رحب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمبادارات الإصلاح، لكنه أكد أن "تقاطعها لا يخدم العملية السياسية"، معربًا عن استغرابه من "مهاجمة" مرشحيه لحكومة التكنوقراط وتحويل التعديل الوزاري الى "أزمة".

بغداد: أبدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امتعاضه حيال حملة "التسقيط" التي تعرض لها مرشحوه لحكومة التكنوقراط، وفيما رحب بمبادارات الإصلاح فانه حذر من مخاطر تقاطعها وقال ان "الإصلاح لا يعني الرجوع الى الوراء واحداث فراغ دستوري" فيما لفت رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم الى ان "شعور الجميع بالمشاركة في القرار يمنح مساحة الثقة المطلوبة لعبور هذه الازمة".

وبدأ الحفل الرسمي بمناسبة يوم الشهيد العراقي الذي أقيم بمكتب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، مناسبة لاستعراض المواقف السياسية وتمسك كل طرف برؤيته للاصلاح، بل شهدت كلمات القادة العراقيين بين سطورها انتقادا واضحا لخطوات بعضهم البعض، وجسدت الصراع بين الحكومة ومجلس النواب وخلفه القوى السياسية والخلاف حيال مفهوم الشراكة.

وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي ان "مبدأ الشراكة ليس مع الكتل السياسية فقط بل مع ابناء شعبنا"، موضحًا بأن "الشراكة لا تعني التمسك بالمناصب والامتيازات بل التنازل عنها لمصلحة الشعب".

جزء من الإصلاح&

وأضاف: "متوهم من يظن ان الاصلاح يمكن ان يتم بالطرق التقليدية الكلاسيكية المعتادة"، مشيرًا الى ان "الإصلاح ليس الرجوع إلى الوراء وإحداث فراغ حكومي".

واكد أن "التعديل الوزاري جزء صغير من الاصلاح الذي هو مسيرة كبيرة في اصلاح منظومة الدولة ومحاربة الفساد وتكريس مبدأ النزاهة وكيفية ترسيخها لتقديم الخدمة للمواطن"، مشددًا على اهمية عدم الاصرار على المواقع والامتيازات، وقال: "لنقدم صورة ناصعة عن تضحيات الشهداء الذين لولاهم لما كنا هنا".

واشار الى مضيه بـ"تخفيض رواتب وامتيازات المسؤولين"، ماضيا الى القول: "خفضنا الرواتب بنسبة 40 بالمائة، وهي ليست انتقاما كما يريد ان يصوره البعض انما لتقليل التفاوت الطبقي بين المسؤول والمواطن".

امتعاض&

واعرب عن "استغرابه" من مهاجمة القائمة الوزارية التي قدمت للبرلمان "بصورة غريبة" وقال "النقد لا يعني تسقيط كفاءاتنا وطاقاتنا فماذا يبقى للمجتمع"، معتبرًا بأن ذلك "هجمة تسقيطية تعرض لها مرشحو الكابينة الوزارية الجديدة التي قدمت للبرلمان".

وأضاف: "ان ما قدمته هو تعديل وزاري وليس تغييرًا، ولكننا فوجئنا بنشر الأسماء ومهاجمتها، واستغرب من هذا المنهج الذي تتبعه بعض وسائل الإعلام التي لا ترقى لمستوى الاحترام لهذا البلد". وتساءل قائلا: "لماذا تحول التعديل الوزاري الى ازمة اذ انني اردت تشكيلة حكومية لتقديم الافضل للمواطن مع اعتزازنا بالوزراء الحاليين وما قدموه، ولكننا نحتاج مع التحديات التي نواجهها الى تركيبة حكومية تنهض بالقطاعات المختلفة".

وأشار الى ان "البعث" هو الذي "أسس" عصابات داعش الإرهابية، مشيرا الى ان التحدي والصمود في جبهات القتال يمثل استمرارا لتضحيات الشهداء و"ان هذه التضحيات هي للجميع وليس من اجل كيانات منفردة".

وتابع منتقدا ما وصفه بـ"الانانية" وقال "علينا ان نعمل في كيفية اعطاء مثالا حقيقا لتحقيق الاصلاح للبلد بدلا من التمسك والانانية وان نستخدم ادوات خارج الاطار التقليدي للنهوض بالبلد مع هذه التحديات التي يمر بها".

الحكيم .. الانانية افقدتنا الموصل

ولم يكن وحده رئيس الوزراء من انتقد الانانية، فرئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم هاجمها وقال ان الـ"نحن" التي اضعناها في دهاليز السياسة وتناسينا اننا اخوة ورفاق درب ومواطنون، "ضاعت معها الموصل والانبار وصلاح الدين وتهددت اربيل وكربلاء واختنقت بغداد".

وأضاف: "عدونا الحقيقي اليوم هو عدم اتفاقنا على رؤية واحدة نسير بها معا في بناء هذا الوطن، وعدونا هو تقاطعنا في عنوان الوطن واختلافنا في مساحة وتعريف الشعب".

وطالب الحكيم رئيس الحكومة حيدر العبادي وفريقه بادراك أن نجاحهم سيكون معتمداً على الدعم السياسي والجماهيري الذي يحصلون عليه من قادة البلد، فيما دعا الى استثمار الدعم الدولي الواسع للعراق.

وأضاف أن "أمام العراق اليوم فرصة كبيرة متمثلة بالدعم الدولي الواسع والتفهم الاقليمي لدوره ومساحته وتحدياته، وعلينا ان نستثمر هذه الفرصة ونتجاوز الاختناق السياسي".

وتابع الحكيم قائلاً "لقد قدمنا مبادرتنا للإصلاح الوطني وتفهمنا احتياجات الحكومة وقيادتها التنفيذية في التعامل مع متطلبات وتحديات المرحلة"، معتبرًا أن أي عملية اصلاحية لا بد أن يرافقها بعض "الالام والاوجاع"، فيما لفت الى أن شعور الجميع بالمشاركة في القرار يمنح الثقة المطلوبة لعبور الأزمة.

الجبوري .. انهاء إدارة الدولة بالوكالة&

من جهته اكد رئيس البرلمان سليم الجبوري على ان الاصلاح لا يتوقف عند تغيير المواقع التنفيذية وانه "يجب النظر بمنهجية بناء الدولة وانهاء ادارة الدولة بالوكالة بما فيها السفارات ووكلاء الوزارة ورؤساء الهيئات المستقلة وخلال شهر من التصويت على رئاسة الوزراء والكابينة الجديدة.

وقال "نحن اليوم في أشد الأزمات صعوبة واختناقا، وأكثرها حراجة وحساسية، وهو ما يتطلب منا تجردا كبيرا من النوازع الفردية والحزبية الى المصلحة الوطنية والشعبية".

ورأى &بان "هذه الايام فاصلة ومهمة في تاريخ العملية السياسية بل وتاريخ العراق في ظل مواجهة اخطر عدو للإنسانية وهو داعش، وخطر اخر هو الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر بالعراق والذي تعانيه كل الدول النفطية مع انخفاض الأسعار".

وحذر من المتربصين بمستقبل العراق ومن "محاولات مسعورة لتقويض اركان العملية السياسية التي تمثل اللبنة الأساس لبناء الدولة والامل الوحيد لإقامة الحكم الرشيد" وقال ان "خلاف ذلك هو الفوضى والتشظي".

واكد الجبوري ان "مجلس النواب عمل منذ اليوم الاول لانطلاق مشروع الإصلاح الذي نادى به الشعب وكانت خطواته توازن دائما بين ما يطمح له المواطن وما تتطلبه الأُطر الدستورية والقانونية في مقاربة ليست سهلة نعتقد ان المجلس قد أدارها وبالتعاون مع الكتل السياسية بروح وطنية مسؤولة ومخلصة".

وتابع: "ننتظر مع الايام القليلة القادمة انجاز ملف الإصلاح وبضمنه التغيير الحكومي الذي عملنا على إنجاحه وفق الإطار القانوني الواضح والصريح والشفاف".

وأوضح قائلا "ارسلنا طلبات الى الجهات ذات العلاقة للتأكد من صلاحية المرشحين وأحلنا اسماءهم الى اللجان البرلمانية النظيرة لاختصاص الوزير المرشح للنظر بصلاحية الوزير وبشكل مهني بعيدا عن اي بعد سياسي".

وأشار الى ان "اللجان المختصة أكملت تقييماتها والوقت المتبقي يقتضي التعجيل بتقديم اسماء أخرى لضمان إتمام عملية التغيير بالوقت المحدد".

وجدد تأكيده على "إدامة التشاور مستعجلا بين الكتل السياسية لضمان دعمها للتغيير الوزاري كونها صاحبة الحق الدستوري والسياسي بذلك".

كما حذر من "اي محاولة للقفز على التوقيتات التي قطعناها للشعب العراقي وهو ما يستلزم من رئيس مجلس الوزراء والكتل السياسية العمل معا وبجدية للتوصل الى صيغة تكفل تحقيق المعايير التي وضعها رئيس الحكومة في تشكيل حكومة تكنوقراط"، مشددا على أهمية ان "تُكفل مشاركة ودعم الكتل لهذه الحكومة".

الجبوري يؤكد على ان الاصلاح لا يتوقف عند تغيير المواقع التنفيذية ويجب النظر بمنهجية بناء الدولة وانهاء ادارة الدولة بالوكالة بما فيها السفارات ووكلاء الوزارة ورؤساء الهيئات المستقلة وخلال شهر من التصويت على رئاسة الوزراء والكابينة الجديدة

وقال ان "العملية الإصلاحية لا تتوقف عند التغييرات للمواقع التنفيذية وحسب بل تتعدى الى اعادة النظر في منهجية بناء الدولة وانهاء إدارة الدولة بالوكالة بما في ذتلك وكلاء الوزارات ورؤسات الهيئات المستقلة والسفارات" مؤكدا على أهمية "السعي لاقرار حزمة قوانين تمكننا من تحقيق المصالحة المجتمعية الناجزة".

معصوم .. الإصلاح والمصالحة&

رئيس الجمهورية فؤاد معصوم أشار الى ان "الوصول إلى لحظة استقرار امني تساعد في تهيئة ظروف ملائمة للتقدم في المسارات الأخرى، خصوصا في مجال الإصلاح وتقوية المسار السياسي والاقتصادي والمصالحة الوطنية الحقيقية، وهي الشرط الأهم للتقدم بسلام وتحقيق الإصلاح المنشود".

وأوضح معصوم ان "التلازم بين المصالحة والإصلاح تلازم واقعي تؤكده تجارب السنوات الماضية، فنحن في لحظة تاريخية بات العالم واقف فيها ومنتبه إلى مخاطر الإرهاب وفي لحظة تسمح لنا ان نعمل من اجل ان يكون العالم كله معنا في حربنا على الإرهاب".

واكد ان "ما هو اصح أن نتوحد جميعا في تعزيز انتصارات قواتنا والتفاهم السياسي فيما بيننا، وتطوير الاصلاح بالتلازم مع ترسيخ قيم المصالحة".

ونوه رئيس الجمهورية اننا "نعتقد ونؤكد ان تجاوز هذه اللحظة الراهنة يتطلب التضحية والإيثار وإدراكا عميقا لمسؤولياتنا ازاء شعب صبر واحتمل كثيرا وبذل أكثر مما بذلناه كقيادات من اجل ترسيخ استقرار العملية السياسية وتعزيز الديمقراطية"، ماضيا الى القول "ها نحن أمام تحدي الحفاظ على استقرار العملية السياسية وهي المسؤولية المنوطة بنا بعد ما قدم الشعب كل شيء ومختلف التضحيات".


&