قال خبراء في شؤون الجماعات الجهادية إن مبايعة أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لزعيم جماعة طالبان تهدف إلى توطيد مكان ومكانة التنظيم في أفغانستان، لاسيما أنها تمثل المعقل الرئيسي للجماعة منذ تأسيسها على يد أسامة بن لادن.

إيلاف من القاهرة: بث زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري تسجيلاً صوتياً جديداً أعلن فيه مبايعته لأمير جماعة طالبان الأفغانية، وقال في التسجيل الصوتي ومدته 14 دقيقة: "استمرارًا على طريق الجهاد وسعيًا في جمع كلمة المجاهدين، واقتداءً بقادتنا الشهداء، فإني بوصفي أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد أتقدم إليكم ببيعتنا لكم مجددًا نهج الشيخ أسامة (بن لادن) في دعوة الأمة المسلمة لتأييد الإمارة الإسلامية وبيعته".

وأضاف: "نبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله وعلى سنة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم، ونبايعكم على إقامة الشريعة حتى تسود بلاد المسلمين حاكمة لا محكومة، قائدة لا مقودة، لا تعلوها حاكمية ولا تنازعها مرجعية".

تهميشٌ واضمحلال&

ووفقاً للشيح نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد السابق في مصر، فإن تنظيم القاعدة يعاني من التهميش واضمحلال دوره في المرحلة الراهنة، بعد مقتل مؤسسه ومموله أسامة بن لادن، مشيراً إلى أن التنظيم يمر بأضعف حالاته الآن، لاسيما بعد تولي أيمن الظواهري قيادته.

وأضاف لـ"إيلاف" أن تنظيم القاعدة لم يعد له وجود فعلي في العالم، ويتمركز فقط في أفغانستان واليمن، منوهاً بأن هناك حالة من الصراع بينه وبين تنظيم "داعش"، الذي استطاع سحب البساط من تحت قدميه، والفوز بالتمويلات الضخمة التي كانت تصل إلى القاعدة.

ولفت إلى أن استمرار التواجد على الساحة الإعلامية، والقيام بعمليات تفجيرات في مختلف المناطق من العالم وقتل الناس، تعني إستمرار التمويلات التي يحصل عليها أي فصيل من التنظيمات الإرهابية في العالم، من مختلف الجهات التي لديها مصالح لتدمير العالم الإسلامي وتشويه صورة الإسلام.

وأفاد بأن مبايعة الظواهري للملا هيبة الله زعيم طالبان، تهدف إلى استمرار التحالف بين القاعدة وطالبان، حتى يضمن استمرار الحاضنة الأفغانية لـ"القاعدة"، واستمرار حمايته شخصياً واختباءه من أجهزة المخابرات الأجنبية، وحتى لا يلقى مصير بن لادن.

وحسب وجهة نظر، الدكتور سامح عبده، الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، فإن هناك تحالفًا استراتيجياً بين "طالبان" و"القاعدة"، مشيراً إلى أن الظواهري يسير على نهج سلفه بن لادن، كما قال في تسجيله الصوتي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن ما حصل هو تجديد البيعة لأمير طالبان الجديد الملا هيبة الله أخند زادة، مشيراً إلى أن تجديد البيعة، يمثل تجديداً للتحالف الإستراتيجي بين الجماعتين الجهاديتين، وإستمرارهما على النهج نفسه، في مواجهة الغرب وتنظيم "داعش".

وأوضح أن هناك صراعًا شديدًا بين "داعش" و"القاعدة"، لاسيما بعد أن نصب أبو بكر البغدادي نفسه خليفة للمسلمين، بينما ينادي تنظيم القاعدة بالخلافة، ولكنه يضع شروطاً لتحققها.

ولفت إلى أن "داعش" يكفر "القاعدة" والعكس أيضاً، وكلاهما يختلف فكرياً، لافتاً إلى أن تحالف "القاعدة" و"طالبان" يوالي إيران، ولا يجد حرجاً من التحالف مع الشيعة في مواجهة الغرب والأنظمة العربية، والدليل أن الملا أختر منصور أمير طالبان الذي قتل في غارة أميركية كان في إيران قبل مقتله بأيام.

ونبه إلى أن "داعش" يعتبر أن الشيعة هم العدو الأول، ويسعى إلى محاربتهم، واسقاط الأنظمة العربية، باعتبارها العدو القريب.&

وذكر أن الصراع بين الكتلتين اتضح بشكله الأشرس في سوريا، واستطاع كلا الفريقين النيل من قيادات الآخر، والتمثيل بجثثها.

وأشار إلى أن المبايعة العلنية من خلال تسجيل صوتي تبعث برسالة إلى داعش، بضرورة الابتعاد عن مناطق نفوذ طالبان والقاعدة في آسيا، لاسيما بعد أن هدد "داعش" بنقل عملياته إلى الهند.

استعادة العلاقة

وقال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الافتاء المصرية، إن تنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري يسعى إلى استعادة العلاقة القوية مع حركة طالبان الأفغانية باعتبار أن الأخيرة هي الحاضن الأكبر لتنظيم القاعدة.

وأوضح المرصد في تقرير تحليلي للتسجيل اليوم الأحد، أن العلاقة بين الطرفين قد تعرضت إلى هزة عنيفة إبان فترة الزعيم السابق لطالبان الملا أختر منصور، والذي رفض دعوة الظواهري إلى شن هجمات على المملكة العربية السعودية وحلفائها الغربيين، ردًّا على إعدام المملكة 43 عضوًا بالتنظيم، وأكدت طالبان رفضها القاطع: "القيام بأي عمل عسكري خارج أفغانستان"، وتبرؤها من تنظيم القاعدة وسياساته، وتأكيدها على سعيها نحو إيجاد علاقات جيدة مع العالم، وهو ما تسبب في حدوث هوة وشقاق بين الحركتين، وتباعد في العلاقة صب في صالح تنظيم "داعش"، على حد قول المرصد.

وأضاف المرصد، أن تنظيم القاعدة يأمل أن تحمل الزعامة الجديدة لحركة طالبان بقيادة هيبة الله أخند زاده بوادر عودة العلاقة القوية مع تنظيم القاعدة، خاصة أن العمليات النوعية التي قامت بها الحركة في ظل الزعامة الجديدة توحي ببدء فترة صدام وتصاعد للعمليات الإرهابية التي تستهدف العناصر الأفغانية والأجنبية في أفغانستان، وتوجه جديد للحركة نحو مزيد من التصعيد والصدام مع القوى الدولية.&

وقال المرصد إن المرحلة المقبلة ستكشف عن التوجه الحقيقي لحركة طالبان، ومدى استجابتها لمحاولات القاعدة إعادة العلاقة القوية بين الطرفين، واستعادة القاعدة للحاضنة الأكبر والأهم لها منذ نشأتها، خاصة وأن حركة طالبان تتمتع بعلاقات جيدة مع عدد من الدول الإسلامية، كما أنها تحرص على أن تظل عملياتها داخل أفغانستان دون أن تمتد إلى خارجها، وهو العنصر الجوهري في الخلاف بين القاعدة وطالبان، حيث تمتد عمليات القاعدة إلى مختلف الدول دون قيود أو حدود، في حين يظل نشاط طالبان داخل حدود الدولة الأفغانية.
&