التقى وزراء خارجية دول حلف شمال الاطلسي الخميس في بروكسل لوضع اللمسات الاخيرة على أكبر تعزيزات عسكرية للحلف منذ نهاية الحرب الباردة، بمواجهة ما يعتبرونه تصاعدا في "عدوانية" روسيا.


بروكسل: خلال قمة مرتقبة في وارسو في يوليو المقبل، سيصادق زعماء الاطلسي على نسخة منقحة من قرار ينص على نشر اكبر عدد من القوات في دول أوروبا الشرقية كجزء من استراتيجية "الردع والحوار"، بهدف تقديم ضمانات للحلفاء بأنهم لن يكونوا لوحدهم في محاولة تكرار ما حدث في اوكرانيا.

وقال الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ للصحافيين ان الاجتماع الذي يستمر يومين سيتطرق إلى "كافة القضايا المهمة" تحضيرا لقمة "تاريخية" في بولندا.

واضاف "سنناقش كيف يمكن للحلف الاطلسي ان يفعل المزيد لتحقيق الاستقرار (...) وفي الوقت نفسه مناقشة كيف يمكن للحلف التأقلم مع روسيا اكثر حزما لايجاد التوازن المناسب بين الدفاع والحوار".

وفي وقت لاحق، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري "يجب علينا مواصلة تعزيز قدراتنا الردعية من خلال تواجد متقدم وأكثر قوة" في الشرق.

وذكر كيري أيضا بالتعهد الذي اتخذته دول حلف شمال الاطلسي خلال قمة في ويلز في العام 2014، بوقف التراجع الكبير في الانفاقات الدفاعية المتواصل منذ التسعينات، ليعود خلال عقد من الزمن إلى مستوى يعادل 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

واكد ستولتنبرغ ان استراتيجية مساعدة البلدان غير المستقرة في الاعتماد على نفسها بدلا من انتظار الحلف دائما لأخذ زمام المبادرة، كانت أكثر فعالية، في اشارة الى التحديات المتزايدة في الجنوب، من النزاع في سوريا والعراق، وصولا الى انعدام الاستقرار في شمال افريقيا.

وأشار الى مخاوف من استغلال الجماعات الارهابية مثل تنظيم الدولة الاسلامية هذه الاضطرابات.

ففي تشرين نوفمبر ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية اعتداءات في باريس اسفرت عن مقتل 130 شخصا، وفي مارس قتل 32 شخصا في هجومين للجهاديين في بروكسل، حيث مقر حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي.

وفي الوقت الحالي، يواجه الاتحاد الاوروبي اسوأ أزمة مهاجرين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويسعى الى تعزيز التعاون مع حلف الاطلسي لمواجهة هذه المشكلة، خصوصا في مسألة دعم حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، حيث يرسخ تنظيم الدولة الاسلامية وجوده.

وفي هذا الصدد، ستنضم وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني الجمعة الى اجتماع وزراء خارجية الحلف.

وبين الدول الـ28 في الحلف، هناك 22 دولة من الاتحاد الأوروبي، حيث تتولى موغيريني الاشراف على مراجعة استراتيجيته الامنية الشاملة.

"نقاش متزن"

وكان السفير الأميركي لدى الاطلسي دوغلاس لوت قال الاربعاء ان وزراء الخارجية سيخوضون "نقاشا متزنا جدا حيال كيفية التعامل مع روسيا" التي اتهمها بـ "انتهاك الاسس".

وأضاف أن روسيا "ليست الشريك الذي يمكن التنبؤ بأفعاله كما كنا نعتقد".

وصادق الحلف في وقت لاحق الخميس على اتفاق انضمام مونتينيغرو، وهو سبب آخر للخلاف مع روسيا حيال مستقبل منطقة البلقان، الموطن التاريخي للحلفاء السلافيين.

اما جورجيا التي خاضت حربا قصيرة مع روسيا في العام 2008، فهي تسعى ايضا الى الانضمام للحلف. لكن ستولتنبرغ امتنع عن التعليق بشكل مباشر الخميس لدى سؤاله عن امكانية إحراز تقدم مماثل لتبليسي.

وأكد بدلا من ذلك ان الاطلسي سيواصل تعزيز التعاون، بما في ذلك التدريب العسكري، مع الجمهورية السوفياتية السابقة.

تجنّب سباق الى التسلح

وكان الامين العام للاطلسي حذر الاربعاء من "سباق تسلح جديد" مع روسيا.

وقال ستولتنبرغ "من مصلحة الجميع تجنب سباق جديد إلى التسلح"، مشيرا الى ان التعزيزات العسكرية للحلف "دفاعية ومتوازنة وتتوافق مع التزاماتنا الدولية".

وأدى قرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم في مارس 2014 والنزاع في شرق اوكرانيا، حيث يتهم الغرب روسيا بدعم المتمردين، الى توتر العلاقة بين الاطلسي والكرملين.

واشار ستولتنبرغ الى ان التعزيزات هي "الاكثر اهمية منذ نهاية الحرب الباردة". لكنه اوضح ان "الاطلسي لا يسعى الى مواجهة".

وفي الآونة الاخيرة، تجدد التوتر مع موسكو بسبب الدرع الصاروخية التي تقوم الولايات المتحدة والاطلسي بنشرها في أوروبا الشرقية.