دكار: استولى رئيس تشاد الاسبق حسين حبري الذي كان خبيرا استراتيجيا بارعا في حرب الصحراء، على السلطة بقوة السلاح في 1982 وتحول بسرعة الى رئيس نظام قمعي مروع ساد سنوات حكمه الثماني.

وحبري المتهم بارتكاب "جرائم ضد الانسانيى وجرائم حرب وجرائم تعذيب" الذي يلاحقه القضاء بعدما امضى 22 عاما في المنفى في السنغال، يحاكم في دكار امام محكمة افريقية خاصة ستصدر حكمها عليه الاثنين.

وقد وصفه المدعي الخاص مباكي فال بانه "الرئيس الحقيقي" لنظام القمع وقد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة مع الاشغال الشاقة.

وصف حبري بانه "مقاتل الصحراء" و"زعيم حرب". وقد اطلقت عليه صفات كثيرة للحديث عن المؤهلات العسكرية للرجل الذي التزم الصمت طوال جلسات محاكمته، ولم يتحدث سوى ليعبر عن رفضه للمحكمة والمحامين.

وتتطابق مسيرته في سبعينات وثمانينات القرن الماضي مع التاريخ المضطرب لتشاد المستقلة التي كان ثالث رئيس لها.

ولد حبري في 1942 في فايا لارجو (شمال) وعاش في صحراء جوراب بين الرعاة البدو. وقد لاحظ معلموه ذكاءه بسرعة.

واصبح حبري نائب رئيس الادارة المحلية في المنطقة ثم انتقل الى فرنسا في 1963 ليتابع تعليمه في معهد الدراسات العليا لما وراء البحار. وبعد ذلك درس الحقوق في باريس والتحق بمعهد العلوم السياسية واستكمل ثقافته السياسية بالاطلاع على كتب فرانتز فانون وارنستو "تشي" غيفارا وريمون ارون.

وبعد عودته الى تشاد في 1971 التحق بجبهة التحرير الوطني لتشاد (فرولينا) التي تولى قيادتها قبل ان يؤسس مع شمالي آخر هو غوكوني عويدي مجلس القوات المسلحة للشمال.

واعتبارا من 1974 اكتسب شهرة في الخارج باحتجازه رهينة لثلاث سنوات عالمة الاتنيات الفرنسية فرنسواز كلوستر مما اجبر فرنسا على التفاوض مع المتمردين.

وبعد ذلك اصبح رئيسا للحكومة في عهد الرئيس فيليكس مالوم الذي قاطعه فيما بعد، ثم وزيرا للدفاع في عهد غوكوني عويدي رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في 1979.

- المعارضون يعتقلون ويعذبون ويعدمون -

وقام هذا القومي المعارض بشدة للزعيم الليبي حينذاك معمر القذافي الذي يؤيده عويدي، بمقاطعة حليفه السابق وبدأ حربا اهلية في نجامينا التي اضطر للانسحاب منها في نهاية 1980.

ومن شرق تشاد استأنف النضال ليقاتل نظام عويدي المدعوم من طرابلس، ودخل نجامينا منتصرا في 1982. واستمر حكمه الذي لقي تأييد فرنسا والولايات المتحدة، ثماني سنوات.

واتسمت سنوات حكمه الثماني بقمع مروع. وكان يتم توقيف المعارضين -- الحقيقيين او المفترضين -- من قبل ادارة التوثيق والامن، وتعذيبهم وغالبا اعدامهم.

وقدرت لجنة للتحقيق باكثر من اربعين الفا عدد الذين ماتوا في المعتقلات او اعدموا في عهده، بينهم اربعة آلاف تم التعرف عليهم باسمائهم.

في كانون الاول/ديسمبر 1990، غادر حسين حبري نجامينا بسرعة هربا من هجوم خاطف شنه متمردو ادريس ديبي (الرئيس التشادي الحالي) الذي كان احد جنرالات الجيش وانشق قبل 18 شهرا ثم اجتاح البلاد انطلاقا من السودان.

لجأ حبري الى دكار حيث عاش بهدوء لاكثر من عشرين عاما.

في السنغال، خلع حبري لباسه العسكري ليرتدي عباءة ملونة. وقد لقي هذا المسلم الممارس للشعائر الدينية تقدير جيرانه الذين يؤدي الصلاة معهم وكان سخيا بمشاركته في بناء مساجد.

وفي صيف 2011 عندما اعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد فجأة انه يريد ترحيله وتسليمه الى نجامينا، تظاهر سكان حي واكام تعبيرا عن تأييدهم لحبري واكدوا ان لديه زوجة واطفالا سنغاليين.

وفي نهاية المطاف، اوقف في 30 حزيران/يونيو 2013 في دكار واتهمته محكمة خاصة انشأها الاتحاد الافريقي بارتكاب "جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب". وقد اودع الحبس الموقت.