إيلاف من بغداد: استعاد عراقيون ذكريات زيارة الملاكم محمد علي كلاي لمدينة بغداد في شهر أكتوبر عام 1990، التي وصلها من أجل مقابلة الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، للتوسط للإفراج عن رعايا أميركيين كانوا يعملون في الكويت بعد اجتياحها، ومن تم احتجازهم داخل عدة منشآت، داخل العراق، تابعة لوزارة (التصنيع العسكري) تم توزيعهم عليها كدروع بشرية كي ﻻ يتم استهدافها من قبل طائرات التحالف الدولي بقيادة الوﻻيات المتحدة الأميركية، بعد رفض النظام العراقي الخروج من الكويت، وقد هددت أميركا بإخراج القوات العراقية بالقوة من الكويت حيث كانت، فيما بعد، عملية عاصفة الصحراء عام 1991 او ما سماها النظام العراقي بـ(أم المعارك)، وكذلك استذكروا زيارته بعد اشهر مرة اخرى لبغداد عام 1991 ليتضامن مع الشعب العراقي بعد أن فرض مجلس الامن الدولي حصاراً اقتصادياً على العراق كانت معاناة الناس منه كبيرة، وكان كلاي من ضمن طليعة الشخصيات التي زارت العراق ليسجل موقفاً إنسانياً على الرغم من معاناته من مرض (الباركسون).
وتجيء هذه المبادرة الاولى كواحدة من المواقف الانسانية المميزة لكلاي لحماية ارواح المدنيين بعد ان فشل سياسيون في محاولة انقاذهم، فيما تجيء الثانية لتؤكد أن انسانية كلاي عالمية وليست فقط اميركية.
زيارة الافراج عن الرهائن
ولم تأتِ زيارة كلاي الاولى لبغداد من اجل مقابلة صدام حسين تحديدًا،&بل كان هدف الزيارة واحدًا، وهو من اجل انقاذ الرهائن، وقد نجح في ذلك وعاد الى أميركا ومعه الرهائن بعد ان رد صدام على محمد علي كلاي على هذه المبادرة بالإيجاب وافرج عن ستة عشر أميركيًا، كانوا معتقلين في بغداد، وقال له: “لن نجعل الحاج محمد علي يعود إلى أميركا بيدين فارغتين ودون أن يرافقه عدد من الأميركيين الموجودين لدينا”.
وبالفعل أفرج صدام في حينه عن ستة عشر أميركياً وعادوا بالطائرة مع محمد علي إلى بلادهم، لكن الحرب اندلعت بعد ستة أسابيع من الإفراج عن الرهائن، وانسحب العراق من الكويت بخسائر فادحة في صفوف جيشه.
ويذكر الاعلامي مهدي العامري: شخصيًا انا كانت لي مشاهدة ومعايشة ميدانية مع الرهائن الأميركيين في إحدى منشأت التصنيع العسكري، حيث كانت تجلب لهم المأكوﻻت الساخنة من فندق الحمراء اﻻ انهم كانوا يرفضون اﻻكل، وفي احدى زيارات صدام لهم رفضوا الجلوس معه ومنعوا اﻻطفال من ذلك خشية على حياتهم، بعدها تكالبت الزيارات لمسؤولين منهم الأميركي رامزي لارك والبريطاني جورج غالاوي واخرون، اضافة الى صحافيين عالميين اجروا حوارات مع صدام من اجل اطلاق سراح الرهائن، وقد نجح الجميع لتبدأ حرب الخليج الثانية عام 1991، والتي الى الآن آثارها باقية، وقد أعادت العراق الى ما قبل الثورة الصناعية في اوروبا، على حد وصف وزير الخارجية اﻻميركي في ذلك الوقت جيمس بيكر.
زيارة التضامن ضد الحصار
لكن محمد علي كلاي عاد الى بغداد مرة ثانية عام 1991 للتضامن مع الشعب العراقي بعد فرض الحصار الاقتصادي وتزايد الازمات العراقية مع العالم، وقد اقام كلاي في فندق الرشيد وكان يمازح الصحافيين بلكماته!!، على الرغم من أن الاهتمام كان منصبًا حينها على الشخصيات السياسية، ومنهم السويدي (رالف ايكيوس) الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة للأمم المتحدة لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.
ولم تكن زيارة كلاي لبغداد مقتصرة على مساهمته بالتضامن عبر حضور مؤتمر دولي اقيم للمناسبة، بل ان العراقيين احتفوا بالملاكم العالمي المسلم الذي طالما تابعوا نزالاته وافرحتهم انتصاراته، خاصة ان اخباره كانت تجتذب العراقيين اليها، فكان لزيارته برنامج حافل من اهمها زيارة المراقد المقدسة في بغداد وكربلاء والنجف، والطريف فيها هو تواجده في شارع وحدائق ابو نؤاس وتناوله السمك المسكوف وقد ابدى اعجابه عملاً بالمثل القائل (لم يزر بغداد من لم يزر شارع ابو نؤاس)، كما زار الجامعة المستنصرية ببغداد واصطحبه رئيسها في حينها الدكتور رياض الدباغ في جولة في أرجائها،&كما التقى الرياضيين البارزين فيها، كما زار مؤسسات اخرى، كما ان كلاي اطلق تصريحات مؤيدة لحل الازمة بالطرق السلمية بعيدًا عن الحرب والدمار.
لقاء مع صحافي
الى ذلك يذكر الصحافي العراقي عبد الرزاق الربيعي لقاءه بكلاي قائلاً: سلمت عليه بتحية الإسلام، فردّ عليّ، مدّ لي يدًا مرتعشة، وصافحني، فقال له مرافقه الباكستاني عن هدف لقائي به، فوافق، ولكن بعد تناوله وجبة الغداء، وهذا ما كان، إذ بعد أن انتهى من وجبة الغداء ناداني، فجلست معه، وقام بعملية الترجمة مرافقه الباكستاني.
واضاف: وبعد انتهاء الحوار استأذنته لالتقاط صورة للحوار، فأراد أن نمثل أمام الكاميرا، وكأننا في نزال، وكان قد انضم لمراقبة المشهد صديقي المخرج وديع نادر، فطلب مني كلاي، وكان يحب المزاح كثيراً، توجيه لكمة له، فقبضت أصابعي، ومددت يدي ضاحكاً، فيما حرك يده باتجاهي، نظرت في عينيه الصغيرتين المفتوحتين عن آخرهما، فأحسست بالرعب، وتخيلت رعب منافسيه الذين خسروا نزالاتهم تحت لكماته الموجعة، ولكن ما طمأنني هو أن يده كانت ترتعش، وكان مرض الباركنسون قد حال دون خسارتي النزال، فكسبت لقاء سيظل في ذاكرتي على امتداد تجربتي مع العمل الصحفي، برجل وصف بالأسطورة. & &
يذكر ان العراقيين عام 1965 إحتفلوا احتفالات غير اعتيادية واقاموا نشاطات عديدة بعد اعلان اعتناق الملاكم الاميركي الاصل محمد علي كلاي الاسلام، فيما كانت جموع الجماهير تخرج في مواكب سعيدة واحتفالات بهيجة واسعة بعد كل فوز يحققه على خصومه، ويتم فيها تبادل التهاني وتوزيع القبل والحلوى بين عامة الناس.
فيديو لزيارة محمد علي كلاي للعراق ولقاء الرئيس الأسبق صدام حسين
&
التعليقات