تبدو الأمور سهلة أمام ترامب، لكن تصريحات الجمهوريين الأخيرة حول فكرة ترشيحه من قبل المسؤولين لا الناخبين، تشكل عقبة رئيسة أمامه.

نيويورك: أفرزت نتائج الإنتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري ضمن فعاليات الثلاثاء الثاني الكبير تفوقًا واضحًا للمرشح المثير للجدل، دونالد ترامب، الذي حقق نتائج لافتة، مكنته من تحصين موقعه بين المتنافسين.

قطار ترامب لا يزال يكمل المسير رغم كل العوائق، لا الحملات الإعلانية التي استهدفته في الأسابيع الأخيرة حققت الهدف المرجو منها، ولم يغير إصطفاف القسم الأكبر من الجناح المحافظ الجمهوري ضده أي شيء، بل على العكس من ذلك، جاءت بعض النتائج، لتعطي ترامب أكثر مما يتمنى.

النتيجة التي أفرزتها انتخابات الجمهوريين في فلوريدا، تؤكد وبلا أدنى شك أن إمكانية نيل ترامب ترشيح الحزب الجمهوري لم تعد مزحة، لأن ما حدث في تلك الولاية قبل أيام من التصويت، لم يحدث بعد في أي ولاية ثانية، الإعلانات والأضواء كانت مسلطة بشكل شبه كامل على قطب العقارات، ولكن من منظار سلبي فماذا حدث؟.

إعصار فلوريدا

بعد إعلان فوز ترامب بأصوات تسعة وتسعين مندوبًا في فلوريدا (أي العدد الكامل)، خرج على حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، ليقول: شكرًا فلوريدا، 99 مندوبًا رغم كل الحملات الإعلانية المزورة"، ولعل أهم ما قصده ترامب كان في الحملة الموجّهة ضده في الولاية، والتي حاولت النيل منه، عبر التذكير بإفلاس شركاته، وهضم حقوق العاملين معه، وعدم دفع الأجور، وقضية الجامعات، ورغم ضخامة الحملة ووقوف جماعات الضغط خلفها، إلا أن الملياردير، الذي يفاخر بتمويل حملته الإنتخابية عبر ماله الخاص، حقق فوزًا كاسحًا في عقر دار منافسه ماركو روبيو.

المرشح المصارع

وفي إطار الحرب على ترامب، وقبل يومين من مؤتمر إيباك (لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية)، تم التداول على مواقع التواصل الإجتماعي بفيديو&لترامب أثناء مشاركته في فعاليات المصارعة الحرة.&

يظهر الفيديو المرشح المثير للجدل يقوم بضرب فينس مكمان (رئيس مجلس إدارة مؤسسة المصارعة العالمية)، ويقوم بحلاقة شعره، وقد أراد المروّجون لهذا الفيديو تحذير الأميركيين من إمكانية وصول شخص مثل ترامب إلى مقام الرئاسة، لكن السؤال الذي يطرح هل يغيّر هذا الأمر شيئًا في المعادلة؟.

خطاب ترامب

لا شك أن ترامب، يدرك أكثر من غيره، الأمور التي تهمّ الناخب الأميركي بشكل عام، والجمهوري على وجه الخصوص، فالشعب لا يعطي اهتمامًا كبيرًا للشؤون الخارجية، جلّ ما تهمّه موضوعات تتعلق بالضرائب والاقتصاد وتحسين مستوى الدخل الفردي، والحصول على ضمان صحي، وإعادة إحياء الطبقة الوسطى.&

وهذه النقطة يضرب ترامب دائمًا على وترها الحساس، ولا يتورع عن توزيع الاتهامات على&خصومه بتدميرهم، كما يطلق شعارات تدغدغ الأفراد الذين لم يكملوا دراستهم الجامعية، وأولئك الذين يقل دخلهم السنوي عن الخمسين ألف دولار.

الكاوبوي

نقطة ثانية تتعلق بالمظهر الذي يحاول ترامب الظهور به، فالملياردير يظهر أحيانًا وكأنه المدافع الأول عن حقوق الفقراء والمعدومين، ثم يخرج بمظهر (الكاوبوي)، الشخصية المحببة لدى شريحة لا يستهان بها، ويكفي التذكير بأن رونالد ريغان قام بأداء أدوار سينمائية قبل أن يدخل إلى البيت الأبيض.

النتائج التي أفرزتها الإنتخابات التمهيدية حتى الآن، صعقت مسؤولي الحزب الجمهوري بشكل كبير، لذلك خرجت بعض الآراء لتقول إن هؤلاء يؤيدون فكرة اختيار مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة بوساطة مسؤولي الحزب، وليس الناخبين، علمًا أن هذا الأمر بإمكانه الحدوث فقط في حال لم يتمكن ترامب من الفوز بتأييد 1237 مندوبًا، وهو الحد الأدنى للفوز بترشيح الحزب، فهل ينجح خصوم ترامب في محاولاتهم الأخيرة لإيقافه؟.

العقبة الرئيسة

وفق الأرقام، فإن ترامب لا يزال يحتاج أصوات 559 مندوبًا من أصل 1049، ويتقدم عن أقرب منافسيه تيد كروز بـ 255 مندوبًا، نظريًا تبدو الأمور سهلة أمام الملياردير، لكن تصريحات الجمهوريين الأخيرة حول فكرة الترشيح من قبل المسؤولين، تشكل عقبة رئيسة أمامه في حال فشله في تحقيق الرقم المطلوب، لأن معظم المسؤولين الجمهوريين لا يحبذون رؤيته يمثل حزبهم بمواجهة المرشح الديمقراطي.

يبقى على ترامب الحصول على أصوات المندوبين من دون الدخول في المعمعة الداخلية للحزب، وأولى محطاته الإنتخابية بعد الثلاثاء الثاني الكبير ستكون في أريزونا ويوتاه، في الأولى المحاذية للمكسيك، والتي تحوي &أصوات 58 مندوبًا، تعطي التوقعات ترامب تقدمًا على منافسيه في ظل رفعه شعار مكافحة الهجرة غير الشرعية. أما أوضاع الثانية (40 مندوبًا)، فهي جد حساسة، ويكفي إعلان المرشح تيد كروز بشكل علني أن التصويت لجون كاسيتش حاكم ولاية أوهايو وأحد المرشحين الجمهوريين، سيصب في مصلحة ترامب.

اكتساح نيويورك

في ويسكنسن (42 مندوبًا)، تعطي استطلاعات الرأي التي أجريت في وقت سابق تفوقًا لترامب أمام روبيو، الذي علق حملته الإنتخابية. أما في نيويورك (95 مندوبًا) فيبدو أن الملياردير يسير نحو تحقيق فوز كاسح في الولاية، التي تعد معقله الأساسي، وفي بنسلفانيا (72) مندوبًا، فالمنافسة ستكون مفتوحة مع أرجحية لقطب العقارات.

العين على كاليفورنيا

يخف إهتمام المرشحين وشركات الإستطلاع في الولايات التي تتواجد فيها أعداد قليلة من المندوبين، مثل كانتيكيت (28)، وديلوار (16)، ومريلاند (38) ورود إيلاند (19)، ومونتانا (24) ونيو مكسيكو (27) وساوث ديكوتا (29) وأوريغون (28) ونبراسكا (36)، وذلك لمصلحة الولايات التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من المندوبين، ككاليفورنيا، التي تضم &أصوات (172) مندوبًا، وباتت اليوم تعتبر قبلة المرشحين.&

وفي هذه الولاية أعطت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الثلاثاء الكبير الثاني ترامب تفوقًا بسيطًا على كروز، علمًا بأن الاخير اوكل إلى رون نهرينغ، المسؤول السابق للحزب الجمهوري في كاليفورنيا مهمة القيام بدور الناطق الإعلامي باسم حملته الإنتخابية في هذه الولاية، كما حصل على تأييد من جمعية المحافظين الجمهوريين في الشهر الماضي، وفي انديانا (57) ووست فيرجينيا (34)، ونيو جيرسي (51)، تعطي استطلاعات الرأي دونالد ترامب تقدما على باقي منافسيه، بينما لا تزال الصورة غامضة حتى الآن في واشنطن (44).

حسابيا يبدو طريق ترامب سالكًا، ولكن يبقى عليه مواجهة خطة خصومه الجديدة، والمتمثلة في سعيهم الى منعه من الحصول على اصوات المندوبين المطلوبة، عبر تشتيت توزيع الأصوات، تمهيدا لوضع الكرة في ملعب مسؤولي الحزب الجمهوري.

&