يسلّط باحثون من مؤسسة "كويليام" المتخصصة في مكافحة الإرهاب ومقرها لندن، الضوء في دراسة جديدة على الطريقة التي يجند من خلالها "داعش" الأطفال وطريقة تلقينهم أسس التطرف والكراهية، بما يحولهم إلى مقاتلين يتجاوزون في وحشيتهم المقاتلين الحاليين.


أشرف أبوجلالة: كشفت أول دراسة عن استغلال وإساءة معاملة الأطفال كوسيلة لتأمين مستقبل تنظيم داعش، النقاب عن تنشئة جيل جديد منهم في دنيا الخلافة الخاصة بالتنظيم، حيث يتم تلقينهم مفاهيم دينية منذ مولدهم، ويعتبرهم المقاتلون الحاليون أفضل وأنقى منهم.

وقام باحثون من مؤسسة "كويليام" المتخصصة في مكافحة الإرهاب ومقرها لندن بتتبع الطريقة التي يجند من خلالها داعش الأطفال، والطريقة التي يستعين بها كذلك لتلقينهم وتدريبهم على "الجهاد".

أماط الباحثون النقاب عن وجود ما يصل لـ 50 طفلاً من المملكة المتحدة تتم تنشئتهم بداخل احدى المناطق التابعة لتنظيم داعش، التي يوجد بها ما يقرب من 30 ألف مجند أجنبي، من بينهم أكثر من 800 بريطاني، يُعتَقد أنهم توجهوا إلى سوريا من أجل الانضمام لعناصر داعش وخوض القتال هناك.

أقرت الأمم المتحدة الدراسة التي جاءت بعنوان "أطفال الدولة الإسلامية" ومن المنتظر أن يتم نشرها يوم الأربعاء القادم في البرلمان.

وورد بتلك الدراسة أن التنظيم يركز فيما يقوم به من مجهودات على تلقين الأطفال بواسطة منهج تعليمي قائم على التطرف وتشجيعهم على أن يصبحوا إرهابيين في المستقبل.

وينظر المقاتلون الحاليون لهؤلاء الأطفال على أنهم مقاتلون "أفضل وأكثر فتكاً من أنفسهم، لأنه وبدلاً من التحول لأيديولوجيات متشددة، فإنهم يُلَقَّنون تلك القيم المتطرفة منذ الولادة".

وجاء بالدراسة كذلك "كما أن هؤلاء الأطفال أنقى من المقاتلين البالغين لأنهم لم ينشأوا في أجواء تغلفها القيم العلمانية والفساد، وهو ما يجعلهم أقوى من المجاهدين الحاليين لأن لديهم فِهماً أفضل للإسلام منذ الصغر وعبر المناهج الدراسية، كما أنهم مقاتلون أكثر وحشية لتدربهم في أجواء عنف منذ سن مبكرة للغاية".

ونوّهت الدراسة في السياق عينه إلى أن المجندين الأجانب يشكلون نسبة كبيرة في قوة التنظيم التي تقدر بحوالي 80 ألف مقاتل، 50 ألفاً منهم بسوريا و30 ألفاً بالعراق.

وأضافت الدراسة أن التركيز من جانب داعش على الأطفال يحمل أوجه شبه مع التجنيد الإجباري الذي كان يحدث للأطفال في ليبيريا خلال تسعينات القرن الماضي، حين تولى تشارلز تايلور الحكم عام 1997 مع جيش من المتمردين مليء بالأطفال.&

ونوّهت الدراسة إلى حقيقة استعانة داعش بعنصر التخويف كأداة للتجنيد، حيث تصدر المنافذ الإعلامية الموجودة بداخل الخلافة مجموعة بيانات تحذر فيها الأطفال الذين يرفضون الامتثال لأوامر التنظيم بأنهم سيُجلَدون، سيُعَذَّبون، وسيُغتَصَبون.

وأشارت الدراسة كذلك إلى أن داعش كان سريعاً في إحكام سيطرته على المنظومة التعليمية بكل من سوريا والعراق، حيث تبدأ عمليات التلقين في المدارس وتشتد في معسكرات التدريب، التي يُلَقَّن فيها أطفال بين سن 10 و15 عاماً تعليمات عن الشريعة ويتشجعون فيها على العنف ويدرسون بعض المهارات اللازمة لخدمة التنظيم.

وأوصى معدو الدراسة بضرورة إنشاء لجنة تعني بحماية الأجيال المستقبلية من العنف المتطرف وتساعد في مراقبة الأطفال وإعادة دمجهم بداخل الاتحاد الأوروبي.