يبدو أن الفضيحة التي قوضت أسس نظام أردوغان عندما كان رئيسًا للوزراء قبل سنتين عادت إلى الواجهة مجددًا، بعد اعتقال رجل الأعمال التركي - الإيراني رضا زراب في فلوريدا.

أنقرة: أدى اعتقال رجل أعمال تركي - إيراني في فلوريدا إلى إعادة فضيحة فساد قديمة لطخت في تركيا سمعة الرئيس رجب طيب أردوغان الى الواجهة، عشية جولته الاميركية بعدما كان يسود الاعتقاد بأنها اغلقت.

فقد اعتقل رضا زراب الذي توجه مع عائلته الى الولايات المتحدة لتمضية اجازة، لدى وصوله الى ميامي، ووجهت اليه التهمة مع اثنين آخرين من الإيرانيين، وسرعان ما اودع السجن. ويأخذ عليه القضاء الاميركي عقد صفقات مع إيران، خلافًا للحظر المفروض عليها، وقد يحكم عليه بالسجن 57 عامًا.

ولم يحتل هذا الخبر سوى مساحة ضئيلة في وسائل الاعلام الاميركية، لكن صحافة المعارضة التركية تلقفته وجعلت منه موضوع صفحاتها الاولى. ويتصدر رضا زراب الذي يبلغ الثالثة والثلاثين من العمر والمتزوج من مغنية تركية شهيرة، هذه القضية التي قوضت أسس نظام أردوغان عندما كان رئيسًا للوزراء قبل سنتين.

ففي كانون الاول (ديسمبر) 2013، اعتقل زراب مع عشرات آخرين من المقربين من الحكم، بتهمة القيام بعمليات تجارية غير مشروعة مع إيران، من خلال تسهيلات قدمها وزراء في حكومة أردوغان الاسلامية المحافظة.

وادى الكشف مباشرة بعد ذلك عن عمليات تنصت هاتفية الى توجيه التهمة مباشرة الى أردوغان ونجله بلال.

وتحدث رئيس الحكومة عندئذ عن "مؤامرة" واتهم حليفه السابق الداعية فتح الله غولن، الواسع النفوذ في اوساط الشرطة والقضاء، باختلاق القضية برمتها للتسبب في هزيمته.

وفي اعقاب عمليات مطاردة واسعة في صفوف ما اطلق عليه اسم "الدولة الموازية"، تمكن أردوغان من استعادة السيطرة ووقف كل الملاحقات وحتى الفوز في الانتخابات الرسمية بعد بضعة اشهر.

وفي إيران، حكم على الشريك الإيراني لزراب، الملياردير باباك زنجاني، بالاعدام في السادس من آذار (مارس) لادانته بتهمة الفساد. لكن القضية بدت وكأنها اغلقت نهائيًا خلافًا لرغبة المعارضة.

سيكون مصدر معلومات

وسارع خصوم أردوغان الى استغلال نبأ القبض على رضا زراب.

وقال زعيم المعارضة الاجتماعية-الديموقراطية كمال كلينجدار اوغلو إن "زراب قد اعتقل. وانا متأكد ان البعض لن يغمض لهم جفن هذه الليلة". واضاف "سيتحدث هناك، وسترون. وكل الصلات السرية ستنكشف".

كما أن الصحافة المناهضة للنظام ركزت على القضية. فقد كتبت صحيفة "سوزدجو" على صدر صفحتها الاولى "الخوف من ان يتحدث زراب". وذكر كاتب الافتتاحية في صحيفة "جمهورييت" اوزغور موملجو ان "السلطة في ورطة. ونظرًا الى الاداء السابق للمدعي العام، من المتوقع حصول تداعيات سياسية".

وبات مدعي منطقة جنوب نيويورك المسؤول عن الملف بريت بارارا شخصية تستقطب المعارضين لأردوغان.

واستقبل حساب هذا القاضي على تويتر، الذي احتل في 2012 غلاف مجلة "التايم"، باعتباره الرجل الذي "أسقط وول ستريت" بسبب تحقيقاته المدوية حول التهرب الضريبي في كبرى المصارف، 160 الف "متابع" تركي خلال يومين.

وسأله احد هؤلاء المعجبين الجدد، "ماذا تريد من تركيا؟ عرقًا، شيش كباب، راحة الحلقوم، سجادًا تركيًا؟ أطلب. نحن في خدمتكم". ورد القاضي الاميركي بحذر، "حسنًا، احب الشيش كباب، لكني اعتقد اني لا استطيع أن اقبل هدايا لأني أقوم بواجبي".

اما الصحافة الحكومية الاقل حماسًا بكثير، فقد اخفت خبر الاعتقال في صفحاتها الداخلية، أو بالاحرى تجاهلتها. وتشكل هذه المسألة احراجًا لأردوغان الذي سيقوم الاسبوع المقبل بزيارة الى الولايات المتحدة، وترفض واشنطن رفضًا قاطعًا تسليم عدوه فتح الله غولن الذي يعيش في بنسلفانيا.

وقال دييغو رودريغيز المسؤول في الشرطة الفدرالية الذي يتولى التحقيق الاثنين، إن "الاتهامات التي اعلنت اليوم هي رسالة موجهة الى جميع الذين يحاولون اخفاء هويات شركائهم الحقيقيين". وكتب المعلق السياسي مراد يتكين في صحيفة "حرييت دايلي نيوز" "اذا ما كشف زراب عن اسماء شركائه الحقيقيين... فسيشعر البعض في إيران وفي تركيا على الارجح بالانزعاج".