إيلاف من لندن: فرح حكام عرب وهلل متطرفون إسلاميون وابتهجت حكومة اسرائيل اليمينية. ايران وحدها التي تبدو قلقة من انتخاب دونالد ترامب الذي تعهد باجراء تغيير جذري في السياسة الاميركية تجاه منطقة تشتعل فيها اربع حروب (في سوريا والعراق وليبيا واليمن)، وتشهد صعود التطرف والعودة الى الحكم السلطوي بعد انهيار الربيع العربي، وعدم استقرار اقتصادي، وتحديات سكانية.

كان أول من اتصل هاتفياً لتهنئة ترامب على فوزه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي التقى الرئيس الاميركي المنتخب ومنافسته المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ايلول الماضي.

 وخلال مناظرة مع بيرني ساندرز في مرحلة الانتخابات التمهيدية قالت كلينتون ان مصر أصبحت "دكتاتورية عسكرية". ولكن ترامب قال عن السيسي بعد اللقاء به انه "رجل رائع" واثنى على "الانسجام" الذي حدث بينهما. واضاف ترامب ان السيسي "بسط السيطرة على مصر بل انه حقاً بسط سيطرته عليها".

تهدف "رؤية" ترامب العالمية، بحسب موقعه الالكتروني، الى انهاء "الإستراتيجية الحالية في بناء الأمم وتغيير الأنظمة".

وتعطي رؤية ترامب الأولوية الى الاستقرار على بناء الديمقراطية في عملية محفوفة بالمجاهيل. ولاحظ مكتب السيسي ان انتخاب ترامب سينفخ "روحاً جديدة" في العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر التي تعيش أزمة اقتصاية من مظاهرها هبوط قيمة العملة واختفاء مواد اساسية مثل السكر وتراجع السياحة وغلق صناعات كاملة. وأكد مكتب الرئيس المصري ان ترامب يتطلع الى الاجتماع مجددا بالسيسي في وقت قريب. 

وترددت عبارة "تعزيز العلاقات" في رسائل التهنئة والاتصالات التي تلقاها ترامب وفي البيانات العامة وحتى في تغريدات زعماء في عموم الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وكان ترامب اتخذ موقفاُ عدائياً من المسلمين عموماً وخاصة بعد تعهده الذي تراجع عنه الآن بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. ولكن ترامب رجل اعمال ايضا وتعامل مع سعوديين، بما في ذلك بيع يخته الى الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز ، وهو ملياردير يملك حصة كبيرة في فندق بلازا اشتراها من ترامب. حسبما تقول مجلة نيويوركر.

ولكن تهاني الحكام قد لا تعكس آراء شعوبهم. وقبل الانتخابات الاميركية بفترة وجيزة اظهر استطلاع شمل تسعة بلدان عربية هي الجزائر ومصر والعراق والكويت والمغرب وفلسطين والسعودية وتونس والاردن، ان 66 في المئة من مواطني هذه البلدان يفضلون هيلاري كلينتون. ونال ترامب تأييد11 في المئة فقط. وكانت أدنى مستويات التأييد لترامب في مصر وبين الفلسطينيين.

وبدا (الجهاديون) فرحين بقدر فرحة بعض الحكام بفوز ترامب. وتغنت مواقعهم الاجتماعية على الانترنت بانهيار اميركا سياسياً بل رحبت بالمعارك الجديدة التي توعد بها ترامب. وكان ترامب تعهد بـ"سحق تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وتدميره". وتباهى ترامب خلال الحملة بأنه يعرف أفضل من الجنرالات كيف يتعامل مع داعش رغم انه لم يقدم خطة محدَّدة للقيام بذلك.

واعرب (الجهاديون) عن ابتهاجهم بفوز ترامب يوم الأربعاء. وقالت خدمة "ناشر" السياسية المتحالفة مع داعش "ان ما نريده هو تسليم بلدهم الى حمار مثل ترامب سيدمره "وان انتخاب ترامب "مؤشر الى نهاية الامبراطورية الاميركية التي ستلفظ انفاسها الأخيرة على يد هذا الغبي".

وقالت رسالة على "المنبر الجهادي الاعلامي" انه كلما ازدادت اعتداءات الاميركيين على المسلمين في كل مكان من الأرض ازداد كرههم ومعاداتهم للولايات المتحدة.

في اسرائيل اعتُبر انتخاب ترامب هبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي اعترى الجفاء علاقته مع الرئيس اوباما رغم الزيادات الكبير في المساعدات العسكرية الاميركية لاسرائيل. 

على النقيض من اباما تعهد ترامب بدعم هدفين يطمع نتنياهو في تحقيقهما. فهو وعد بالاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة اسرائيل الأبدية في خروج عن مواقف الرؤساء الجمهورييين والديمقراطيين عل السواء. كما اسقط برنامج الجمهوريين موقفهم التقليدي مع حل الدولتين بوصفه اساس السلام. ولا ينظر ترامب الى اسرائيل على انها تحتل الضفة الغربية ولا ترى مواقفه الرسمية مشكلة في الاستيطان الاسرائيلي.

توقع نتنياهو في تغريدات بعد فوز ترامب بأن تبلغ العلاقات الاميركية ـ الاسرائيلية "ذرى أعلى أبداً" في عهد ترامب. ودعا ترامب في واحدة من اولى خطواته الى اللقاء مع نتنياهو في "اقرب فرصة".

ولكن إيران من بين سائر بلدان الشرق الأوسط هي الأشد تأثراً برئاسة ترامب الذي وصف الاتفاق النووي معها بأنه "اسوأ اتفاق عُقد عن طريق المفاوضات" وانه "عقد مخيف" يمكن ان يؤدي الى "محرقة نووية". واعلن ترامب ان اولويته رقم 1 حين يتسلم الرئاسة هي "تفكيك الاتفاق الكارثي مع ايران".

وكان الرئيس المنتخب رونالد ريغان من قبله قدم تعهدا مماثلا بتمزيق اتفاقية الجزائر لعام 1981 حول انهاء احتلال السفارة الاميركية في طهران والافراج عن 52 دبلوماسيا اميركيا. ولكن بعد 35 سنة ما زالت الاتفاقية سارية المفعول. فان للخطابية فوائدها خلال الحملات الانتخابية، ولكن لها حدودها خلال الرئاسة.

تواجه ايران انتخاباتها الرئاسية في مايو/المقبل. ومن الجائز تماماً ان تعتمد نتيجتها على تصورات الناخبين بشأن حجم المنافع التي يمكن ان تُجنى من إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة. وينظر المتشددون تقليدياً بعين الريبة الى واشنطن واستقبلت منافذهم الاعلامية نبأ انتخاب ترامب بشماتة على قاعدة "ألم نقل لكم ذلك". وأكبر المتأثرين هم الوسطيون بقيادة الرئيس حسن روحاني الذي يعمل على إعادة انتخابه.

اعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد فوز ترامب "ان كل رئيس اميركي يجب ان يفهم حقائق عالم اليوم والشيء الأهم هو ان يلتزم الرئيس المقبل بالاتفاقيات والالتزامات التي جرى التعهد بها". 

وفي مفارقة سياسية فان احد مراكز القوى في السلطة الايرانية يراهن الآن على البيت الأبيض لضمان بقائه، حتى بعد تغير نزيل البيت. وصرح علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الشؤون الخارجية المحافظ في البرلمان الايراني لوكالة انباء "ايسنا" الطلابية الايرانية قائلا "ان ترامب الحملة الانتخابية يختلف عن ترامب الرئاسة وان الرئيس الاميركي محكوم بقواعد دولية يجب ان يطبقها، لا سيما بشأن الاتفاق النووي".

واعلن الحرس الثوري بؤرة المتشددين واللاعب الرئيسي في حروب سوريا والعراق واليمن، ان انتخاب ترامب لا يغير شيئاً. وقال نائب قائد قوات الحرس الثوري حسين سلامي لوكالة انباء "فارس" انه "حين كان الجمهوريون في الحكم هددونا وناصبونا العداء وعندما كان الديمقراطيون في الحكم كانت سياسات الولايات المتحدة نفسها" دون تغيير.

اعداد "ايلاف" بتصرف عن مجلة "نيويوركر". الأصل منشور على الرابط أدناه
http://www.newyorker.com/news/news-desk/president-trumps-surprisingly-warm-welcome-in-the-middle-east