعزيز العلاقات مع دول أفريقيا، مشيراً إلى أن السيسي سيعقد لقاءات مع المسؤولين الإثيوبيين، للتأكيد على حق مصر في الحفاظ على حصتها في مياه النيل، والتأكيد في الوقت نفسه على عدم اعتراض مصر على بناء دول حوض النيل السدود وتنمية اقتصادها، ولكن شريطة ألا يتسبب ذلك في حرمان مصر من حقها في المياه. ونبه إلى أن اللقاءات الرئاسية تمثل دفعة قوية للعلاقات مع الدول الأفريقية، مشيراً إلى أن السيسي يعمل على الإهتمام بأفريقيا على العكس من الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي تسببت قطيعته لأفريقيا بوصول الأمور إلى التوتر، وبناء السدود والتأثير على حصة مصر التاريخية في مياه النيل.
&
رسالة طمأنينة
&
بينما يرى السفير محمد عبد السلام، سفير مصر الأسبق في كينيا، أن مشاركة السيسي في القمة الأفريقية في إثيوبيا، تبعث برسالة طمأنينة إلى أديس أبابا، لاسيما في ظل التعامل الإعلامي غير الرشيد مع الأزمة. وأوضح لـ"إيلاف" أن السيسي يسعى إلى التواصل مع إثيوبيا سياسياً، وحل الأزمة بالطرق السياسية ومن خلال المفاوضات، من دون اللجوء لأية خيارات أخرى، سواء المواجهات العسكرية أو اللجوء للتحكيم الدولي.&
&
ونبه إلى أن السيسي سيعبر للمسؤولين الإثيوبيين عن قلق مصر الشديد، بشأن تجاهل ملاحظاتها، والاستمرار في بناء السد، والتشديد على ضرورة عدم التأثير على حصة مصر من مياه النيل.
&
وفي السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الأفارقة، والتقى &برنابا بنجامين، وزير خارجية جنوب السودان، أمس، الخميس، على هامش اجتماع المجلس التنفيذي الوزاري للاتحاد الأفريقي المنعقد في أديس أبابا.
&
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، المستشار أحمد أبو زيد، إن الاجتماع تركز على متابعة الأزمة السياسية في جنوب السودان وجهود تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية، مشيرا إلى أن شكري أكد أهمية تنفيذ اتفاق التسوية السلمية الموقع في أغسطس 2015 بين أطراف العملية السلمية في جنوب السودان.
&
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن اللقاء تناول مسار مشروعات التعاون الثنائي التي تقوم بها مصر في جنوب السودان في مجالات الصحة والتعليم والري والتدريب، وأعرب وزير خارجية جنوب السودان عن تقديره الكامل للجهود التي تقوم بها مصر لدعم دولة جنوب السودان والشعب الجنوب سوداني الشقيق.
&
وعقد وزير الخارجية المصري أيضاً لقاءً ثانيًا، مع "أمينة محمد" وزيرة خارجية كينيا، تناول اللقاء متابعة مسار العلاقات الثنائية، وتطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمها الأوضاع في الصومال. واتفق الوزيران على أهمية متابعة نتائج ما تم الاتفاق عليه في اجتماع اللجنة المشتركة المصرية – الكينية الأخير، بما يعكس عمق وخصوصية العلاقات بين البلدين والرغبة المتبادلة في تعزيز التعاون في كافة المناحي التي تناولتها اللجنة المشتركة المنعقدة في نيروبي في يناير 2015.
&
وحول الوضع في الصومال، أكد شكري أهمية دعم الاستقرار في الصومال ومساندة الحكومة الصومالية لتمكينها من أداء المهام المنوطة إليها في مجال توفير الخدمات الأساسية للشعب الصومالي، ومكافحة الإرهاب، واستكمال البنية الدستورية ومؤسسات الدولة الصومالية.
&
وفي ما يخص الشأن الليبي، عقد وزير الخارجية المصري لقاء آخر، مع "مارتن كوبلر" مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، استمر لأكثر من ساعة تناول كافة أبعاد المشهد السياسي والأمني في ليبيا، والجهود المبذولة لدعم اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة التوافق الوطني الليبية.
&
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن مبعوث الأمم المتحدة أكد خلال اللقاء محورية دور مصر الداعم للسلام والاستقرار في ليبيا ودورها الهام في دعم جهود الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن ما لمصر من علاقات واتصالات قوية بالأطراف الليبية يمكنها من القيام بدور أساسي في دعم جهود تشكيل حكومة الوفاق الوطني.&
&
ودعا شكري المبعوث الاممي على ضرورة التعامل بجدية مع كافة الأطراف التي تعيق تحقيق الوفاق الوطني في ليبيا، وأهمية عدم إضاعة المزيد من الوقت أمام تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها في مجال مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي.واتفق الجانبان على مواصلة التشاور خلال الأيام القادمة من أجل دعم القضية الليبية وتمكين الشعب الليبي من التوحيد المتوافق المطلوب.

&