بغداد: باتت ساحة الفردوس، رمز إسقاط نظام صدام حسين قبل 13 عاما بعدما ازالت القوات الاميركية تمثاله من المكان، معلما لحجم الخراب الذي اصاب العراق على يد قادته المتناحرين.
ويمر في هذا الأسبوع الذكرى الثالثة عشر لسقوط بغداد عندما اقتربت دبابة اميركية من تمثال صدام الضخم ليصعد احد جنودها ويلفه بالعلم الاميركي وسط جموع كانت هناك، معلنا نهاية نظام استمر 24 عاما. لكن هذه الساحة التي كانت تعتبر متنفسا رئيسا في وسط العاصمة لتميزها بالحدائق والنوافير الجميلة اصبحت اليوم مكبا للنفايات وتعاني اهمالا واضحا.
وقال الاعلامي زياد العجيلي لفرانس برس ان "هذه الساحة ظلت منذ السقوط الشاهد الرئيس على خراب العراق". وتبلغ مساحة الساحة حوالي الفي متر مربع. واضاف "لا تختلف الساحة البسيطة في مساحتها عن كل المتغيرات السياسية منذ تاسيس جمهورية العراق حتى اليوم".
المثير للدهشة هو حجم الخراب المحيط بالساحة رغم وقوعها قرب فندقي ميريديان وشيراتون من الجهة الغربية ومسجد 14 رمضان شرقا. وتتوسط الساحة شارع السعدون، اهم شوارع العاصمة كونه قلب المركز الرئيس. وتحولت نافوراتها الى مستنقعات اسنة بالمياه، وتحولت حدائقها الى اعشاب صفراء كما تكسر عدد كبير من الاشجار المحيطة بالساحة، في حين تملء النفايات المكان.
وتحول احد جدران هذه الساحة الى معرض للاعلانات والملصقات المهترئة. وقالت سماح يوسف التي كانت تمر قرب الساحة محدقة حولها ردا على سؤال لفرانس برس "عن اي فردوس تتكلم؟ لم يبق من الفردوس شيئا، لابد من تغيير اسمها الان الى ساحة النفايات والاوساخ".
ازاحة تثمال صدام ليس اول تغيير يطرأ على هذه الساحة، فقد شهدت في الماضي عملية ازاحة تمثال "نصب الشهيد" للفنان الراحل رفعت الجادرجي ابان ستينيات القرن الماضي. ومنذ التغيير الذي بدأ من ساحة الفردوس، لم يستقر اي تمثال في المكان بعد ازالة تمثال صدام حسين، بحيث يبدو ان شبحه لا يزال يطارد هذه الساحة.
لم يستقر الوضع السياسي في البلاد منذ ان سلمت الولايات المتحدة الحكم الى مجموعة من السياسيين الذين تقاسموا السلطة وفقا للمحاصصة الطائفية.
وقد اطلق عليها تسمية ساحة الجندي المجهول ابان عهد "الزعيم" عبد الكريم قاسم، وبقي الامر كذلك الى حين تسلم صدام السلطة، فقرر نقل التمثال الى ساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء، ووضع لنفسه تمثالا برونزيا مكانه.
اجريت عمليات ترميم لهذه الساحة، لكن لم تصمد بسبب سوء تنفيذ المشاريع التي منحت الى شركات غير متخصصة على ما يبدو. وهذا جزء من الفساد المستشري الذي ينخر في البلاد. وقال سامر عبد الستار (32 عاما) وهو موظف في مصرف حكومي في منطقة الكرادة ان "الدمار والاهمال لا يطال الفردوس فقط، انما يشمل العراق بكامله".
اضاف "كل المشاريع الخدمية منحت لشركات فاشلة يهميمن عليها الساسة الجدد الذين وضعوا بصمة خراب في كل بقعة في البلاد". ويعاني العراق من بنى تحتية متهالكة بسبب تحكم السياسيين بعقود الإعمار التي تمنح بوساطتهم الى شركات غير مؤهلة او تصرف الاموال على مشاريع وهمية.
وكانت السلطات العراقية قررت اعادة بناء وتأهيل نصب وساحة الجندي المجهول كرمز تراثي في ساحة الفردوس، لكن ذلك لم يتحقق. وقد وضعت مجموعة من الشباب المتطوعين تمثالا من الجبس لم يصمد امام عوامل الطقس والامطار الى ان رفعته السلطات من الساحة.
ويتذكر محمد علي الامسيات التي كان يقضيها برفقة عائلته في الساحة التي وصفها بانها "كانت تتميز بنظافتها واضوائها". واضاف الرجل البالغ من العمر 45 عاما بتهكم "لم يبق من الساحة سوى اطلالها. يجب على مؤسسات دائرة الاثار ان تعمل من اجل ادخالها في المواقع الاثرية لانه على ما يبدو اعتبروها معلما اثريا لا يتدخلون في صيانته".
التعليقات