من الواضح أن تظاهرات الاحتجاج التي قادها التيار الصدري خلال اليومين الماضيين بقيادة زعيمه مقتدى الصدر الذي غادر إلى طهران اليوم قد أربكت الاجهزة الأمنية ودفعتها لتبادل الاتهامات عن المسؤولية في اقتحام المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان والاعتداء على نواب.. بينما اتهم علاوي القادة بمحاولة إضعاف الاحتجاجات دون البحث عن الاصلاح في وقت دعا المطلك إلى سحب الثقة من العبادي وتشكيل حكومة انقاذ وطني.
إيلاف من لندن: منذ يومين وجهت قوى سياسية ورسمية بينها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري اتهامات إلى القائد للقوات المسلحة بينها رئيس الوزراء حيدر العبادي بالمسؤولية عن اقتحام المتظاهرين المحتجين للمنطقة الخضراء باعتباره المشرف على قوات حمايتها وانه قد أوعز شخصيا لها بفتح بوابات الخضراء الامر الذي اضطر معه مكتبه لنفي هذا الامر.
وزارة الداخلية: لسنا مسؤولين عن حماية الخضراء
واليوم أكدت وزارة الداخلية العراقية ان مسؤولية أمن العاصمة وتأمين حماية مجلس النواب والوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية داخل المنطقة الخضراء تقع على عاتق عمليات بغداد والفرقة الخاصة المكلفة بحماية المنطقة.
وأشارت الوزارة في بيان صحافي الاثنين اطلعت "إيلاف" على نصه إلى أنّ بعض الحسابات الشخصية لأعضاء في مجلس النواب تداولت معلومات مغلوطة وغير صحيحة مطلقا بشأن مسؤوليتها في تأمين حماية مجلس النواب والوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية داخل المنطقة الخضراء.. محذرة من ان "ما تشيعه هذه الروايات والتصورات الخاطئة قد ينعكس سلبا في ذهن المواطنين عن المسؤولية الأمنية في بغداد وما قد يحصل فيها من خروقات وتعديات وتجاوزات".
وشددت الداخلية على انها لا تتحمل مسؤولية أمن العاصمة والمنطقة الحيوية "الخضراء" انما المسؤولية المباشرة تقع على عاتق عمليات بغداد والفرقة الخاصة المكلفة بحماية هذه المنطقة.. موضحة ان موارد وزارة الداخلية البشرية والمادية موضوعة تحت تصرف قيادات العمليات سواء في بغداد او المحافظات مشيرة إلى أنّ قيادات العمليات ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة مباشرة.
وقالت إن قيادات العمليات ومنها قيادة عمليات بغداد تستخدم موارد وزارة الداخلية بنسبة تزيد على 85 بالمائة..موضحة أن الوزارة ليس لها صلاحية التصرف في المركز والمحافظات الا بحدود الاوامر المحلية اما القيادة والسيطرة فهي بيد قيادات العمليات.
ونوهت الداخلية بأنّها سبق وأعلنت استعدادها وقدرتها على مسك الملف الأمني وقيادته بحسب الصلاحيات الدستورية وبحكم مواردها التي هي فعليا تحت تصرف قيادات العمليات "الا ان الاوامر لم تصدر بعد وهي تنتظر تولي مسؤولية الملف الأمني في اي مكان او منطقة او محافظة تكلف به".
وأكدت أنها لن ولم تتنصل من اي تكليف او امر يصدر لها بشكل قانوني ودستوري وستبذل كل ما بوسعها وفق القانون والدستور.. معربة عن استعدادها لكل طارئ ومسؤولية وطنية تسند اليها متسلحة بحماسة منتسبيها وتضحياتهم وتعاون المواطنين وتضامنهم معها.
وكان الالاف من المتظاهرين قد اقتحموا السبت الماضي المنطقة الخضراء وسط بغداد مقر الرئاسات العراقية والسفارات الاجنبية ووصلوا إلى داخل مبنى مجلس النواب العراقي رغم الاجراءات الأمنية المشددة وذلك بعد دعوة الصدر لـ "انتفاضة شعبية" تطالب بإلاصلاحات وذلك احتجاجاً على رفع جلسته السبت من دون التصويت على القائمة الثانية من التشكيلة الحكومية.&
&
علاوي مجتمعا مع الرئيس فؤاد معصوم |
&
والليلة الماضية انسحب الآلاف من المحتجين من أنصار التيار الصدري بعد اعتصامهم في ساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء التي تمكنوا من اقتحامها السبت وذلك من الاحتجاجات على التأخر في تشكيل حكومة جديدة ولوح المحتجون بالتصعيد في حال عدم تنفيذ عدة مطالب منها تشكيل حكومة تكنوقراط واللجوء إلى العصيان المدني او الاضراب العام.
الصدر يغادر إلى طهران
وقد غادر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى طهران اليوم بعد ان قاد السبت الماضي تظاهرات الاحتجاج التي اقتحمت المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان معلنا اعتكافه العمل السياسي لمدة شهرين تعبيرا عن عدم رضاه عن الاوضاع في البلاد.
فقد غادر الصدر النجف متوجها إلى إيران فيما تستمر أزمة سياسية يلعب فيها دورا اساسيا عبر المطالبة بالاصلاحات وتغيير الوزراء المرتبطين بالاحزاب المهيمنة على السلطة. وتوجه الصدر صحبة رجلي دين متوجها إلى مطار الامام الخميني جنوب طهران على متن طائرة تابعة لشركة طيران إيرانية.
وأعلن الصدر السبت اعتكافه عن النشاط السياسي لشهرين اثر فشل مجلس النواب في عقد جلسة للتصويت على وزراء مستقلين ضمن مشروع اصلاحات ما دفع بمتظاهرين غالبيتهم من انصار التيار الصدري إلى اقتحام المنطقة الخضراء مقر الحكومة ومجلس النواب بهدف الضغط على البرلمان للموافقة على حكومة من وزراء مستقلين تكنوقراط، واقالة الوزراء المرتبطين بالاحزاب المهيمنة على السلطة.
وأمس أعلنت إيران إلغاء رحلاتها الجوية إلى العراق بعد ان ردد المتظاهرون هتافات ضدها وضد قائد فيلق القدس المسؤول عن الملف العراقي قاسم سليماني.. وقال رئيس منظمة الحج والزيارة الإيراني سعيد أوحدي ان إلغاء رحلات الطائرات الإيرانية المتجهة إلى بغداد قد بدأ الأحد موضحا ان التظاهرات الحاشدة والأضرار التي لحقت ببعض الأماكن عرقلت رحلات الزوار الإيرانيين إلى بغداد.
وحذر أوحدي المواطنين الإيرانيين من التوجه إلى بغداد خلال هذه الأيام تحسبا لحدوث أعمال عنف واضطرابات أمنية حيث كان المئات من الإيرانيين يعتزمون المشاركة في مراسم احياء وفاة الامام موسى الكاظمة احد ائمة الشيعة الاثنا عشرية والموجود مرقده في منطقة الكاظمية التي ستشهد غدا الثلاثاء ذروة هذه المراسم التي كان الإيرانيون عادة ما يشاركون فيها.
وقد اظهرت تسجيلات فيديو انصار التيار الصدري وهم يهتفون لدى اقتحامهم مبنى البرلمان العراقي "إيران برة برة بغداد تبقى حرة".. و"اسمع يا سليماني انا الصدر رباني" في إشارة إلى قائد فيلق القدس المسؤول عن الملف العراقي الجنرال قاسم سليماني.&
واتهمت بعض الاوساط الشيعية البعثيين وانصار المرجع الشيعي العربي الصرخي بالاندساس بين المتظاهرين وترديد هذه الاتهامات متغافلة عن الشعور العام بالغضب لدى العراقيين من التدخل الإيراني السافر في شؤون بلادهم.&
&
علاوي يتهم الرئاسات بمحاولة إضعاف التظاهرات
اتهم رئيس ائتلاف الوطنية العراقية أياد علاوي الرئاسات الثلاث بمحاولة اضعاف زخم التظاهرات بدلا من البحث عن الاصلاح واصفا اجتماعاتها بالمخيبة للامال مؤكدا عدم المشاركة فيها مستقبلا.
وقال علاوي في رسالة مسربة موجهة إلى الرئيس العراقي فؤاد معصوم ونشرت نصها وكالات انباء واطلعت عليها "إيلاف" حول اجتماع الرئاسات الثلاث مع قادة الكتل السياسية أمس الاحد ان الاجتماع كان مخيبا للامال وانصب على محاولة اضعاف التظاهرات والاعتصامات ولم يشهد اي نية للاصلاح الحقيقي.
&
رسالة علاوي الى معصوم |
&
وأضاف علاوي في رسالته قائلا "اقترحت عليكم عقد مثل هذا الاجتماع واستغربت من محاولة ترك الامور الجوهرية كمناقشة ازمة العملية السياسية وتراجع الاصلاحات".. مؤكدا ان "اهتمام المجتمعين انصب على محاولة اضعاف فكرة التظاهرات والاعتصامات تحت ذريعة الربط بين المعتصمين والمتظاهرين السلميين من جهة وبين المندسين الذين انتهكوا حرمة مجلس النواب واعتدوا على بعض النواب من جهة اخرى".
وقال لقد "تبين لي لانه لا توجد نية للاصلاح الحقيقي باستثناء قلة من المجتمعين ولا توجد رغبة في بحث المشاكل الجوهرية وانما التشبث بظاهر ما حدث من دون مناقشة اسباب ما آلت اليه الامور".. مبلغا اياه بالقول "انني اود اعلامكم من اني لن احضر اي اجتماع بهذا المستوى من البحث الذي لا يرقى إلى معالجة جذور الازمة للوصول بالبلد إلى شاطئ الامان والسلام والاستقرار".
ومن جهتها أشارت المتحدثة الرسمية باسم ائتلاف الوطنية ميسون الدملوجي إلى ان علاوي ساهم في اجتماع الرئاسات الثلاث أمس بعد مقاطعة دامت عدة أشهر لإيصال موقف الائتلاف العلني والصريح من ان الأمور وصلت إلى طريق مسدود وليس أمامنا اليوم سوى إقالة رئاسة مجلسي النواب والوزراء وتشكيل حكومة انقاذ مدتها لا تزيد عن عام واحد تواصل الحرب على الإرهاب الداعشي وتحرير مدننا من دنسها مهمتها القيام بانتخابات شفافة ونزيهة، برعاية الأمم المتحدة مع استمرار عمل مجلس النواب من أجل تشريع قانون عادل للانتخابات واستبدال اعضاء المفوضية العليا (المستقلة!) للانتخابات".
وأضافت الدملوجي في تصريح صحافي تسلمت "إيلاف" نصه ان ما جاء في بيان الرئاسة حول الاجتماع لا يعكس حقيقة الطروحات التي دارت خلاله ولا يشير إلى خيارات انقاذ العراق من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية.
وكان اجتماع الرئاسات قد أدان "اقتحام مجلس النواب والاعتداء على عدد من أعضاء المجلس، وان ما حصل هو تجاوز خطير على هيبة الدولة، وخرق فاضح للاطار الدستوري يستدعي مقاضاة المعتدين امام العدالة" كما قال.. مكتفيا بقرار لمواصلة اللقاءات بين الكتل والقوى السياسية كافة بشكل مكثف خلال الأيام المقبلة من أجل ضمان حركة اصلاح العملية السياسية اصلاحا جذريا على حد قول الرئاسة.
المطلك يدعو لاقصاء العبادي
دعا رئيس إئتلاف العربية صالح المطلك اليوم الرئيس فؤاد معصوم إلى ارسال كتاب سحب الثقة من رئيس الوزراء حيدر العبادي وتشكيل حكومة انقاذ وطني.
وأشار المطلك إلى أنّه طالما أكد ضرورة إصلاح العملية السياسية وإخراجها من مربع الطائفية والإثنية وضرورة بنائها وفق المعايير الوطنية.. مشددا في بيان حصلت "إيلاف" على نصه على ان "رئيس الوزراء حيدر العبادي قد فقد بوصلة الإصلاح بل الأكثر من ذلك بدأ يستخدم عنوان الإصلاح لحل مشاكله الداخلية في كتلته ما ادخل البلد في سلسلة من الأزمات أدت إلى انقسام&مجلس النواب واعتصام المتظاهرين داخل المؤسسات الدستورية.&
وزاد بالقول "لقد حذرنا من التسويف والمماطلة بعملية الإصلاحات او القفز عليها حفاظا على المكاسب الحزبية او الفئوية الضيقة وكانت اعتصامات الانبار والمحافظات الست المنتفضة صرخة شعبية وطنية بوجه منهج العنجهية الحكومية والفساد المالي والإداري والطائفية المقيتة والظلم الذي وقع على أبناء الشعب العراقي بوجه عام وأبناء تلك المحافظات بوجه خاص.&
وأشار المطلك إلى أنّ السلطة بدلا من أن تتجه نحو تلبية مطالب المتظاهرين التي أكدت شرعيتها قامت بقمعها مستخدمة أبشع وسائل القمع.. موضحا ان التغيير الشكلي وبقاء المنهج&ذاته بعد انتخابات 2014 ولد إحباطا لدى أبناء الشعب العراقي خاصة بعد ان استمرت الانهيارات الأمنية وتمدد تنظيم داعش الإرهابي وتنامي ظاهرة السلاح المنفلت خارج إطار الدولة والفساد المالي والإداري.
وأضاف "أننا في الوقت الذي نؤيد فيه حق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي بل نشجعه وندعو إليه كوسيلة ضاغطة على الحكومة والكتل السياسية المتمسكة بالمحاصصة الطائفية إلا أننا نحذر في الوقت ذاته من توظيف التظاهرات ومعاناة الناس بغية تحقيق مصالح سياسية لأحزاب وكتل على حساب مصالح الشعب". ودعا الرئيس معصوم إلى ارسال خطاب بسحب الثقة عن رئيس مجلس الوزراء فورا وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وفق معايير الكفاءة والمواطنة للعمل الجاد من اجل إعادة التأم مجلس النواب العراقي بغية التصويت على حكومة الإنقاذ.
وشدد المطلك على ضرورة القيام بسياسة مراجعة شاملة لمجمل العملية السياسية وإعادة صياغتها بعقد سياسي جديد نواته وطنية لا طائفية.. مؤكدا "دعمه الكامل للتظاهرات المنادية بالإصلاح مع تحفظنا على دخول الأجندات الحزبية أو الكتلوية عليها".. وقال "نؤيد الحراك الإصلاحي الذي قام به النواب المعتصمون ومطالبهم بإقالة الرئاسات الثلاث رغم مأخذنا على وجود بعض الشخصيات".. وطالب الأمم المتحدة والجامعة العربية ودوّل الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم الكامل ومساعدة أبناء الشعب العراقي في مسعاه بتشكيل حكومة الإنقاذ.
يذكر ان العراق يعاني حاليا ازمات سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة نتيجة تعثر عمليات الاصلاح وتأخر التغيير الوزاري إضافة إلى انخفاض اسعار النفط ونفقات الحرب وتكاليفها ضد تنظيم داعش.
التعليقات