مع اختتام مناورات "رعد الشمال"، التي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم من حيث عديد القوات المشاركة واتساع منطقة المناورات، والأولى عبر تاريخ المنطقة العربية والإسلامية لجهة الدول المشاركة والأهداف الاستراتيجية، لفت نظر المراقبين غياب دولتين إقليميتين مهمتين، هما الجزائر وتركيا.


نصر المجالي: من أصل 57 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي شاركت في مناورات "رعد الشمال"، التي كانت انطلقت في مدينة الملك خالد العسكرية، في منطقة حفر الباطن يوم 27 شباط (فبراير)، شاركت فيها قوات من 20 دولة، إضافةً إلى قوات درع الجزيرة (القوات المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي).

ليست مفاجأة&
غياب الجزائر وتركيا، لم يشكل مفاجأة، للأوساط السياسية والإعلامية، حيث لكل منهما أسبابه في عدم المشاركة، رغم ما يقال عن (خصوصية) علاقاتهما مع المملكة العربية السعودية، التي يبدو أن لديها تساؤلات عن أسباب الغياب، وهذا يسري على عدم انضمام الجزائر إلى التحالف الإسلامي ضد "الإرهاب"، الذي كانت دعت إليه السعودية، بينما سارعت تركيا لتأييده. &

معروف عن الجزائر أنها ترفض التدخل العسكري في أية نزاعات في الجوار أو الإقليم كله، فهي ظلت دائمًا مع سياسة الحياد، مع رفض الحلول العسكرية على حساب الحوار السياسي، والذي تعتبره الدبلوماسية الجزائرية خطًّا أحمر. وهذا البلد العربي الشمال أفريقي، رغم حربه الطويلة مع الجماعات "الإرهابية"، وخصوصًا تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا وتواجده القوي في الجارتين مالي وليبيا، فإنه لم يتدخل عسكريًا هناك.&

اليمن&
كما ان الجزائر كما هو معروف كانت رفضت التحالف العسكري العربي في اليمن، وظلت تدعو إلى حل سلمي للأزمة، وتعيد مصادر دبلوماسية خبيرة في الشأن الجزائري مثل هذا الموقف في الشأن اليمني، وسواء بسواء في الشأن السوري&الى العلاقة التاريخية التي تربط بين الجزائر وإيران وروسيا.&

على أن هناك من يقول أيضًا إن عدم انخراط الجزائر في مثل هذه الجهود العربية والإسلامية التي تقودها السعودية وبدعم كبير من مصر ضد "الإرهاب" وغيرها من الجهود المشتركة، إنما يعني أنها تعتبر ندًّا لكلا البلدين العربيين في الصراع على النفوذ.&

مثل هذه المزاحمة الجزائرية على النفوذ مع مصر والسعودية، تطال أيضًا تركيا، التي هي في مرمى نيران الساسة والإعلام الجزائريين على الدوام، حيث الاتهامات مستمرة لأنقرة بدعمها تنظيم (داعش).&

موقف تركيا
إلى ذلك، فإن عدم مشاركة تركيا، التي كانت أيّدت بشكل قوي التحالف الإسلامي ضد "الإرهاب"، وتقف إلى حد كبير مع الموقف السعودي نفسه لجهة نظام بشار الأسد والأزمة السورية، في مناورات (رعد الشمال) يثير أكثر من سؤال؟.
&
لعل الجواب، جاء عمليًا وفي شكل واضح في الأسبوع الماضي في الزيارة غير المسبوقة التي قام بها رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو لطهران ومحادثاته مع القيادة الإيرانية.
&
وكانت محادثات داود أوغلو تركزت على جملة من الملفات، بينها الصراع في سوريا، رغم اختلاف موقف طهران وأنقرة من ذلك الصراع، وخصوصًا مصير الرئيس بشار الأسد، كما تركزت على المصالح المشتركة وتطوير العلاقات مع إيران، ورفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 50 مليار دولار.
وخلال المحادثات، أكد داود أوغلو على جدية بلاده في فتح فصل جديد من التعاون مع إيران، وقال إن على البلدين تطوير منظور مشترك لإنهاء الصراع الطائفي في المنطقة.

من جانبه قال روحاني إن لدى إيران وتركيا مصالح مشتركة، ويجب أن يتركز تنسيقهما وتعاونهما على محاربة ما وصفه بـ"الإرهاب" باعتباره عدوًا مشتركًا.

أنقرة ومصر
فضلًا عن الانخراط التركي في علاقات "اقتصادية استراتيجية ضخمة" مع إيران، فإنه لا يخفى على المراقبين أن المشاركة المصرية القوية في مناورات (رعد الشمال) لها تأثير مهم على مشاركة تركيا، وهي التي تناصب القاهرة العداء، على خلفية إطاحة حكم الإخوان المسلمين، في المناورات.&

على أنه يجب ألا ننسى أن قاعدة أنجرليك التركية كانت استقبلت في نهاية شباط (فبراير) الماضي مقاتلات وأطقمًا عسكرية سعودية في إطار الاستعدادات لأي تدخل عسكري ضد تنظيم (داعش) في سوريا.&

ويشار إلى أن معلومات كانت تحدثت عن انضمام القوات المسلحة التركية إلى مناورات (رعد الشمال)، وقالت مصادر صحافية إن تركيا أرسلت 400 جندي إلى الأراضي السعودية للمشاركة في المناورات، لكن مثل هذه المعلومات سرعان ما تراجعت ولم تثبت صحتها.