عبّر عراقيون عن امتعاضهم من رفع صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد في شارع المكتبات "المتنبي" في بغداد، وعدّوا ذاك تصرفًا متهورًا لا يحق لأحد، وإن كان ضيفًا سوريًا مواليًا للنظام، أن يقوم به.

إيلاف من بغداد: أثارت صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد رفعتها الشاعرة السورية انتصار سليمان في شارع المتنبي في وسط بغداد ضجة على المستويين الشعبي والثقافي، تم الاعتراض عليها بشكل كبير من قبل المارة في الشارع.&

وقد وجد فيها البعض استفزازًا لمشاعر العراقيين، الذين عانوا من إرهاب النظام السوري طيلة السنوات الأولى بعد التغيير الكبير في العراق، وقد أرسل الكثير من المفخخات إلى مدن العراق. وأكدوا أنه تصرّف متهور من قبل الضيفة السورية، مؤكدين أنها لا تعرف موقف العراقيين من بشار الأسد، وربما موقف العراقيين من النسخة السورية لحزب البعث.

شعور بالبؤس
علق جبار كريم، بائع كتب في شارع المتنبي، على رفع صورة الأسد، قائلًا: لم أصدّق ما شاهدته، اعترتني رعشة، وأنا أتساءل كيف يمكن لصورة لبشار الأسد أن ترفع في هذا الشارع؟، بعدها علمت أن شاعرة سورية مدعوة إلى مهرجان ثقافي في بغداد هي التي رفعت الصورة.
&
أضاف: حقيقة شعرت بالبؤس، وتذكرت المفخخات التي كان يرسلها إلينا بشار الأسد، وأتذكر أن العراق أراد تدويل تفجير وزارة الخارجية، ووقتها هدد الأسد العراق بأنه لن يسكت، وعلى العراق أن يعرف أنه جار لسوريا، فلم يقدم العراق على تلك الخطوة، وكنا نرى أن الأسد أراد أن يذلنا.

تابع: "للأسف لم نستطع أن نمزّق الصورة احترامًا للشاعرة ضيفة العراق، التي ربما لا تعرف موقف العراقيين من بشار الأسد".
&
تصرف متهور
أما الإعلامي عباس العادلي، فقد استغرب هذا التصرف، الذي وصفه بالمتهور. وقال: "من المؤسف أن يحدث مثل هذا في شارع المتنبي، حتى من قبل شاعرة سورية، عليها أن ترفع صور رئيسها الذي تحبه في مدنها، وليس في بغداد، التي لا تطيق اسم بشار الأسد ولا اسم حزب البعث، فهل نسينا تلك الأيام السوداء، التي كانت فيها المفخخات تضرب بغداد ومعسكرات اللاذقية تدرّب الإرهابيين".

أضاف: "بصريح العبارة إنه تصرف متهور، واللوم يقع على الذين كانوا معها من العراقيين، فلا أعرف كيف سمحوا لها بذلك، ربما لأنها امرأة أو إنهم خجلوا، واعتبروا الأمر عابرًا، وكان عليهم أن يقولوا لها هناك فرق بين حب الشعب العراقي للشعب السوري وبين حب الشعب العراقي لبشار الأسد".

مثقفون يستنكرون
إلى ذلك ندد مثقفون عراقيون بهذا السلوك، الذي عتبوا فيه على الشاعرة السورية، متسائلين عمّن أعطاها الحق في رفع صورة رئيس نظامها في شارع خاص بالثقافة.

فقد كتب السوري حنا هينو: "لم أكن أتوقع أن أرى صورة ابن أبيه بشار المجرم في شارع المتنبي في بغداد، حينما رأيت صورة النذل صدام في شوارع فلسطين والأردن، كنت أشفق على مشاعر أحبتي في بغداد، وأقول، لكم محبتي وقلبي وتضامني، نحن الذين نفهم معاناتكم يا إخوتنا في العراق،.كيف لي اليوم أن أشعر؟، هل لي بأحد إخوتي في بغداد يرفع لي علم ثورة أحرار سوريا في المتنبي ليشفي قلبي؟، حينما رفع الأردنيون صورة صدام في شارع أسموه شارع الشهيد صدام حسين كنا لطائفيتهم بالمرصاد. عليك رضوان قلبي يا ياس خضر حين تقول يا حسافة".

وكتب الشاعر صفاء ذياب على صفحته في أحد مواقع التواصل: "كيف يمكن أن يتساوى القاتل والقتيل في شارع للثقافة؟، هل هناك أكثر وضاعة من صورة كهذه، من دعا انتصار سليمان؟. ومن سمح لها برفع صورة بشار الأسد في شارع، كنّا نتمنى أن يكون بعيدًا عن هذه الترهات السياسية، نعم أنا ضد داعش، وضد أية كتائب مقاومة انضوت تحتها، وضد قتل المدنيين تمامًا، لكن ليس البديل هو بشار الأسد بالتأكيد، إنه البعث بصورته الأقذر.

من جانبه، كتب محمد ياسين: "كعراقي، أعتذر كثيرًا للشعب السوري العظيم وللصديق Hanna Himo.. صدقني؛ لو رأيت هذا العلم لبصقت عليه وحرقته، هذا تصرّف فردي ولا يمثل "العراقيين".. من قلبي سلامٌ لك ولسوريا".

اعتذار
أما الشاعر حسين القاصد فكتب توضيحًا لكون صورته ظهرت مع الشاعرة، قال فيه: "رحم الله أبا الطيب حين قال: (ولي بكل مكان منهم خلق/تخطي إذا جئت في استفهامها بمن)، قبل أن تفكر برفع علم الدواعش أو من تسميهم الأحرار.. في المتنبي يا حنا... تذكر أننا أطعمنا الحروب خيرة شبابنا كي نحمي المتنبي من لوثة دواعش الرقة والموصل، لذا لا بد من التوضيح.&

أضاف: "وللتوضيح فالشاعرة انتصار سليمان لم تكن مدعوة من قبلي هذه المرة.. فهي مدعوة من مؤسسة عيون.. وللتوضيح أكثر كنا في المتنبي، وظهوري في الصورة لا يعني أني حملت العلم أو حملت صورة بشار".

وشدد بالقول: "لقد اعترضت بشدة على انتصار، وقلت لها بشار يعنيكم، لا يعنيني.. كما إن ظهوري بشكل المتفرج كان مرافقًا لابتسامة مع أحد الأصدقاء الذين ابتعدوا كلهم من الصورة المفاجئة لنا.. حيث كان المفروض أن تكون صورة تذكارية، فإذا بصورة بشار".

وتابع: "وهنا أود أن أذكر بأني قلت للصديق أحمد أبو الحسن بأني ضد البعث بكل أشكاله، سوريًا كان أم عراقيًا.. شيعيًا كان أم سنيًا... وفي الوقت الذي أوضح فيه ما دار من كلام رافق الصورة.. أقول لذباب الشهرة.. لي من التضحيات ما تشعل رؤوس آبائكم خزيًا لاشيبًا فقط .. فعن أي بعث منحل مثلكم تتحدثون". &