عاد الجدل في الجزائر مجدداً بشأن محاولة &أطراف "فرنسة" قطاع التربية والتعليم، والتمكين لتوغل أكثر للغة موليير وقيمها على حساب قيم المجتمع المتوارثة منذ قرون ولغته العربية، واتهم ناشطون في قطاع التربية وبرلمانيون الوزيرة نورية بن غبريت رمعون بدوسها على الأسس التي يستند إليها قطاع التربية واستيراد كل ما هو فرنسي بعد استعانتها بخبراء فرنسيين.
&
الجزائر: تنوي بن غبريت ضمن ما أسمته "الجيل الثاني من إصلاحات قطاع التربية"، التي باشرتها الحكومة عام 2003 تقليص الحجم الساعي إلى فرض اللغة العربية إلى 5 ساعات أسبوعيًا فقط، وهو ما يعادل تقريبًا الحجم الساعي إلى اعتماد اللغة الفرنسية التي تدرس أربع ساعات ونصف ساعة أسبوعيًا، رغم أن استعمالهم العالمي والعلمي يتراجع كل سنة.
&
&وتضمن الجيل الثاني من الإصلاحات أيضًا الاكتفاء بساعتي تدريس فقط أسبوعيًا في اللغة الانجليزية، وبساعة فقط في مواد الهوية كالتاريخ والتربية الإسلامية والجغرافيا والتربية المدنية.
&
&خبراء مستوردون
&
وتُتهم بن غبريت باعتمادها على خبراء فرنسيين في خططها المتعلقة بتطوير قطاع التربية على حساب الخبراء الجزائريين أو مختصين من دول أخرى.&وأشارت نقابات كمثال إلى استعانة الوزارة في آخر مرة فقط بـ11 خبيرًا فرنسيًا في ندوة دعي إليها المفتشون ومديرو التربية الولائيون.
&
وقال مسعود عمراوي &المكلف بالإعلام في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين (نقابة)، إن الأساتذة وإطارات قطاع التربية "كانوا يتوقعون من وزيرة التربية بن غبريت باعتبارها باحثة مدركة جيدًا أن اللغة الفرنسية لغة ميتة - ليست لغة بحث - حتى في بلدها وموطنها الرسمي، مما جعل فرنسا تدرس أبناءها التلاميذ اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الثانية ابتدائي، مما يجعلها حتمًا تمنح اللغة الإنجليزية مكانتها الطبيعية التي تقتضيها المصلحة العليا للوطن في مناهج وبرامج أبنائنا التلاميذ، خاصة وأن اللجان عاكفة لإعداد برامج الجيل الثاني وإدراج تدريس أبنائنا التلاميذ اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الثانية ابتدائي باعتبارها لغة العلم".
&
وبحسب عمراوي، فإن "الواقع يؤكد في كل مرة وبما لا يدع مجالاً للشك أن لا هدف لبن غبريت من الناحية البيداغوجية والتعليمية منذ مجيئها سوى فرنسة المدرسة الجزائرية والجزائر عامة لتصبح ملحقة تابعة لفرنسا، وهنا يجدر بي طرح هذا السؤال هل يمكن أن تكون السيدة بن غبريت فرنسية أكثر من الفرنسيين حتى تعمل جاهدة لفرنسة المدرسة الجزائرية؟".
&
وأشار عمراوي إلى أن "لغة خطاب الوزيرة في كل الاجتماعات الرسمية مع إطاراتها بالفرنسية، وكل تقارير وزارة التربية تدون باللغة الفرنسية".&وأكد عمراوي أن "مناهج وبرامج ما يسمى بالجيل الثاني تسوي بين اللغة العربية (اللغة الوطنية) والفرنسية في الحجم الساعي إلى فرضهما على التلاميذ".
&
وكشف عمراوي عن "محاولة الوزارة فرنسة إحدى الثانويات بدعوى تخصيصها لتدريس أبناء الجاليات الأجنبية والجزائريين العائدين من المهجر الذين لا يحسنون العربية، وهي حجة باطلة وواهية الهدف الحقيقي منها هو إعادة اللغة الفرنسية وخلق طبقية جديدة وسط المجتمع الجزائري، وتم إبلاغ مديرة الثانوية بالأمر، وبدورها أعلمت الأساتذة المدرسين بالعربية، فكادت تحدث الكارثة من خلال تهديد الطلبة بتخريب الثانوية، مما جعل الوزيرة بن غبريت تحجم عن قرارها في الوقت الحالي؟".
&
&ويقول عمراوي في تصريح – اطلعت عليه "إيلاف" – إن الوزيرة لجأت إلى سل سيف "الإبعاد والإحالة على التقاعد لكل من لم يسايرها في الخط التغريبي".&وتجتمع وزيرة التربية الأحد المقبل مع الشركاء الاجتماعيين في لقاء يخصص لمناهج الجيل الثاني والوسائل والسندات البيداغوجية.&وينتظر أن يتم في اجتماع الأحد تنصيب مناهج الجيل الثاني التي ستطبق خلال الموسم الدراسي المقبل للمستويين الأول والثاني ابتدائي والسنة الأولى من التعليم متوسط .
&
&مساءلة برلمانية
واتهم حسن عريبي النائب بالمجلس الوطني الشعبي (برلمان) المنتمي الى جبهة العدالة والتنمية (حزب إسلامي) الوزيرة بـ "العمل على إزالة ما تبقى من قيم وطنية، وثوابت الأمة وتبديلها بالقيم الفرنسية، حيث استعانت بـ 11 خبيرًا فرنسيًا في خريف 2015 للإشراف على الشوط الثاني من إصلاح المنظومة التعليمية".
&
وتوعد عريبي بكشف ما أسماه "الخبث الخطير الذي تخطط له الوزيرة، ومن يقف خلفها، وذلك عبر رسالة رسمية موجهة الى رئيس الجمهورية تكشف عورة المتآمرين".&ووجه عريبي سؤالاً كتابيًا الى الوزير الأول عبد المالك سلال يطالبه فيه بتقديم توضيحات حول تحضير الوزيرة "مشاريع لسيادة القيم الفرنسية واستئصال القيم الوطنية الجزائرية وتبديد المال العام تحت ستـار الشروع في الإصلاحات التربوية".
&
وقال عريبي في سؤاله "إن وزيرة التربية تحضر لمشروع فتنة عمياء ستهدد استقرار الوطن وتنشر فيه الخراب والدمار، وتلحق الضرر البالغ بهويتنا وقيمنا الاجتماعية، وإزاحتها من الواجهة لتأخذ مكانتها ضرتها الفرنسية".&وأضاف: "لقد أصبحنا بالفعل نتخوف على مصير ومستقبل الأبناء من الهزات الرئيسة والارتدادية التي تحدثها وزيرة التربية في مناسبات عدة بتلميحات تستفز المرجعية التاريخية والروحية والثقافية للأمة الجزائرية".&وجاء في سؤال عريبي الموجه إلى الوزير الأول "قد بلغنا أن تلك الإصلاحات المزعومة تسير بسرية تامة تحت المراقبة الدقيقة للفرنسيين".
&
سوابق
ليست هذه المرة الأولى التي تحدث وزيرة التربية جدلاً في الجزائر بشأن مواد الهوية، فقد أثارت توصية وردت في ختام الندوة الوطنية حول تقويم تطبيق إصلاح المدرسة التي نظمت في تموز/يوليو 2015 موجة من الغضب وسط الجزائريين ونقابات التربية.
&
ودعت التوصية التي لم يوافق عليها الشركاء الاجتماعيون، ووردت في البيان الختامي للندوة، إلى اعتماد اللغة الدارجة بدلاً من الفصحى في تعليم اللغة العربية لتلاميذ السنة الأولى ابتدائي، لكن سرعان ما رضخت الوزيرة بن غبريت للانتقادات التي طالتها، وأكدت أن التوصية "مجرد مقترح لن يلقى سبيله للتطبيق".&
&
وتولت نورية بن غبريت حقيبة وزارة التربية الوطنية في أيار/مايو 2014، وشغلت قبلها منصب مديرة المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران (غرب الجزائر)، وهي حاصلة على دكتوراه في علم الاجتماع من جامعة باريس.
&
وكانت بن غبريت ضمن خبراء لجنة إصلاح قطاع التربية لعام 2003، أو ما تعرف بلجنة بن زغو (نسبة الى رئيسها علي بن زاغو) التي اتهمت بإدخال إصلاحات، أعادت المدرسة الجزائرية إلى الوراء، وأدخلت عليها قيمًا غربية وفرنسية بالتحديد على حساب القيم الوطنية.
&
ويقول بعض المتابعين للشأن التربوي إن تنصيب لجنة بن زاغو جاء ضمن الضغوط التي مارستها على الدول العربية بعد تفجيرات 11 أيلول 2001، والتي دعت عقبها الكثير من الدول العربية والإسلامية الى إدخال تغييرات في مناهجها التربوية بحجة محاربة فكر التطرف والتشدد.
&