كابول: بعد شهر على اعتداءات 11 سبتمبر التي راح ضحيتها ثلاثة آلاف شخص، شنت الولايات المتحدة "حربا على الإرهاب" ضد حركة طالبان في أفغانستان، لكن بعد 15 عاما لا تزال أعمال العنف تودي سنويا بآلاف الضحايا المدنيين في هذا البلد.
وأصبح التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان الأطول زمنيا منذ حرب فييتنام، والأكثر كلفة أيضا بتجاوزه ألف مليار دولار.
ويواصل النزاع زعزعة استقرار البلاد حيث حقق متمردو طالبان تقدما كبيرا عام 2015 في مواجهة الجيش الأفغاني الذي بات في الخطوط الاولى للجبهة منذ انتهاء المهمة القتالية لحلف شمال الاطلسي عام 2014.
واعتبر ضباط أميركيون في الاونة الاخيرة أن الوضع هناك بات "في مأزق". وفي مواجهة هذا التهديد، اضطر الرئيس الاميركي باراك أوباما الى ابطاء وتيرة انسحاب القوات الأميركية. تم تسجيل رقم قياسي بلغ أكثر من 5100 ضحية من المدنيين، بينهم 1600 قتيل في النصف الأول فقط من عام 2016 بحسب الأمم المتحدة، بعد احصاء اكثر من 11 ألف قتيل وجريح عام 2015.
وهؤلاء هم ضحايا الاعتداءات والالغام والمعارك الدائرة بين المتمردين والقوات الحكومية والغربية، والتي طاولت 31 من المحافظات الافغانية الـ34. لكن لا يزال متعذرا احصاء الخسائر البشرية للسنوات الخمس عشرة الماضية، ذلك أن أي جهة لم تقم بإحصاء أعداد القتلى الأفغان في سنوات النزاع الأولى.
أما بعثة الامم المتحدة للمساعدة في افغانستان التي تقوم بمهمة الاحصاء، فأعلنت مقتل 23 ألف شخص وجرح 41 ألفا منذ 2009.
القوات الأجنبية والكلفة المالية
بلغ الوجود العسكري الأجنبي ذروته في أفغانستان عام 2012 مع انتشار أكثر من مئة وخمسين ألف جندي، بينهم مئة ألف أميركي. وقد انسحبت معظم قوات حلف شمال الاطلسي في أواخر عام 2014.
لكن واشنطن قررت إبقاء 8400 جندي في عام 2017 نظرا الى الأعداد المتزايدة للهجمات التي تشنها طالبان وبهدف عدم ترك القوات الأفغانية وحدها على الجبهات. وتضم القوات الافغانية في صفوفها 350 ألف جندي وشرطي، بينهم 18 ألفا من القوات الخاصة التي تلقت تدريبا وتسليحا جيدين.
وارتفعت الخسائر العسكرية في صفوف التحالف في أواخر 2014 إلى 3500 قتيل، وأكثر من 33 ألف جريح، بينهم 2400 قتيل و20 ألف جريح في صفوف الأميركيين، 453 قتيلا و7500 جريح في صفوف البريطانيين، 89 قتيلا و725 في صفوف الفرنسيين بحسب ما أفادت الوزارات الفرنسية المعنية من دون احصاء موظفي شركات الأمن الخاصة.
اما العدد الرسمي للخسائر في صفوف القوات الافغانية فوصل الى اكثر من خمسة آلاف قتيل في 2015 بينهم 3700 شرطي.
خصصت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 1100 مليار لأفغانستان منذ عام 2002 (بما يشمل المساعدات العسكرية)، بحسب مركز التحكم بالإنفاق في الكونغرس الأميركي الذي يسجل دوريا تجاوزات وتزويرا.
ويؤكد مراقبون أوروبيون أن 80 بالمئة من هذا المبلغ يتم توزيعها "على الجيوب الأميركية" على شكل أرصدة للعسكريين وعقود ومهمات صيانة واستشارات مختلفة، الخ.
اما الفساد المستشري فكانت له أيضا حصة. وقالت منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية ان "الدولة الأفغانية عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والفساد (يشكل) الى حد كبير السبب في ذلك". وصنفت المنظمة أفغانستان بين أسوأ الدول، إذ حلت في المرتبة 166 على لائحتها التي تضم 168 بلدا.
تعهدت الجهات المانحة خلال اجتماع في بروكسل توفير ثلاثة مليارات دولار سنويا لأفغانستان حتى العام 2020. ورغم المساعدات المالية الدولية الضخمة، تتقدم عملية إعادة الاعمار بصعوبة فيما تجاوزت نسبة البطالة 40 بالمئة بحسب البنك الدولي.
وهناك حتى اليوم 1.2 مليون افغاني نازحين داخل البلاد، وهو رقم تفاقم منذ 2013 بسبب انعدام الأمن وفق منظمة العفو الدولية.
ولا يزال هناك نحو 2.4 مليون لاجئ في باكستان، التي تدفعهم إلى المغادرة، فضلا عن نحو مليون آخرين في ايران بحسب المفوضية العليا للامم المتحدة للاجئين.
وأظهرت تقديرات أوردها المجلس النروجي اللاجئين، وأكدتها السلطات، أن 70 بالمئة من سكان كبرى المدن الافغانية، وبينها كابول يعيشون في مخيمات موقتة.
التعليقات