لاهاي: بدأ الناخبون الهولنديون صباح الاربعاء الادلاء باصواتهم بشأن اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا، في استفتاء استشاري تحول الى تصويت رمزي على شرعية بروكسل.

ووقف الناخبون باعداد ضئيلة قبل الظهر في صفوف انتظار امام مكاتب التصويت التي اقيمت في مدارس او محطات قطارات او متاجر، للادلاء باصواتهم قبل اغلاقها في الساعة 21,00 (19,00 ت غ).

وتوقعت اخر استطلاعات الراي انتصارا بفارق ضئيل لرافضي اتفاق الشراكة الرامي الى تعزيز الحوار السياسي والمبادلات الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الاوروبي واوكرانيا. وهولندا هي اخر بلد في الاتحاد الاوروبي لم يبرم بعد الاتفاق رغم مصادقة البرلمان عليه.

وسعى النائب الهولندي من اليمين المتطرف غيرت فيلدرز المعارض للهجرة، الى حشد انصاره منذ صباح الاربعاء، وكتب على تويتر "على الجميع ان يصوّتوا اليوم، وان يصوّتوا ضد (الاتفاق)".

وبحسب اخر استطلاع للراي اجراه معهد "ايبسوس"، فان 37% من المستطلعين يؤيدون رفض الاتفاق مقابل 33% يعتقدون انهم سيصوّتون لصالحه، فيما باقي المستطلعين لم يحسموا امرهم.

ويتابع الاوروبيون كما موسكو بترقب شديد هذا الاستفتاء، كما تتابعه اوكرانيا بقلق، بعدما ادى رفض الرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2013 توقيع هذا الاتفاق الى قيام انتفاضة مؤيدة لاوروبي اسقطت حكومته.

يمثل هذا الاتفاق بالنسبة الى كييف التي ارسلت عددا من وزرائها للقيام حملة تاييد له في هولندا، "حقبة جديدة" للبلاد، فيما تعتبره موسكو تدخلا اوروبيا في منطقة نفوذها.

واعرب الرئيس الاوكراني بيترو بوروشنكو عن ثقته في نتيجة ايجابية للاستفتاء، لكنه حذر من وقوع بلاده رهينة "نقاش داخلي في هولندا حول مصير الاتحاد الاوروبي".

اضرار جانبية 
واقرت الجمعيات المشككة في اوروبا في الاسبوع الماضي بان "اوكرانيا لا تحدث اي فرق بالنسبة الينا"، وقد جمعت اكثر من 300 الف توفيع للدعوة الى تنظيم هذا الاستفتاء استنادا الى قانون جديد يجيز للهولنديين ابداء رايهم في قرارات تشريعية.

وقال رئيس اللجنة التي جمعت التواقيع اريان فان ديكسهورن لصحيفة "ان ار سي نكست" انه "من غير الممكن بعد تنظيم استفتاء حول الخروج من اوروبا، لذلك نغتنم اي فرصة لممارسة الضغط على العلاقة بين الاتحاد الاوروبي وهولندا". وهذا الاتفاق ليس براي هذه المجموعة سوى مثال جديد على اوروبا بيروقراطية وتكنوقراطية فقدت الصلات مع مواطنيها.

ولن يكون هذا التصويت صالحا الا بمشاركة تفوق 30 في المئة، وكررت لاهاي انها ستنتظر نتائجه قبل اتخاذ قرار في شأن كيفية المضي قدما. وهو ثاني استفتاء ينظم في هولندا بعد استفتاء اول عام 2005 حول دستور اوروبي، فاز فيه الرافضون بفارق كبير.

وقال الباحث في معهد لاهاي حول العدالة ارون ماتا لوكالة فرانس برس ان اتفاق الشراكة هو "اول نقاش يجري بعد اقرار القانون" حول الاستفتاء، مشيرا الى انه "ضرر جانبي" في المعركة ضد بروكسل.

ازمة اوروبية
ويؤكد المحللون انه في حال خروج الاستفتاء بنتيجة سلبية، فان ذلك سيضع الحكومة في موقف حرج في وقت تتولى هولندا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي حتى نهاية حزيران/يونيو.

وفيما تتصدر الاحزاب المشككة في جدوى الاتحاد الاوروبي استطلاعات الراي للانتخابات التشريعية عام 2017، فان الاتفاق سيطرح من جديد بعد ذلك على مجلسي النواب والشيوخ للمصادقة عليه. وقال ماتا "سيتحتم ربما على هولندا ايجاد وسيلة لفك التزامها بالاتفاق، سيترتب عليهم انقاذ ماء الوجه".

وتدخلت الولايات المتحدة في النقاش داعية الهولنديين الى دعم اوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية اليزابيث ترودو "نعتقد ان اتفاق الشراكة لمصلحة اوكرانيا وهولندا واوروبا بمجملها". كما ان نتيجة سلبية للاستفتاء قد تشكل مؤشرا للبريطانيين الذين يصوّتون في حزيران/يونيو حول مسالة البقاء في الاتحاد الاوروبي او الخروج منه.

وزار رئيس حزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب) المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي نايجل فاراج الاثنين امستردام واعلن ان انتصار الرافضين للاتفاق سيوجه "رسالة قوية الى الناخبين البريطانيين، مفادها اننا لسنا الوحيدين الذين يعتقدون ان الاتحاد الاوروبي اتخذ وجهة سيئة في جوهرها".