مارتن كوبلر: ليبيا بلد ممزق تمامًا

إعداد ميسون أبو الحب: مارتن كوبلر هو احد كبار المسؤولين الالمان الذين يتعاملون مع مناطق تدور فيها ازمات في العالم، وهو ايضا دبلوماسي مخضرم في الامم المتحدة وسبق ان كان مسؤولاً عن بعثات المنظمة الدولية في افغانستان والعراق وفي الكونغو.&

&

في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عينته الامم المتحدة مبعوثًا دوليًا في ليبيا في محاولة للجمع بين مختلف الفصائل المتنازعة في اطار حكومة وحدة وطنية. وكان اول إنجاز مهم له هو اتفاق الصخيرات في المغرب، غير انه لم ينجح في وقف تمدد تنظيم داعش في البلاد.&

&

في بلد مثل ليبيا، تبدو مهمة الجمع بين الفصائل المتنازعة المختلفة هدفًا صعب التحقيق لكون الاوضاع فيه معقدة للغاية. وقد وصف كوبلر هذه الاوضاع في مقابلة اجرتها معه مجلة دير شبيغل بالشكل الآتي: "السلطة في ليبيا تفرضها ميليشيات لا يحكمها احد. وفي ليبيا برلمانان وحكومتان موزعة في شرق البلاد وغربها، فيما يتمدد تنظيم داعش في المنطقة الفاصلة"، واضاف: "ليبيا بلد ممزق تمامًا".&

&

&

الوضع في سوريا سيئ هو الاخر، حيث يفرض تنظيم داعش سلطته على اجزاء من البلاد، وفيها فصائل معارضة متنازعة ايضا تحارب نظام بشار الاسد، غير ان كوبلر يرى ان الوضع في ليبيا التي يعيش فيها 6 ملايين شخص يشكل خطرًا كبيرًا حتى على اوروبا بسبب وجود تنظيم داعش فيها، وقال: "ليبيا بلد عربي وبلد افريقي وبلد له علاقات قوية مع اوروبا ايضا، هدفي هو ان امنع هذا البلد من التحول الى سوريا جديدة".&

&

وأكد كوبلر ان تحقيق هذا الهدف يحتاج الى عملية سياسية طويلة، وهي&لا تزال في بداياتها الان غير انه رأى ايضا انه لا يمكن انقاذ ليبيا دون جهود الليبيين انفسهم ورغبتهم في التوصل الى حلول.

&

&

إلى ذلك، تم التوصل الى اتفاق الصخيرات في كانون الاول (ديسمبر) بعد مفاوضات رعتها الامم المتحدة دامت اكثر من عام واحد، غير ان برلمان طبرق المعترف به دوليًا عارضه.

&

ولكن كوبلر قال إن حكومة طبرق اعترفت بالاتفاق غير انها عارضت تشكيل الحكومة، واضاف أن العمل يجري حاليًا على هذه النقطة وعلى كيفية تقليل عدد الوزراء من 32 الى 17 وزيرًا، مؤكداً أن الامر يدخل في اطار عملية سياسية.

&

ورأى كوبلر ان هناك 3 اسباب تستدعي انجاح الاتفاق وهي تمدد تنظيم داعش والوضع المعيشي البائس للسكان ثم الوضع المالي وانخفاص احتياطي البنك المركزي من 280 مليار دولار في عام 2011 الى 50 مليار فقط، كما وحذر كوبلر من أنها مسألة وقت فقط قبل ان تتحول ليبيا الى بلد مفلس.&

&

كوبلر حذر ايضًا من تمدد تنظيم داعش، واعتبر ذلك عنصرًا مهمًا يدفع الى التعجيل في التوصل الى اتفاق، مشيرًا الى ان مسلحي التنظيم اصبحوا على اطراف ميناء راس لانوف النفطي، وقال: "كل ما اخشاه هو ان تقدم العملية السياسية سيكون ابطأ من تقدم العملية العسكرية".&

&

كوبلر قال ايضا إن مخاطر كبيرة تقوم حاليًا من خلال "تحالف تنظيم داعش مع جماعات اجرامية في دول جنوب الصحراء الكبرى التي تسيطر على تجارة تهريب البشر، وهي نشاطات اصبح تنظيم داعش يؤدي دورًا مهمًا فيها"، حسب قوله.&

&

ورأى كوبلر ايضا ان الضغط العسكري على تنظيم داعش في العراق وسوريا يدفع الى تجمع الارهابيين في ليبيا، وقال: "اغلب مقاتليه البالغ عددهم ما بين الفين وثلاثة آلاف من الاجانب".&

&

&

وعن خطط محتملة للولايات المتحدة لتنفيذ ضربات جوية ضد تنظيم داعش في ليبيا، رأى كوبلر أن ضربات من هذا النوع لن تقضي على الارهابيين لوحدها، وقال: "هذه معركة من اجل السيطرة على حقول النفط والمصافي وعلى المدن والمواقع الاستراتيجية ... وهو ما يتطلب وجود قوات برية"، غير انه لاحظ ان المجموعة الدولية غير مستعدة حاليًا لمثل هذا التطور، ثم اكد أن الليبيين انفسهم هم الذين يجب ان يحاربوا تنظيم داعش ولو بمساعدة خارجية إن ارادوا.&

&

ومن اجل تحقيق هذا الهدف، رأى كوبلر أنه يجب اعادة بناء القوات المسلحة الليبية، كما وأيّد قيام دول بتنظيم برامج تدريبية، مقترحًا البدء بتدريب 5 الاف جندي ورجال شرطة، وقال: "في ليبيا فراغ سياسي وعسكري خطير يجب ملؤه بأسرع وقت".&

&

وسألت دير شبيغل المبعوث الدولي إن كان دعم الغرب لانتفاضة ليبيا في عام 2011 خطأ في رأيه، فقال: "اعتقد انه كان من الخطأ ترك ليبيا لوحدها بعد عام 2011، ولذا من المهم الان عدم التخلي عن هذا البلد مرة اخرى"، ورأى أن الاوضاع في ليبيا كانت ستكون أسوأ بكثير الآن لولا اتفاق الصخيرات، واضاف: "يعتمد ايجاد حل للنزاع في ليبيا على الارادة السياسية" لليبيين.&

&

يذكر أنه ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 تعرض العديد من الناشطين والمفكرين والمحامين وغيرهم الى عمليات اغتيال، كما هاجر الآلاف الى الخارج، غير ان كوبلر عبّر عن تفاؤله في قدرة الليبيين على التوصل الى اتفاقات وعلى خلق مجتمع مدني ناجح، وقال: "نركز الان على فئتين مهمتين في المجتمع المدني هي الشباب والنساء، وقد دعوت الى ان يكون 30 بالمائة من الوزراء الجدد نساء".&

&