مرر مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء تشريعًا يسمح للناجين من هجمات 11 سبتمبر وذوي الضحايا الذين سقطوا في حوادث ذلك اليوم بمقاضاة الحكومة السعودية والمطالبة بالتعويضات، ما أثار حفيظة البيت الأبيض الذي هدد باستعمال حق نقض القرار (فيتو). وهذا الأمر ينذر بمزيد من التوتر في العلاقات السعودية – الأميركية.

غير قابل للتطبيق

أعلن جوش إيرنست، الناطق باسم البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيمارس حق النقض (الفيتو) في حال تم تمرير مشروع القانون في مجلس النواب أيضًا ورُفع إليه، ما يجعله غير قابل للتطبيق، ما يمكن أن يُدخل البيت الأبيض في مواجهة مع الكونغرس المتحمس لإصدار هذا القانون.

شريعة غاب

قال إيرنست الثلاثاء: "إن هذا القانون سيغيّر القانون الدولي التقليدي إزاء حصانة الدول، ويخشى الرئيس أوباما أن يضعف هذا القانون موقع الولايات المتحدة في مواجهة أنظمة قضائية أخرى في العالم"، موضحًا أن للولايات المتحدة التزامات في الخارج أكثر من أي دولة أخرى في العالم، خصوصًا عبر عمليات حفظ سلام أو عمليات إنسانية، وإعادة النظر في مبدأ الحصانة يمكن أن يسبب مخاطر لكثير من الأميركيين وللدول الحليفة.

إلا أن السيناتور الديمقراطي شاك شومر، الذي يدعم القانون، قال إن هذا التشريع الجديد سيساعد في إحقاق العدالة، "وأؤكد من دون أي شك أن أي دولة أجنبية متورطة في أعمال 11 سبتمبر الارهابية ستدفع الثمن، وإن كان لا صلة للسعوديين بهذه الهجمات فليس لديهم ما يخافون منه، وإن كانوا متورطين فيجب محاسبتهم، وأظن أن الديمقراطيين سيتغلبون على الفيتو الذي سيستخدمه الرئيس أوباما".

وقال السيناتور جون كورنين الجمهوري من تيكساس، إن التشريع قد صيغ بطريقة تضع الأميركيين هدفًا لدعاوى قضائية في دول أخرى.

وفي محاولة لتهدئة مخاوف البيت الأبيض، قال مقدما مشروع القانون، شومر وكورنين، إن فيه بنداً يسمح للمدعي العام التدخل لإيقاف أي دعوى قضائية، إن أكدت الادارة الأميركية أنها تفاوض الحكومة الأخرى لمعالجة المسألة. إلا أن مكتب السيناتور شومر أكد أن على الادارة الأميركية أن تقدم وثائق تفصيلية لهذه المفاوضات.

وكان الجبير قال في وقت سابق من هذا الشهر إن مشروع القانون هذا يؤثر سلبًا في مسألة الحصانة السيادية، ويحول القانون الدولي إلى أشبه بشريعة الغاب.

كما هددت السعودية في وقت سابق أنها ستبيع سندات خزينة أميركية تملكها بقيمة 750 مليار دولار مع أصول أخرى إن تم إقرار هذا القانون، وقد نقل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هذا التحذير إلى الأميركيين في مارس الماضي. إلا أن خبراء اقتصاديين عدة مقتنعون أن السعودية لن تنفذ وعيدها.

تساؤلات ومزاعم

لطالما ثارت تساؤلات حول الدور السعودي المزعوم في حوادث 11 سبتمبر، وحاولت عائلات بعض الضحايا مقاضاة سعوديين، بعد شائعات عن تمويل سعودي مزعوم للارهاب، إلا أنهم ما تمكنوا من ذلك بسبب قانون يعود تاريخه إلى عام 1976، يمنح الدول وحكوماتها حصانة من الملاحقة القانونية في المحاكم الأميركية.

ولم يتم التثبت من أي تورّط للسعودية في هذه الاعتداءات، مع أن 15 من منفذي الهجوم الـ19 سعوديون. وكان زكريا الموسوي الفرنسي، المدان بعلاقته بهذه الهمات، زعم لمحامين أميركيين في فبراير الماضي أن أفرادًا من العائلة المالكة السعودية دفعوا الملايين للقاعدة في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن السفارة السعودية في الولايات المتحدة نفت هذه المعلومات جملةً وتفصيلًا.

إن التعديل الذي مرره الكونغرس الثلاثاء يقدم استثناءات للقانون، من أجل مقاضاة دول وحكومات متهمة بالتورط في أعمال إرهابية ضد أميركيين على الأراضي الأميركية.&

صفحات سرية&

مصدر التكهنات في شأن دور السعودية المزعوم في الهجمات تقرير نُشر في عام 2002، أي قبل عامين من نشر لجنة 11&سبتمبر تقريرها النهائي، وهو نتيجة تحقيق أجراه الكونغرس بمشاركة الحزبين في الاخفاقات الاستخباراتية التي أدت إلى الهجمات.

وبموجب أوامر من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وقتذاك، صُنفت 28 صفحة من تقرير لجنة التحقيق المشتركة، الذي يقع في 838 صفحة، سرية وهي محفوظة الآن في خزانة مقفلة. وبحسب شهادات متعددة من مصادر رأت الصفحات، فإنها تتضمن قسمًا كاملًا عن العلاقات المزعومة بين سعوديين ومنفذي الهجمات، وبصفة خاصة العلاقات المزعومة بين الخاطفين وشبكة سعودية ساعدتهم حين وصلوا إلى كاليفورنيا.

قدمت الحكومة الأميركية أسباباً عدة لعدم نشرها الصفحات الثماني والعشرين، بينها الحفاظ على الأمن القومي. وكان مسؤولون سعوديون بين الداعين في حينه إلى نشر الصفحات، إذ قال السفير السعودي في الولايات المتحدة وقتذاك الأمير بندر بن سلطان في عام 2003: " ليس لدى المملكة العربية السعودية ما تخفيه، ونستطيع التعامل مع الأسئلة علنًا، لكننا لا نستطيع الرد على صفحات بيضاء".