«إيلاف» من الرباط: بدا المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي، مرتاحاً، اليوم الثلاثاء، في افتتاح مؤتمر "القانون بالشرق الأوسط"، في دورته الثالثة، التي ينظمها "مركز القانون السعودي للتدريب"، على مدى ثلاثة أيام، بشراكة علمية مع وزارة العدل والحريات المغربية، وتعاون مع هيئات المحامين بالمغرب، وهو يستعرض جهود بلاده على مستوى ورش إصلاح العدالة؛ مختصراً الأسباب التي ساهمت في تحقيق النتائج المسجلة، في قوله: "خضنا غماره (ورش الإصلاح) بحزم، وولجنا أبوابه بثبات، ففرشنا أرضه في تعاون مع كل المعنيين وانفتاح على كل الطاقات والكفاءات، وأرسينا سقفه لتأمينه من الفشل بانخراط كل المؤمنين به حتى صرنا نرى ثماره تنضج يوما بعد يوم وتبشر بموسم واعد".
وتحدث الرميد، في هذا السياق، عن جهود بلاده، خلال الخماسية المنصرمة، في سبيل "إصلاح شامل وعميق لمنظومة العدالة"، وذلك إيماناً بـ"دور القضاء وباقي مكوناته في الارتقاء بمستوى الأمم واصطفافها ضمن الدول المتحضرة".
مرتكزات الإصلاح
أشار الرميد إلى أن عملية إصلاح منظومة العدالة، قد استندت على مجموعة من المرتكزات الأساسية، تتجلى في "توطيد استقلال السلطة القضائية الذي يتجلى في استقراء القانون التنظيمي للمجلس الأعلىللسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، واللذان باركتهما اللجان العالمية المتخصصة باعتبار ما يمثله من ثورة تشريعية تؤهل المغرب لكي يرتقي إلى منصة الريادة في استقلالالسلطة القضائية"؛ و"تخليق منظومة العدالة، بتحصينها من مظاهر الفساد والانحراف المحتملة، وتعزيز ثقة المواطن في قضائه ومحيطه من خلال إجراء عمليات إجرائية ملموسة"، ذكر منها "تحفيز القضاة بالزيادة في رواتبهم، وتحديد معايير موضوعية لتعيين الملحقين القضائيين والبث في طلبات انتقال القضاة وترقيتهم، وإسناد مناصب المسؤولية إليهم، كما يتجلى في التفعيل المعقلن لعملية التأديب؛ بالإضافةإلى ما شهدته المهن القضائية من تفعيل للمقتضيات الخاصة بالتخليق، سواء تعلق الأمر بالمحاماة أم بمهنة التوثيق، من دون أن ننسى ما شهدته مهنة المفوضين القضائيين من زيادة في الأتعاب".
حماية الحقوق والواجبات
وتحدث الرميد عن "تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات من خلال وضع مشروع قانون يتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين التي تتنافى مع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور". وزاد قائلاً: "سعياً إلى توطيد ضمانات المحاكمة العادلة، وتحقيق النجاعة على مستوى آليات العدالة الجنائية وفق ما أقره الدستور والتزامات المملكة على الصعيد الدولي، تم وضع مشروعي قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي إضافة إلى العديد من النصوص ذات الصلة بالمجال الزجري كمشاريع قانون الطب الشرعي والقانون المتعلق بالنظام العام المطبق على حماية الطفولة وإعادة الإدماج، والقانون المتعلق بالبنك الوطني للبصمات الجينية، والمرسوم الخاص بإحداث مرصد وطني للإجرام".
مستجدات قانون المسطرة الجنائية
وتوسع الرميد في الحديث عن مشروع قانون المسطرة الجنائية، متحدثاً عن عدد من "المستجدات المهمة"، التي تم سنها، "بدءا من مرحلة البحث والتحري إلى مرحلة تنفيذ العقوبات"، والتي "شملت مراجعة الضوابط القانونية للوضع تحت الحراسة النظرية( الإعتقال الاحتياطي)، ووضع ضوابط لترشيد وعقلنة الاعتقال الاحتياطي، وآليات للوقاية من التعذيب، وتعزيز الرقابة القضائية على عمل الشرطةا لقضائية، وتعزيز حقوق الدفاع، وجعل آليات العدالة الاجتماعية أكثر فعالية ونجاعة، بالإضافة إلى تقوية مركز الضحايا، وتعزيز التدابير الحمائية للأحداث، وإعطاء بعد ومقاربة جديدة لموضوع تنفيذ العقوبات".
ثورة حقيقية
وتحدث الرميد ايضا عن مسودة مشروع القانون الجنائي، فقال إن نصها "سيشكل ثورة حقيقية في مجالي التجريم والعقاب من خلال ما تضمنه من مستجدات مهمة، شملت مجال التجريم من خلال إعادة النظرفي العديد من الجرائم المنظمة وكذا تقوية التجريم في عدة مجالات منها ما يرتبط بانتهاكات القانون الدولي الإنساني أو حقوق الإنسان أو الجرائم المنظمة، أو في مجال الجرائم الماسة بالأسرة والطفولة والمرأة والمال العام، وكذا على مستوى مجال العقاب من خلال إقرار العديد من المستجدات، من أهمها تقليص حالات عقوبة الإعدام، واستبدال بعض العقوبات السالبة للحرية بغرامات مالية، وتجنيح العديدمن الجنايات، وتقييد السلطة التقديرية للقاضي الزجري، وإقرار نظام العقوبات البديلة، وتعزيز العدالة التصالحية، وتنظيم المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي".
فعالية ونجاعة القضاء
على مستوى الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، أشار الرميد إلى "وضع مجموعة من مسودات ومشاريع القوانين، كمشروع قانون التنظيم القضائي الذي يسعى إلى تقريب القضاء من المواطنين وتكريس أسس تنظيم قضائي قائم على التخصص في إطار وحدة القضاء"، مع "وضع مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي يهدف إلى اعتماد الإدارة الإلكترونية لتسريع الإجراءات والمساطر القضائية، وتبسيط إجراءات التقاضي وسير الدعوى أمام المحاكم وتخويل القاضي دوراً إيجابياً في إجراءات الدعوى وإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ بصلاحيات قضائية واسعة تمكن من تسريع مساطر التنفيذ، ووضع مجموعة من المقتضيات القانونية لتنفيذ الأحكام القضائية في مواجهة أشخاص القانون العام". كما تحدث عن تعديل الكتاب الخامس من مدونة(قانون) التجارة الذي يهدف إلى "تحقيق جملة من الغايات، في مقدمتها تسريع إجراءات التقاضي، وضمان النجاعة القضائية من خلال التركيز على عنصر الوقاية كآلية لتدليل الصعوبات، ومنح رئيس المقاولة دوراً فعالاً في هذه المسطرة، وإحداث مسطرة جديدة هي مسطرة الإنقاذ لضمان استمرار نشاط المقاولة".
محكمة رقمية
فيما يتعلق بإنماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة، يضيف الرميد"تم العمل على سد النقص الحاصل في الموارد البشرية وتأهيلها وتكوينها، والتدبير المعقلن للحركة الانتقالية للموارد البشرية وتحفيز القضاةوالموظفين، والنهوض بالخدمات الاجتماعية لفائدتهم". فيما تم العمل، على مستوى تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها، على "اعتماد تأهيل البنية التحتية للمحاكم، بالإضافة إلى إرساء مقومات المحكمة الرقمية من خلال وضع وتفعيل استراتيجية وبرنامج تحديث يسعيان إلى تحسين المعطيات الإجرائية القضائية بالمنظومة الإلكترونية لإمكان الاطلاع على مآل الملفات عن بعد، والتمكين من التبادل الإلكتروني لوثائق التقاضي مع كافة المهن القضائية، واعتماد التوقيع الإلكتروني، والتجسيد اللامادي لكافة المساطر والإجراءات باعتماد الملف الإلكتروني".
تنظيم مهنة المحاماة
وتحدث الرميد ايضا عن مهنة المحاماة، فقال إنها تحتل أهمية خاصة في ورش إصلاح منظومة العدالة، باعتبار المحامي "جزءا من أسرة القضاء"، وبالنظر إلى كون "المحاماة، كما هو شأن القضاء، أحد جناحي طائر العدالة، الذي لا يستقيم تحليقه إلا بالخفقان بهما معاً، في تناغم تام وانسجام مطلق"، معرباً عن أمله، في هذا السياق، في "أن تنكب الوزارة وجمعية هيئات المحامين على إعداد مشروع قانون منظم لمهنة المحاماة وفق منظور متطور يبوؤها المكانة اللائقة بها ضمن منظومة العدالة ويرتقي بها إلى مستوى الممارسات الجيدة المعمول بها على المستوى الدولي".
التعليقات