تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حالة واسعة من الارتباك فيما تلاها من صدمة. وهنا نسلط الضوء على بعض أهم الأسئلة المطروحة وتحتاج إلى إجابات في أعقاب استفتاء الخميس.

متى تغادر بريطانيا؟ لماذا لم تغادر بالفعل؟

لكي تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي يتعين عليها الاحتكام رسميا إلى المادة 50 من اتفاقية لشبونة. ولم تنسحب أي دولة على الإطلاق من الاتحاد وبالتالي فإن المادة 50 لم يختبر تنفيذها بعد.

وبمجرد إعلان الاحتكام إلى المادة 50 في رسالة أو خطاب، يمكن أن تبدأ عملية الانسحاب الرسمية من الاتحاد الأوروبي، وهي المرحلة التي تملك فيها المملكة المتحدة عامين للتفاوض بشأن انسحابها مع الدول الأعضاء الأخرى. وتعد عملية إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي معقدة للغاية، وقد تأخذ العملية وقتا أطول من ذلك.

وفي خطاب بعد إعلان نتائج الاستفتاء، قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي دعم حملة البقاء، إنه سيستقيل من منصبه في أكتوبر/ تشرين أول وسيترك الأمر لخليفته كي يقرر متى تنفيذ المادة 50.

ويقول المؤيدون لمغادرة بريطانيا إنهم يريدون عقد مباحثات غير رسمية مع الاتحاد الأوروبي أولا، غير أن وزيري خارجية فرنسا وألمانيا دعوا إلى تنفيذ المادة 50 في أسرع وقت لتفادي إطالة فترة الغموض.

هل يمكن أن يؤدي الخروج إلى تقسيم المملكة المتحدة؟

على عكس إنجلترا وويلز، صوتت الغالبية العظمى في أسكتلندا لصالح البقاء في الاتحاد، وقالت الوزيرة الأولى للبلاد نيكولا ستيرجين إنه "غير مقبول ديمقراطيا" للبلاد أن تُخْرج من الاتحاد خلافا لإرادتها.

وتقول ستيرجون إنه من المرجح للغاية إجراء استفتاء ثانٍ لاستقلال للبلاد، وتشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن قرابة 60 في المئة من الاسكتلنديين يؤيدون الانفصال عن بريطانيا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي.

وأشار خبير دستوري إلى أن اسكتلندا يمكنها المضي قدما وفقا لقوانينها ورفض خروج بريطانيا، على الرغم من أن البعض رفض هذه الفكرة واعتبرها تطرفا.

وصوتت أيرلندا الشمالية كذلك لصالح البقاء، ودعا نائب وزيره الأول مارتن ماكغينيس، من حزب "الشين فين"، إلى إجراء استفتاء بشأن الوحدة بين الشمال والجنوب، الواقع خارج حدود المملكة المتحدة، والبقاء في الاتحاد الأوروبي.

لكن وزيرة شؤون ايرلندا الشمالية، تيريزا فيليرز، ومقرها ويستمنيستر، استبعدت الدعوة إلى استفتاء، وقالت إنه ليس هناك إطار قانوني للدعوة إليه.

وهناك حالة غموض بشأن ما إذا كان ما يُسمى بـ "الحدود شديدة الإجراءات" التي ينبغي وضعها حيز التنفيذ بين الشمال والجنوب في حالة خروج الشمال من الاتحاد الأوروبي.

هل تتخلى حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي عن وعودها؟

وخلال ساعات من النتائج، اتهمت حملة الخروج بالتراجع عن الكثير من وعود الحملة الرئيسية.

ومن بين الوعود، الادعاء الواضح بأن المملكة المتحدة ستسترد 350 مليون جنيه إسترليني تمنح للاتحاد الأوروبي أسبوعيا وإنفاقها على هيئة الخدمات الصحية الوطنية. وشن كثيرون انتقادات واسعة على هذا التعهد خلال الحملة الذي أشارو إلى أن الـ 530 مليون جنيه إسترليني هي مساهمة بريطانيا الإجمالية، وأن البلاد تستفيد في المقابل بمبالغ مالية كبيرة من الاتحاد الأوروبي.

وتوصل معهد الدراسات المالية في بريطانيا خلال الحملة إلى أن الـ 360 مليون جنيه إسترليني التي أرسلتها بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2014 بلغ صافي مساهمتها 109 ملايين جنيه إسترليني.

ونأى مؤيدون رئيسيون لحملة الخروج، من بينهم نيغل فاراج وبوريس جونسون ودونكن سميث منذ ذلك الحين بأنفسهم من وعد توفير 350 مليون جنيه إسترليني، إضافة إلى زعم دونكن سيمث بأن الأمر كان بمثابة "إمكانية" وليس تعهدا.

وأثيرت شكوك حول وعود أخرى للحملة، منها "استعادة السيطرة على حدود بريطانيا" والحد من الهجرة، لكن شخصيات رئيسية في الحملة أشارت من ذلك الحين إلى أن المملكة المتحدة ربما تحتاج إلى القبول بشرط حرية الحركة لإمكانية الوصول إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي.

"الكثير من الأمور التي قيلت في وقت سابق لهذا الاستفتاء ربما نريد التفكير بشأنها مجددا"، حسبما ذكر الوزير السابق والمؤيد لحملة الخروج من حزب المحافظين، ليام فوكس.

هل تفقد السياسة البريطانية قوتها؟

وأظهرت الأيام منذ التصويت مشاهد من الارتباك السياسي غير المسبوق في التاريخ السياسي الحديث للبلاد إلى جانب حالة اضطراب شديدة طالت الحكومة والمعارضة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الإثنين: "بلد مشهور باستقلاله السياسي والقانوني ينحدر نحو الفوضى".

وصباح الجمعة، أعلن رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، استقالته بعد عام واحد من ولايته الثانية، وأعلن أنه سيستمر حتى أكتوبر/ تشرين أول من أجل انتقال سلس.

عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، قاد حملة الخروج من الاتحاد

ويتعين على حزب المحافظين الآن إيجاد قائد جديد لكنه يشهد حالة انقسام شديدة بسبب الاستفتاء. ويعتبر الأوفر حظا لهذا المنصب هو عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، الذي قاد حملة الخروج. ويضم المنافسون الآخرون وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، ووزير المالية، جورج أوزبورن، لكن الإثنين كانا من بين الجناح الخاسر في الاستفتاء.

وسيلقي هذ بطبيعة الحال الكرة في ملعب حزب العمال، المعارضة الرئيسية في البلاد، لكن الحزب يجد نفسه في أزمة، إذ قدم عدد كبير من وزراء حكومة الظل استقالتهم في أعقاب الاستفتاء، وكذلك قبيل تصويت غير متوقع بشأن سحب الثقة من زعيمه جيرمي كوربن.

ويعتقد العديد من نواب حزب العمال بأن كوربن فشل في تعبئة ناخبي حزب العمال لتأييد حملة البقاء وبأنه سيفشل في اقتناص فوز سريع في الانتخابات العامة التي يحتمل الدعوة إليها في وقت متأخر من العام.

هل شجعت حملة الخروج على العنصرية؟

لا توجد إحصاءات رسمية، لكن عددا كبيرا من التقارير على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إساءات عنصرية ارتبط بفوز حملة الخروج. ووثقت الشرطة عددا من الحوادث الهامة.

ففي منطقة هامرسميث، غرب لندن، رُسم جرافيتي عنصري على واجهة مدخل الرابطة الاجتماعية والثقافية البولندية.

وفي كامبريدجشير، تحقق الشرطة في بطاقات ألقيت داخل صناديق بريد وتُركت خارج مدرسة مكتوب عليها عبارة "اتركوا الاتحاد الأوروبي/ لا للمزيد من الحشرات البولندية".

وثمة عدد كبير من التقارير على مواقع التواصل الاجتماعي لمستخدمين يوجهون إساءات لآخرين يعتقد بأنهم مهاجرون. وواجهت حملة الخروج اتهامات بأنها شجعت على العداء إزاء المهاجرين.

ما سيحدث للمهاجرين بالفعل في المملكة المتحدة؟

من المحتمل أن يُمنح مهاجرو الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة تصريحا بالبقاء، إذ لم تدع حملة الخروج إلى ترحيلهم، لكن ليست هناك ضمانات لهذه المرحلة.

وبموجب القانون الحالي لحرية الحركة في الاتحاد الأوروبي، فإن المواطنين لديهم كامل الحرية في السفر والاستقرار في أي من الدول الأعضاء. وإذا تفاوضت بريطانيا في الإبقاء على حرية الحركة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، لن يتضرر مهاجرو الاتحاد في المملكة المتحدة وعددهم ثلاثة ملايين ومهاجرو بريطانيا في الخارج وعددهم 1.2 مليون شخص.

غير أن الحكومة البريطانية قد تجد نفسها تحت ضغط شديد للانسحاب من حرية الحركة بعدما تعهدت حملة الخروج بالحد من الهجرة الأوروبية. وهذا من شأنه أن يلزم المواطنين البريطانيين الحصول على فيزا للعمل أو العيش في الخارج، ونفس الإجراء بالنسبة لمواطني الاتحاد الأوروبي الراغبين في الاستقرار في بريطانيا.

ولا يتعرض المهاجرون من خارج الاتحاد الأوروبي لأضرار بسبب هذا التغيير.