اليمين الألماني في تصاعد مريب ومثير في آن واحد، خصوصًا أن أزمة المهاجرين تصعّب الأمور أكثر فأكثر على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
&
حيان الهاجري: قد لا يضطر الألمان أن يقفوا وراء "البديل لألمانيا"، الحزب اليميني الشعبوي الصاعد المعادي للمهاجرين، بل يمكن لأي ألماني أن يتنصل من مواقف هذا الحزب وجماعاته، وحتى أن يحاربهم، والدعوة إلى التشكيك في صحة اسم الحزب، خصوصًا أنه لم يقدم لألمانيا أي بديل حتى الساعة. فالحزب قائم ضد أنجيلا ميركل، وضد اللاجئين، وضد وسائل الإعلام، وضد سياسة اليورو، وضد الإسلام، كما تقول مجلة شبيغل الألمانية.
&
إلا أن الانتخابات الأخيرة في ألمانيا بيّنت أن "البديل لألمانيا" مثل في الواقع &البديل الوحيد من باقي الأحزاب الواردة على بطاقة الاقتراع. ففي وجود الأحزاب الرئيسة الكبيرة والصغيرة التي تحشد دعمها وراء نهج ميركل في التعاطي مع أزمة اللاجئين، يشكل "البديل لألمانيا" المتنفس الوحيد للناخبين المحبطين والغاضبين من سياسات المستشارة الألمانية.
&
وفقد أتت النتيجة زلزالًا سياسيًا في ألمانيا. فبحسب شبيغل، حزب "البديل لألمانيا" لم يكن موجودًا حتى ككيان سياسي حين ذهب الناخبون آخر مرة في بادن فورتمبيرغ، راينلاند بالاتينات وساكسونيا&آنهالت إلى صناديق الاقتراع. لكنه حصل في ثلاثة إنتخابات متتالية على 15.1، و 12.6 و 24.2 في المئة من الأصوات على التوالي، وهذا واقع ملموس على الرغم من رفض كثيرين قراءته بأنه رفضٌ&شعبي&متصاعد&لنهج ميركل في معالجة أزمة اللاجئين.
&
ميركل تفكر
&
إلى&ذلك، أكدت ميركل مرارًا أنها لا تتوقف أبدًا عن التفكير بحل لأزمة اللاجئين، آخذةً في حسبانها الإيجابيات والسلبيات. وتقول إنها في النهاية ستجعل الألمان يؤمنون بما تؤمن به، لكنها لم تصل بعد إلى الحل المنطقي الذي تتوق إليه، وهي مؤمنة بأنها ستصل أخيرًا إلى الحل المنطقي الوحيد الممكن. ولكل من يثق بـ "ميركل"، الوضع مريح اليوم، لأنه واثق من قدرتها على الوصول بالأمور إلى خواتيمها السعيدة، وهذا ما ستفعله من دون أي شك.&
ترد شبيغل المشكلة إلى أن النقاش شريان الحياة في النظام الديمقراطي. وفي انتخابات محلية، حين تصطف الأطراف باستثناء جماعة واحدة إلى جانب السلطة، فالعديد ممن يعارضون خط الحكومة سوف يصوتون لهذه الجماعة، وخصوصًا لو كانت القضية اجتماعية سياسية وتعتبر الاهم في تاريخ البلاد.
&
ثمة عامل آخر في هذه المعادلة. إنه عامل المحافظين، فأحزاب الوسط&لا تزال موجودة، وقادرة على الوقوف بحزم والادلاء برأيها في مسائل عدة، كاللاجئين والاجهاض وغيرهما، إذ تستند إلى قاعدة شعبية لا يستهان بها، من دون نسيان حزب الخضر الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على 30.3 في المئة من الأصوات.
&
العصر المأزوم
&
الاشتراكيون الديمقراطيون، من جهتهم، نجحوا في ولاية من ثلاث ولايات في الانتخابات الأخيرة، وهم يعلنون سياسة ليبرالية تجاه المهاجرين، ويطالبون بمشروعات موجهة إلى الألمان، بينما يسأل الألماني إن كان اليسار في بلاده مستمرًا في الترحيب باللاجئين المتدفقين على البلاد، على الرغم من أن ممثلتهم في البرلمان&نبهت اللاجئين أخيرًا من مغبة خسارتهم حقوقهم في الضيافة الألمانية، بحسب شبيغل.
&
وحين يصعب تحديد المبادئ والشعارات التي ترفعها الأحزاب، لأنها تبدو مرتبكة، يصعب بالتالي على الناخبين الإدلاء بأصواتهم لصالح أي من هذه الأحزاب. وإذا كانت أحزاب ألمانيا القوية تقليديًا في الوسط،&أي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي،&تريد أن تبقى قوية، فعليها أن تحدد مكانها بوضوح في الطيف الديمقراطي، وأن تنخرط أكثر فأكثر في النقاش السياسي، في ما بينها أولًا، ثم مع حزب&"البديل لألمانيا" ثانيًا.
&
وبالتالي، فإن استراتيجية تقديم حل واحد غير قابل للجدال لمشكلة معقدة ومتنوعة ليست حلًا في أساسها، بل خيار ينبغي أن يعاد النظر فيه.&
&
خلاصة القول، يواجه الألمان عصرًا مأزومًا، تنمو فيه قوة من لا يقدم حلًا للمشكلات، ومن لا يملك في جعبته إلا الرفض والخوف.