بهية مارديني: اعتبر المعارض السوري الكردي المستقل صلاح بدر الدين أن الاتفاق الحاصل بين روسيا وأميركا حول سوريا "والذي خرج من اطار الدبلوماسية السرية نحو العلن تم قبل كل شيء بناء على رؤيتهما في ادارة المشكلة السورية واستجابة لمتطلبات مصالحهما في أكثر من مكان بل تجيير المسألة السورية والمساومة عليها ومقايضتها بقضايا اقليمية ودولية أخرى".
وقال في لقاء خاص مع "إيلاف": "لقد أرسى تفاهم الجانبين على أمور عدة تخالف تطلعات السوريين، أولها: نفي وجود ثورة وطنية ديموقراطية كجزء من المفهوم العام حيال ثورات الربيع في المنطقة، وثانيها: رفض مطلب اسقاط النظام وتفكيك سلطته كما تطالب به الثورة منذ اندلاعها، بل السعي للحفاظ على مؤسسات النظام، وثالثها: الاتفاق على تعريف متقارب للارهاب بعكس ما يذهب اليه سوريو الثورة والعمل حسب أولوية مواجهة الارهاب وليس النظام، وعدم اعتباره جزءًا من ارهاب الدولة".
والجديد في كل ذلك، كما أشار، "هو انضمام الادارة الأميركية الى الموقف الروسي المعادي لارادة السوريين وثورتهم منذ اليوم الأول، وتخليها عن كل تعهداتها ووعودها".
تطلعات الأكراد
وأما بخصوص استبعاد حزب الاتحاد الكردي (ب ي د) عن مداولات مفاوضات جنيف 3 ، رأى أنه تم بناء على اعتبارات عدة، "منها موالاته للنظام ومعاداته للثورة وكونه جزءًا من الحزب الأم – ب ك ك - (الموسوم بالارهاب)"، &فأرى "أنه لا – ب ي د – ولا – المجلس الوطني الكردي – يمثلان التطلعات الوطنية الكردية السورية الحقيقية، وليسا مخولين بالتحدث باسم الأكراد في أي محفل كان، وبما أن جنيف ليس المكان المناسب لحل القضية السورية بالشكل الذي تجري فيه الترتيبات والدعوات والمداولات وتفرض فيه الأجندات الدولية من دون ارادة السوريين، وبالوقت ذاته ليست هناك فرصة لحل القضية الكردية هناك، لذلك سيان من يحضر ومن يغيب، خاصة بتغييب أصحاب القضية الكردية من المناضلين الوطنيين والحراك الشبابي والمستقلين، وكما أرى في هذه الحالة، كان حرياً أن يحضر وفد – ب ي د – وشريكه في تيار– قمح – ضمن وفد النظام أو كمجموعة محسوبة عليه مثل مجموعات أخرى".
وأضاف: "لا أراهن مثل الكثيرين غيري على جنيف، فالطريق اليه يمر عبر خنق الثورة وتفتيت ما بقي من صفوفها، وذلك باطالة الوقت ليتسنى سحق البقية الباقية من الصامدين على أرض المعركة بواسطة الطيران الحربي الروسي وبراميل نظام الأسد وشهادات الزور الأميركية وكل الجهود الدولية وحتى الاقليمية تبذل من أجل انهاء الشيء الذي اسمه الثورة السورية".
ولفت الى أن كل ما يجري الآن "هو تطبيق دقيق لخطة منظمة (الحوار الانساني) السويسرية المثيرة للجدل، فمقدمة التقرير بعنوان «خطوات لحلّ الصراع في سوريا»، تشرح أن لا النظام السوري ولا المعارضين يستطيعون كسب المعركة، وهذا ما سمح لتنظيمات «داعش» و«جبهة النصرة» بالنمو. لذا، يتابع واضعو التقرير، ولكي «لا تتحوّل سوريا الى صومال ثانية، هناك حاجة ماسّة إلى الحفاظ على الدولة فيها، حتى لو عنى ذلك الإبقاء على الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة». و «أن يكون هناك نظام ودولة أفضل من ألا يكون هناك دولة على الإطلاق» يقول هارلاند، رئيس المؤسسة".
كيف سيتمّ كل ذلك؟ يشرح التقرير، كما يقول بدر الدين، "أنّ المناطق التي ستوقّع اتفاقيات هدنة ستحكمها الجهة المسيطرة (إما النظام أو المعارضة)، بعدها ستحتضن بلديات تلك المناطق إدارات محليّة وسياسية، على أن يتكفّل الغرب بدفع تكاليف إعادة الإعمار. لكن، ماذا عن رئاسة البلاد؟ «مصير الأسد سيحدده السوريون من خلال إصلاحات دستورية وانتخابات بمراقبة دولية تجري لاحقاً بعد التوصل الى إنهاء الحرب… وحتى ذلك الحين يبقى الأسد رئيساً»، كما ينقل عن تفاصيله. &
إثارة الفتنة
ورأى بدر الدين أنه "مطلوب بإلحاح من أجل تنفيذ الأجندة الدولية – الاقليمية والمخططات المرسومة ودفن الثورة السورية وصيانة نظام الأسد حتى على أشلاء الوطن وسوريا المفتتة أن تثار الفتن بأشكالها حتى التي لم تخطر على بال أحد".
وتساءل: "هل نسينا استراتيجية النظام منذ اندلاع الانتفاضة بتسعير الحمى الطائفية واثارة الفتن الدينية والعنصرية وتقسيم السوريين الى خونة ووطنيين واغراق الثورة بإرهابيي الاسلام السياسي من السنة والشيعة, وهل نسينا كيف توجه مبعوث الأسد اللواء آصف شوكت الى جبال قنديل في كردستان العراق وابرام الاتفاق مع قيادة – ب ك ك – العسكرية لانتقال مسلحيه بالآلاف نحو المناطق الكردية السورية، وهذا بحد ذاته فتنة كبرى ضد الكرد السوريين، ومن حينها بدأ هؤلاء المسلحون بمحاربة تنسيقيات الشباب الكرد بقوة السلاح وعزل الكرد عن الثورة والسيطرة على المرافق عبر التسليم والاستلام".
وأضاف: "في الوقت الذي أدين بأشد العبارات كافة أنواع قصف المدنيين والأهالي في حي الشيخ مقصود الذي يضم المواطنين الكرد والعرب، وغيره من الأحياء من أية جهة كانت في الوقت ذاته لا أستبعد دخول النظام على خط اثارة الفتنة، كما لا أبرىء جماعات – ب ك ك – من التورط في الفتنة أيضًا، خاصة اذا تذكرنا الأحداث الماضية خلال الاشتباكات التي تمت في ذلك الحي قبل أعوام عندما تم اتهام هذه الجماعات بتنفيذ خطة النظام في ضرب الكرد بالعرب لتشويه صورة الثورة والاساءة اليها".
ومن جانب آخر، شدد بدر الدين أن "استقبال اللاجئين السوريين في دول الاتحاد الأوروبي ليس حلاً للمسألة السورية، بل مساهمة جزئية لتحسين حالة انسانية مع ما رافق ذلك من مآسٍ في البحار وانتشار في غابات أوروبا في ظروف مناخية سيئة، فمن سوء حظ السوريين حتى الجانب الانساني من محنتهم يستغل لمصالح الآخرين، وما نتابعه من أخبار الحوار التركي الأوروبي حول اعادة مئات الالاف العالقين في اليونان وكرواتيا الى تركيا لقاء مبالغ مالية بمليارات الدولارات أو المقايضة بعضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي أو ما نلمسه من أحد الأهداف الروسية لقصف المناطق الآمنة في ريف اللاذقية وادلب لتهجير السكان ونزوحهم نحو تركيا لمضاعفة مشاكلها ثم توجه بعضهم نحو أوروبا، وهو سلاح تستعمله روسيا للضغط على أوروبا للاذعان لمشروعها حول سوريا وأوكرانيا، كل ذلك يفسر محنة السوريين".
ولكن كما رأى "فإن الحل الوحيد لحل الأزمة من الجذور هو اسقاط النظام واحلال السلام والعودة الى اعادة البناء نحو سوريا جديدة تعددية ديموقراطية تشاركية".
&
التعليقات